تفوقت الإمبراطورية البريطانية في القرن الثامن عشر بفضل اتساع رقعتها الجغرافية في مجال التجارة خصوصا تصدير الغزل والنسيج. البحرية البريطانية التي كانت سيدة البحار بلا منازع استفادت من التطور في المحركات البخارية حيث كانت تعتمد على الفحم وتتوفر على عمالة رخيصة خصوصا من تجارة العبيد. الدول الأوروبية الأخرى مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة واليابان استفادت من الثورة الصناعية ومن توفر العمالة الرخيصة وبالطبع من الوقود الأحفوري. الإنبعاثات الكربونية في تلك الفترة وإن كانت لا تكاد تذكر مقارنة بعصرنا الجالي إلا أنها أخذت بالتزايد باضطراد. التغير المناخي أصبح كلمة مألوفة حيث تعقد المؤتمرات والاجتماعات الدولية وعلى الرغم من الأخبار الواردة بتقلص ثقب طبقة الأوزون مؤخرا إلا أن التحذيرات من الأثار السلبية لما يعرف بظاهرة البيت الزجاجي مازالت تتصدر عناوين نشرات الأخبار.
النفط هو سلاح يمكن استخدامه إجتماعيا بفعالية للسيطرة والتحكم بالشعوب. التغير المناخي هو أحد المصطلحات التي ظهرت ويتم إستخدامها والترويج لها إعلاميا وأن زيادة إستهلاك الوقود الأحفوري هو السبب في زيادة ذوبان جليد القطب المتجمد الجنوبي الذي يحتوي على 90% من الثلج الموجود في العالم. لست أنفي وجود مشكلة تغير مناخي وإن كنت متأكدا أنه يتم تضخيمها والتلاعب بها لأهداف سياسية. كما أنه ليس سرا وجود عدة مشاريع للتحكم بالطقس والمناخ ولعل أوضحها تجارب الاستمطار في بعض البلدان.
إن إستهداف الدول التي حققت نهضة صناعية مثل الصين هو مثال واضح على إستخدام مصطلحات كالبيت الزجاجي والتغير المناخي لخدمة أجندات سياسية. حققت الصين ومنذ بداية الثمانينيات نهضة صناعية فاقت كل التوقعات وقد أدى إنضمامها إلى منظومة اتفاقيات التجارة الحرة مثل الجات وغيرها في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى نزوح عدد كبير من الشركات والصناعات إلى الصين ودول آسيوية أخرى مثل دولة ماليزيا وسنغافورة وبنغلاديش بحثا عن تخفيض النفقات خصوصا أجور العمالة والإعفاءات الضريبية. ولكن إستخدام النفط سلاحا إقتصاديا وسياسيا له سوابق في التاريخ حيث كان لانقطاع إمدادات النفط عن ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية أحد أهم الأسباب في خسارتها الحرب. وخلال الحظر النفطي 1973-1975, تضررت دول أوروبية وعلى رأسها ألمانيا من إرتفاع أسعار النفط الذي فرضته دول عربية على الولايات المتحدة وأوروبا بسبب تقديمهم الدعم للكيان الصهيوني الغاصب خلال حرب رمضان 1973.
هناك حرب إعلامية ضد الحكومة الصينية تتهمها بالتلاعب بقيمة عملتها الوطنية وإبقائها منخفضة لمنحها ميزة تنافسية وأن الصين تسرق الوظائف من دول الغرب وهي الاتهامات التي تتكرر في وسائل الإعلام الغربية بشكل مستمر. ولكن مهما بلغت قيمة التخفيض في قيمة اليوان فسوف تبقى الصين محافظة على قدرة تنافسية لا بأس بها أمام الولايات المتحدة وأوروبا. ولنأخذ مثالا بسيطا للمقارنة وهو صناعة الأثاث. ففي الصين قد يعتبر العامل الصيني راتب مايعادل 500 دولار أمريكي شهريا هو الحلم الصيني بينما يستحيل قبول عامل صنع الأثاث الأمريكي بذالك المبلغ أو حتى بضعفه. الولايات المتحدة تخالف اتفاقيات التجارة الحرة بفرضها رسوم تعرفة جمركية وتقديم الدعم لقطاعات مختلفة منها القطاع الزراعي وكذلك التلاعب بقيمة الدولار الأمريكية لتخفيض قيمته عبر سياسة التسهيل الكمي(QE). الإعلام الأمريكي يتعامى عن كل تلك التجاوزات التي ترتكبها الحكومات الأمريكية المتعاقبة بينما تتهم الآخرين بها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة
النهاية
No comments:
Post a Comment