Flag Counter

Flag Counter

Sunday, June 30, 2019

العرب والديمقراطية

قاعات المحاكم هي مرآة تعكس واقع الحال في أي بلد عربي حيث نوعية القضايا المعروضة أمام القضاة, كل قضية تحكي حكاية لا تشبه التي قبلها ولن تشبه التي بعدها. ولأن العدل أساس المُلك, فإن الداخل الى قاعات المحاكم مفقود والخارج منها مولود. المحاكم الشرعية التي من المفترض أنها تحكم بما أنزل الله وتستمد قوانيها من القرآن والسُّنة هي أبعد مايكون عن ذلك حيث تم إدخال إجرائات تقاضي مدنية قد تجعل أي قضية تأخذ سنين طويلة خصوصا قضايا المواريث والأسرة بما في ذلك من ضياع للحقوق. حين قامت تونس بتعديل قوانين المواريث وجعلت نصيب الرجل مساويا لنصيب المرأة, كنت معترضا في البداية لما اعتبرته تلاعبا بنص قرآني واضح وصريح. ولكن بعد تفكير, وجدت أن الفقهاء اشترطوا إنفاق الرجل على نسائه وأهل بيته بالمعقول وذلك بند معطّل حاليا حيث لا يقوم الرجال بذلك إلا في حالات نادرة. وسائل الإعلام العربية تنشر قصصا من أروقة المحاكم يشيب لها شعر الرأس خصوصا قضايا الطلاق التي قد يضيع عمر المرأة وتضيع فرصتها في زواج أخر متكافئ قبل أن تنتهي القضية والعدل أن يمنع الرجل أيضا من الزواج مرة أخرى حتى تنتهي إجرائات طلاقه منعا للتلاعب بالإجراءات.
وكنت دائما أسأل نفسي عن سبب امتلاء قاعات المحاكم الشرعية على آخرها لأسباب تافهة يمكن لأي رجل دين أو شيخ جامع أن يفصل فيها خلال خمسة دقائق على الأكثر. إخوة يريدون حرمان أخت لهم من حقها في الميراث أو إخوة اتفقوا على حرمان أخ لهم من حصته في ميراث أبيهم لأنه من أم أخرى, زوجة يريد أهل زوجها حرمانها من ميراثها وتشريدها وأبنائها لأنهم كانوا غير راضين عن زواج ابنهم منها وقضايا مخجلة في تفاصيلها حتى لكفار قريش يخجلون لو كانوا أحياء من تلك الأخلاق. أين صلة الرحم؟ أين ما أمر به الله جل وعلا في كتابه والرسول عليه الصلاة والسلام في سنته؟ وكما يقول المثل بأن شر البلية ما يضحك, هناك محامين يقومون بكل تلك الأعمال القذرة ويقبلون التلاعب بالقوانين وإستغلال الثغرات وتضييع الحقوق ويبيعون أسرار موكليهم مقابل مبلغ معلوم. ولكن المحامين هم أيضا مواطنين أعضاء في مجتمعاتهم يستمدون سلوكياتهم وأخلاقهم من محيطهم وبيئتهم. ولكن في وطننا العربي يندر أن تجد محاميا دخل كلية الحقوق بإرادته بل لأن يرغب في أي مقعد جامعي نتيجة تدني مستواه الدراسي كما أن الجامعات الخاصة تقبل في كليات الحقوق معدلات متدنية عن الجامعات الحكومية لمن يملك المال ليدفع الأقساط الجامعية.
يطالب العرب بالحرية والديمقراطية ويخرجون في مظاهرات يرفعون شعارات ولافتات بعضها باللغة الإنجليزية وكأن الناتو سوف يقرئها ويرسل طائراته لتحريرهم. تصرفات المواطن العربي في حياته اليومية وفي منزله وعمله هي أبعد ماتكون عن الديمقراطية التي يطالب الحاكم بها. أغلب حالات الزواج في الوطن العربي تتم بالطريقة التقليدية وبالإكراه مقابل مبلغ مالي يسمى المهر أو المقدَّم والمؤخَّر يدفع لوالد العروس مع أنه شرعا من حق المرأة  تفعل به ماتشاء حيث انها قد تقرر أن تودعه في البنك أو أن تستثمر به في مشروع تجاري صغير أو أن تشتري به بعض المصاغ وأمور أخرى كثيرة قد تكون في تفكير أي فتاة مقبلة على الزواج ولكن التقاليد البالية والتخلف العربي يحرمانها من حقوقها الشرعية في تجاهل واضح لنصوص قرآنية صريحة تحت مسمى العادات والتقاليد. يتم التعامل مع الفتاة المقبلة على الزواج في الوطن العربي من قبل الأهل على أنها إستثمار تجاري يتوجب أن يحقق أعلى عائد ممكن وذلك يؤدي الى زيادة نسبة العنوسة وارتفاع سن الزواج للرجال والنساء على حد سواء, في دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية, الحالة توصف بأنها كارثية. بل إن بعض الآباء يمتنعون عن تزويج بناتهم حتى يستولي على راتبها من وظيفتها وكأنه حق مشروع له ويسمى ذلك في الشرع (التعضيل) وهو محرَّم. إن ذلك مع مرور الوقت سوف يؤدي الى إضطرابات قد تعرض الأمن الإجتماعي للبلدان العربية الى الخطر, الأسرة الصحية السليمة هي اللبنة الأساسية لبناء مجتمع صحي وسليم خالي من العيوب وتدمير مفهوم الأسرة سوف يؤدي الى تحلل وتفكك المجتمع.
العرب لا يستحقون الديمقراطية ولا يستحقون تطبيق اي من تلك الشعارات التي يرفعونها في مظاهراتهم لأنهم أنانيون وعنصريين مصابون بانفصام الشخصية, يتصرفون في منازلهم بطريقة مختلفة عن تصرفاتهم في حياتهم اليومية وأمام أصدقائهم. يتفاخرون بالحديث مع بنات على الهاتف بينما أحدهم قد يكون السبب في إرسال شقيقته الى المشفى نتيجة حديثها مع أحدهم على الهاتف والذي قد يكون زميل عمل أو دراسة. تخيلوا مظاهرات تخرج في بلد ما من الوطن العربي تطالب بالحرية والديمقراطية بينما في الوقت نفسه تدعو الى الإبادة العرقية والطائفية. مواطن يحب بلده ومستعد للموت في سبيل الدفاع عنه يلقي بالقمامة من نافذة سيارته الى الشارع العام. ربُّ أسرة يخرج في مظاهرة يطالب بالحريات وفي الوقت نفسه يقوم بتزويج بناته بالإكراه. نظام قضائي قائم على الفساد والرشوة والواسطة والمحسوبية على الرغم من أن العدل أساس المُلك. الفقير والضعيف تطحن عظامه طحنا بسبب غلاء المعيشة والتضخم والفقر ولكنه في الوقت نفسه مطالب بالدفاع عن الوطن ضد كل خطر يتهدده بدلا من أصحاب المليارات الذين يسرقون قوته وقوت عياله ويكدسون الأموال في حسابات في سويسرا وبنما وجزر العذراء البريطانية. ولذلك أقول لكم, فليذهب الوطن العربي الى الجحيم وليحترق العرب في جهنم فليس لدى الشعوب ما تخسره.

النهاية

No comments:

Post a Comment