Flag Counter

Flag Counter

Friday, June 21, 2019

ماهي اسباب أزمة قروض الرهون العقارية 2007/2008؟

كليفلاند هي ثاني أكبر مدن ولاية أوهايو الأمريكية من حيث عدد السكان الذي يبلغ ٥٠٠ ألف نسمة تقريبا. تشتهر مدينة كليفلاند بالصناعات ويعتبر المستشفى الذي يحمل إسم المدينة أحد أهم منشآت العلاج الطبي في الولايات المتحدة والعالم. ولكن تلك المدينة الوادعة كانت على موعد مع حديث هام على المستوى العالمي, إنهيار سوق الرهون العقارية المتدنية الجودة 2007/2008 حيث أن تزايد إعلان حالات العجز عن سداد القروض العقارية بين مواطني الولاية هي السبب في لفت الإنتباه الى وجود مشكلة ما في سوق وول ستريت تتعلق بالتزامات الدين المكفول(CDO – Collateral Damage Obligation) والتي من المفترض أنها مصنفة كاستثمارات آمنة عبر ما يعرف بمبادلة مخاطر الائتمان(CDS – Credit Default Swap).
خلال الفترة من 2004 الى 2006, ارتفع سعر برميل النفط بأكثر من 30 دولار من 35دولار الى 68 دولار للبرميل وكذلك سعر الفائدة. سعر الفائدة لعمليات الإقتراض الداخلية بين البنوك والمؤسسات المصرفية(Federal Funds rate) إرتفع 5% خلال تلك الفترة. أسعار المحاصيل ارتفعت بشدة وكذلك أسعار المواد الغذائية والتموينية والمواد الأولية مما أطلق العنان لأسوأ أزمة مالية وإقتصادية مر بها الاقتصاد العالمي منذ إنهيار سوق وول ستريت 1929-1933.
ولكن هناك من يرى أن الأزمة المالية 2007/2008 والتي كادت تعصف بالإقتصاد العالمي ليس لها علاقة بنوعية الأصول المالية المتداولة في سوق وول ستريت وأسواق البورصة حول العالم, الصدمة النفطية التي تمثلت بإرتفاع أسعار النفط الى مستويات غير مسبوقة هي السبب في تلك الأزمة. بل إن بعض الأراء تعتقد أن أربعة من أخر خمسة أزمات كساد مر بها العالم كانت أزمات طاقة سببها ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط. خلال الفترة 2002-2008, إرتفعت أسعار النفط 500% وتجاوزت حاجز 100 دولار للبرميل. ولكن هناك أراء أخرى ترى أن بداية الأزمة الاقتصادية 2007/2008 تتمثل في انخفاض غير مسبوق في مبيعات قطاع السيارات بما يشمله من قطع تبديل وصيانة وذلك بسبب ارتفاع أسعار الوقود التي بلغت سنة 2008 4 دولارات أمريكية للغالون وعزوف عدد كبير من الأمريكيين بسبب ذلك عن شراء سيارة خصوصا من يقومون بذلك لأول مرة.
الولايات المتحدة كغيرها من الدول المستوردة للنفط لديها حساسية من أي ارتفاع لأسعار تلك المادة الحيوية. ولكن ذلك ليس له علاقة بعدم قدرتها على رفع مستوى الإنتاج فهي أعلنت مؤخرا تحولها الى دولة مصدرة للنفط سنة 2017/2018 ولكنها مسألة لها علاقة باعتبارات سياسية بالدرجة الأولى. المواطن الأمريكي يتأثر بإنخفاض أو ارتفاع  أسعار الوقود وتلك مسألة لها أهمية فيما يتعلق بالإنتخابات سواء الرئاسية أو الكونجرس. ولكن شركات النفط خصوصا في ولايتي تكساس ولويزيانا تستفيد بشكل رئيسي من ارتفاع أسعار الذهب الأسود فهي تجني أرباحا تقدر بالمليارات وتوفر وظائف في المجتمعات التي تتواجد فيها. إن مسألة انخفاض أو ارتفاع أسعار النفط بالنسبة للولايات المتحدة  وحتى دول أوروبا واليابان تعتبر مسألة تتناقض بطريقة تثير دهشة المتابعين. فمن جهة, هناك شركات النفط والقطاعات المرتبطة بها والتي تجني أرباحا هائلة, ولكن هناك القطاع الصناعي الذي يتضرر بشدة يليه قطاعات أخرى مثل قطاع السياحة وقطاع البيع بالتجزئة وقطاع الخدمات.
إن الدين(Debt) والتي يطلق البعض عليها تلطفا كلمة (Leverage) لا تعتبر مشكلة مزمنة في ظل أسعار فائدة منخفضة حيث يمكن بإستمرار الحصول على المزيد من القروض وإعادة جدولة القروض السابقة. كما أن ارتفاع الطلب على السلع والخدمات في ظل أسعار فائدة منخفضة يعني تكوين فقاعات إقتصادية سوف تنفجر مخلفة ورائها أزمات مالية في حال ارتفاع أسعار الفائدة. الولايات المتحدة مدينة بما يقدر 20 تريليون دولار أمريكي وأي شخص لديه مهارات أساسية في الرياضيات يستطيع حساب خدمة الدين الأمريكي مع كل زيادة 1% في أسعار الفائدة. الولايات المتحدة لديها حساسية بالغة ليس فقط من ارتفاع أسعار النفط بل من ارتفاع أسعار الفائدة وهما أمران متلازمان, سعر مرتفع لتلك المادة الحيوية يعني إنخفاض السيولة المتوفرة وإرتفاع سعر الفائدة على الإقراض والعكس صحيح. نسبة الدين الذي تراكم على المواطن الأمريكي مقارنة بصافي الدخل بعد خصم الضرائب قد إرتفع من 88% سنة 2000 الى 125% منتصف سنة 2008, بريطانيا ارتفع 20 نقطة مئوية, أستراليا 100% الى 160% وكندا 100% الى 130% خلال نفس الفترة. ارتفاع أسعار النفط في الفترة 2005-2007 قد أدى الى إنتقال حوالي تريليون دولار أمريكي من الدول المستوردة للنفط الى الدول المنتجة له مما يعني حرمان الأسواق المحلية في البلدان المستوردة للنفط من دخل مالي يمكن أن يتم إنفاقه في قطاعات أخرى.
إنخفاض أسعار النفط يعني إنخفاض أسعار المواصلات وخطوط شحن البضائع عبر الطرق البرية, البحرية والجوية, انخفاض أسعار الشحن يعني القدرة على الإستفادة من العمالة منخفضة الأجر وذلك يعني العولمة. هناك بعض وجهات النظر التي تعزى بالفضل الى المفاوضين وخبراء التجارة الدولية في إنخفاض التضخم على المستوى العالمي وذلك بفضل العولمة واتفاقياتها المختلفة وليس بفضل رؤساء البنوك المركزية وسياسة تخفيض سعر الفائدة. كل ذلك كان ممكنا بفضل انخفاض أسعار النفط. بالإضافة الى كل ذلك فإن انخفاض أسعار النفط الذي جعل أسعار الفائدة المنخفضة ممكنا مما يعني قدرة مؤسسات الإقراض العقاري على تمويل قروض سكنية منخفضة الجودة(Subprime Mortgage) لأشخاص بعضهم عاطل عن العمل والبعض الأخر لا يتمكن حتى من سداد أول قسط شهري من رهنه العقاري. ولكن انخفاض سعر الفائدة يعتبر فرصة لمن يرغب في الإقتراض سواء لتمويل شراء منزل أو سيارة أو حتى للبنوك والمؤسسات المصرفية في وول ستريت ولكن ليس للمتقاعدين وصغار المستثمرين الذين لن يستطيعوا الحصول على عائد مجزي لأموالهم في ظل معدل فائدة يقترب من الصفر مئوية. وفي الحقيقة, فإن صناديق التقاعد كانت إحدى ضحايا تلك الأدوات المالية المسمومة والتي منحت درجة(AAA) من قبل وكالات التصنيف الإئتماني على الرغم من أنها على أرض الواقع بدون قيمة فعلية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment