يعتبر النفط هو المحرك الأول والأهم للاقتصاد العالمي. إن استخدام النفط في وسائل النقل والمواصلات البرية، البحرية والجوية ساهم في التقليل من تكلفة المسافات المقطوعة واختصر الوقت. كما أن بروز مفاهيم مثل العولمة والتجارة الحرَّة أصبحت ممكنا بفضل اكتشاف النفط. يتميز النفط بسهولة استخراجه ونقله وتخزينه واستخدامه مقارنة بأنواع الوقود الأحفوري الأخرى. ولكنه كأي سلعة حيوية أخرى معرض لتقلبات السوق، عمليات التلاعب بالمعادلة السعرية والأهم عامل الندرة.
بداية، هناك الكثير من الجدل في الأوساط العلمية حول نشأة النفط وتكوُّنه في باطن الأرض. هناك نظريتين رئيسيتين تتناولان تلك المسألة: الأولى هي النظرية القائلة بالأصل العضوي للنفط. تلك النظرية السائدة والمهيمنة في الأوساط العلمية تنص على أن النفط تكون من بقايا نباتات أو حيوانات طمرت في باطن الأرض وتعرضت لعمليات تحول كيميائي من خلال الضغط العالي ودرجات الحرارة المرتفعة خلال فترات زمنية طويلة. ويعود الفضل في تلك النظرية الى العالم الروسي ميخائيل لومونوسوف (Mikhail Lomonosov) التي صرح بها لأول مرة أمام أكاديمية سانت بطرسبرغ للعلوم سنة 1757. النظرية الثانية هي أن أصل النفط غير عضوي والتي تعرف بالنظرية الغير إحيائية(Abiotic) والتي ظهرت للوجود بفضل عالم روسي أخر هو ديمتري مندليف (Dmitri Mendeleev) صاحب اكتشاف الجدول الدوري للعناصر الكيميائية. وبحسب نظرية مندليف فإن النفط ناتج عن عمليات تفاعل بين الماء وهيدروكسيدات المعادن تحت ظروف ضغط وحرارة عاليين جدا.
انقسام العلماء حول أصل ونشأة النفط لم يكن إلا مجرد انعكاس لأحد أوجه الصراع بين الكتلة الغربية والشرقية، الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، واتحاد الجمهوريات السوفياتية (الاتحاد السوفياتي) من جهة أخرى. العلماء والمختصين في الغرب قاموا بتبني نظرية الأصل العضوي للنفط بينما نظرائهم في الاتحاد السوفياتي قاموا بتبني النظرية الغير إحيائية(Abiotic) أو التي تعرف بالنظرية الكيميائية لتشكل النفط. ستالين والذي كان يتابع عن كثب أحداث الحرب الباردة والرسائل الغير مباشرة التي كان يوجهها الرئيس الأمريكي هاري ترومان للاتحاد السوفياتي، أصدر أوامره للعلماء السوفيات باستخدام كافة الوسائل التي تكفل لبلاده تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة والتخلي عن استيراد النفط من الخارج. وبعد مرور كل تلك السنين منذ وفاته وحتى يومنا هذا، مازال إنتاج النفط في دولة روسيا الاتحادية، وريثة الاتحاد السوفياتي السابق والأقل مساحة، بعيدا كل البعد عن ذروة الإنتاج التي تحدثت عنها التوقعات الغربية خلال فترة الثمانينيات.
إن نظرية ذروة الإنتاج النفطي وجدت صدى واسعا لدى شركات التنقيب عن النفط التي كانت مهتمة بالمحافظة على سعر مرتفع لتلك المادة الحيوية بما يمنع إغراق الأسواق وانخفاض الأسعار بما يؤثر على أرباح تلك الشركات. هوبرت ماريون (Hubbert's King Marion) أو المعروف بلقب الشهرة هوبرت الملك، متخصص بجيولوجيا النفط في جامعة شيكاغو الأمريكية، هو صاحب تلك النظرية (Peak Oil) المتمثلة فيما يعرف بمنحنى الجرس. وفق نظرية ذروة الإنتاج النفطي، إنتاج الولايات المتحدة من النفط سوف يصل الى الذروة سنة 1970 ثم يبدأ بالانخفاض. ولكن توقعات هوبرت تبين عدم صحتها وأنها لا تعتمد على أي أساس علمي. حتى أن هوبرت اعترف خلال مقابلة أجراها سنة 1989 قبل وفاته بأن البيانات التي اعتمد عليها لحساب ذروة الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة لا تستند الى أي أساس علمي. وحاليا، فإن التوقعات تشير الى أن الولايات المتحدة سوف تتجاوز المملكة العربية السعودية في إنتاج النفط وتتحول من دولة مستوردة الى مصدرة بحلول سنة 2018. ولكنه حتى تلك التوقعات لا تستند الى أي أساس علمي أو منطقي حيث يتم احتساب تلك التواريخ بعشوائية ويتم تغييرها باستمرار، الولايات المتحدة مازالت دولة مستوردة للنفط ولم يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول الى تصدير النفط بدلا من استيراده.
إن النفط يتم استخدامه كسلاح اجتماعي للسيطرة والتحكم بالشعوب عبر التحكم باستهلاكها من الطاقة. كما أن الحديث عن ندرة النفط وأنه سلعة موجودة بكميات محددة في باطن الأرض ليس إلا محاولة للحفاظ على سعر مرتفع لتلك المادة الحيوية. نظرية الأصل العضوي للنفط تحتوي على ثغرات عديدة منها أن تحليل النفط لا يثبت وجود مواد عضوية فيه. بالإضافة الى أن دولة مثل السعودية تحتوي على أكبر حقل نفطي في العالم، حقل جواهر، لم يتم إثبات وجود مستحاثات ديناصورات وحيوانات في العصور القديمة بما يكفي لتقديم الأسباب الكافية والمنطقية من الناحية العلمية لكل تلك الكميات الهائلة من النفط.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment