غيرت فيلدرز, سياسي يميني هولندي وعضو في البرلمان منذ سنة ١٩٩٨ويرأس حزب (من أجل الحرية) منذ ٢٠٠٤. يعتبر فيلدرز من أشهر منتقدي الإسلام في هولندا وأوروبا. وقد طالب في السابق بحظر القرآن في هولندا وشبَّههُ بكتاب كفاحي للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر. بريجيت غابرييل التي ولدت في لبنان سنة ١٩٦٤ بإسم حنان قهوجي, صحفية أمريكية وناشطة سياسية معادية للإسلام زعمت أن جهاديين إسلاميين طردوا أسرتها من منزلهم في قضاء مرجعيون خلال أحداث الحرب الأهلية اللبنانية. سام هاريس هو مؤلف وفيلسوف وعالم أعصاب أمريكي يصف نفسه بأنه ليبرالي ويدافع عن القيم الليبرالية مثل حرية التعبير وحقوق المثليين. قام سام خلال حلقة من برنامج تلفزيوني للممثل الكوميدي والمعلق السياسي بيل ماهر بإنتقاد الإسلام ووصفه بأنه مصدر كافة الأفكار السيئة. ذكرت في مقدمة الموضوع بعضا من أشهر السياسيين وشخصيات المجتمع الأمريكي والأوروبي التي تنتقد الإسلام وتعتبره عدو الحضارة الغربية وقيم الإنسانية والتسامح وذلك ليس بهدف الدعاية لهم إنما حتى يطلع المتابعون على الأفكار التي يقدمها هؤلاء ويحاولون من خلالها تضليل الرأي العام الغربي وتقديم صورة مشوهة للإسلام في العالم.
إن إستمرار حالة من العدائية في المجتمعات الغربية ضد الإسلام والهجرة من بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا هي إنعكاس للحملة الإعلامية المسعورة التي تشنها وسائل إعلامية غربية بهدف خلق حالة من الشك والريبة ضد كل ماهو إسلامي أو عربي. الإسلاموفوبيا ورهاب الأجانب يجدان سوقا رائجا في دول غربية متعددة من خلال الكتب والندوات والمحاضرات وجمع التبرعات المعفاة من الضرائب حيث لا يعلم المتبرعون عن كيفية إنفاقها. صناعة الكراهية, الوجه الآخر للنازية والفاشية, ليست مجرد مبالغات بل هي كيان موجود على أرض الواقع, صناعة تدرُّ على المساهمين فيها مئات الملايين من الدولارات سنويا. كما أن حالة العدائية تلك تهيئ مناخا إعلاميا يجعل من تهرب النخب السياسية الغربية من التزاماتها تجاه شعوبها أمرا ممكنا وذلك بتعليق كل تلك المشاكل على شماعة الإرهاب الإسلامي والهجرة. صعود الأحزاب الشعبوية في عدد من البلدان الغربية والأوروبية خصوصا الولايات المتحدة وفوزها بمقاعد رئاسية وبرلمانية للمرة الأولى في تاريخها يجعل البعض يؤمن بأن حالة الصراع قد وصلت الى مرحلة اللاعودة.
السياسيون في الدول الغربية والأوروبية, ميكافيليون بالفطرة, مسرورين باستمرار حالة الصراع السرمدية تحت ستار مكافحة الإرهاب والدفاع عن الحضارة والقيم الأوروبية حيث أنها تمنحهم الدافع للاستمرار والإرتقاء في مهنتهم التي توفر لهم مستوى حياة مرتفع وامتيازات وشبكة علاقات عامة ليس ممكنا الحصول عليها من قبل المواطن العادي. مؤهلات السياسي التي تطلب منه أن يجيد الكلام في موضوع ما يجذب الية الناخبين وأصواتهم وبالطبع أموالهم. مهارة السياسي تتجسد في أن يجد موضوعا يستنفر فيه عاطفة المستمعين له وليس هناك أفضل من موضوع المهاجرين والخطر الوشيك بتحول أوروبا إلى قارة إسلامية, موضوع مثير للإهتمام ويوفر على الدوام فرصة جيدة لانتقاد الإسلام والمسلمين مع ضمان استمرار تدفق الأفكار والتعابير بدون توقف. وعلى الجانب الآخر, وحتى أكون منصفا, تقف أحزاب الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمون مسرورة هي الأخرى بتلك الحالة من الصراع وعدم إستقرار العلاقة بين طرفيها الرئيسيين, الإسلام والمسيحية. إن وجود تلك الحالة من الصراع اللامتناهي ضروري لاستمرار وبقاء تلك الأحزاب بل وتطورها مع الوقت ونشوء أحزاب وجماعات مسلحة لا تقل إجراما ودموية عن سابقاتها مثل الجيش الحر, جبهة النصرة, داعش. جماعات الإسلام السياسي استفادت من حالة الفوضى التي أعقبت أحداث الربيع العربي لتستولي على كرسي الحكم في عدد من البلدان منها تونس, مصر, ليبيا وذلك بمباركة غربية أو أمريكية لأكون أكثر دقَّة.
السياسيون الأوروبيون يجدون في حالة الصراع التي تحدثت عنها فرصة ذهبية لإلقاء الملامة على المهاجرين في زيادة نسبة البطالة, ارتفاع مستوى الجرائم العنيفة, إنهيار الاقتصاد والتضخم. أولئك الانتهازيون يحتاجون إلى شخص ما في زمن ما في مكان ما حتى يلقون عليه بشماعة أخطائهم وفشلهم. الحالة الأمريكية مختلفة قليلا حيث أن رهاب الأجانب خصوصا من مهاجري أمريكا اللاتينية هو الأمر السائد مع إنتشار ظاهرة العداء للمسلمين, الإسلاموفوبيا, في أوساط المجتمع الأمريكي. إن الظروف الإقتصادية التي أوجدتها إتفاقيات التجارة الحرة في بلدان أمريكا اللاتينية هي المسؤولة عن موجة الهجرة الغير شرعية التي تعاني منها الولايات المتحدة. قوانين مكافحة الإرهاب والتي هي تعتبر موجهة ضد العرب والمسلمين يتم إقرارها بسرعة الضوء مما يجعل الكثيرين يعتقدون بأن النواب المنتخبين لا يقرأونها ولا يطلعون على بنودها. تلك القوانين هي حرب على الشعوب الأوروبية والغربية ومحاولة مفضوحة لسلب الحريات التي إكتسبتها تحت مسمى مكافحة الإرهاب, التنصت على المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني بدون إذن موقع من قاضي والاعتقال التعسفي وإخفاء الأدلة خلال محاكمة المتهمين بالإرهاب وذلك بذريعة حماية الأمن القومي هي أبرز ملامح تلك النوعية من القوانين. الأمثلة عليها هي قانون باتريوت في الولايات المتحدة وقانون(سي-٥١, C-51) في كندا وإنتشار كاميرات المراقبة في شوارع المدن البريطانية بعض الأمثلة على تلك النوعية من القوانين.
ولكن النماذج المشرقة في تاريخ الإسلام والتي تتعارض مع سياسة التعميم التي تعتمدها وسائل الإعلام الغربية هي متعددة وأكثر من أن تحصى. ولكن من الممكن أن نتخذ على سبيل المثال فترة الحكم الإسلامي للأندلس نموذجا إيجابيا. المسلمون وخلال ٨٠٠ سنة من حكمهم للأندلس ساهموا في نهضتها ونشروا فيها مبادئ التسامح والعدل وحرية الإعتقاد التي كانت مكفولة للمسيحيين واليهود وكافة الطوائف وحيث أنهم حفظوا أماكن عبادتهم وساهموا في تعميرها. حتى أن اليهود وحين سقوط الأندلس بيد القوات الإسبانية ومعاناتهم مع محاكم التفتيش الكنسية, هاجروا الى دول المغرب العربي خصوصا تونس والمغرب والجزائر هربا من الإضطهاد الديني على يد ملوك الإسبان فيرنانديز وإيزابيلا. وقد قام المسلمون خلال فترة حكمهم للأندلس بنشر التعليم وبناء المدارس والجامعات والمكتبات وترجمة أمهات الكتب اليونانية والإغريقية في مجالات العلوم المختلفة. كما قاموا بتأسيس دور صناعة الملابس وبناء الحمامات العامة والمستشفيات. وقد إشتهر في الأندلس عدد من علماء المسلمين ممن برعوا في مجالات العلوم المختلفة منهم: الشريف الإدريسي ومَسلمة المجريطي وإبن حزم الأندلسي في مجال الفلك والجغرافيا, عباس إبن فرناس في مجال الكيمياء وقد إشتهر بأنه أول من حاول الطيران, أبو القاسم الزهراوي وعبد الملك ابن زهر الإشبيلي في مجال الطب و الجراحة والتشريح, محمد إبن رشد في مجال الفلسفة, أبو محمد إبن البيطار المالقي الأندلس كان من أشهر المختصين في مجال طب الأعشاب, أبو الحسن زرياب في مجال الغناء والموسيقى والكثير من الأسماء اللامعة والتي هي أكثر من أن تعد وتحصى.
إن الإسلام ليس دين سلام أو دين عنف إنما يعتمد على شخصية المعتنق للدين وطبائعه وذلك ينطبق على باقي الأديان الأخرى. فإذا كان الشخص لطيفا حسن المعشر محبا للسلام, فهكذا سوف يرى جيرانه وأقربائه ومن يتعامل معه الإسلام ويفهمونه. وأما إذا كان شخصا عنيفا ومن أرباب السوابق ومعتنقي الإجرام, فسوف ينعكس ذلك في تصرفاته ولن يعجز عن تفسير النصوص الدينية بما يلائم أهوائه المريضة وأفعاله وتصرفاته الإجرامية. جماعات وتنظيمات مثل داعش, جبهة النصرة, القاعدة والجيش الحر ليست إلا صنيعة الدول الغربية وأجهزتها الأمنية ولا تمثل الإسلام ولا تمت له بأي صلة. هم ليسوا عبارة إلا عن تجَمُّع للمجرمين ومدمني المخدرات وأصحاب السوابق ومرتكبي الجرائم العنيفة وأفعالهم تدل عليهم وهم يسيئون للإسلام والمسلمين بما يخدم أجندات الدول الغربية ونخبها السياسية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment