Flag Counter

Flag Counter

Sunday, December 18, 2016

كيف تحولت منطقة الوادي المركزي في كاليفورنيا إلى مكرهة بيئية بسبب مزارع الألبان العملاقة؟(1)


الكثيرون يتسائلون عن مستقبل أطفالهم ومستوى نموهم الجسماني والعقلاني وصحتهم في ظل التلاعب بعاداتنا الغذائية وأطفالنا خصوصا المحاصيل المعدلة وراثيا والحيوانات التي تحقن بإفراط بالهرمونات والمضادات الحيوية وعدم وجود قوانين رادعة للتساهل فيما يتعلق بصناعة المواد الغذائية مما أدى إلى كوارث وفي بعض الحالات وفيات. ففي سنة 2008 أدى الإهمال في أحد منشئات تصنيع وتغليف اللحوم في كندا إلى إصابة 120 شخص بداء الدوران والذي تتسبب به بكتيريا الليستيريا حيث توفي 45 شخصا.
هناك أمية صحية على مستوى العالم وقلة الوعي بمصادر غذائنا حيث ذكرت بعض الإحصائيات أن هناك عدد كبيرا من البريطانيين لايعلم مصدر مايعرف بشرائح الباكن(Bacon) ولا حتى من أين يأتي البيض. الكثير من المنتجات التي تعرض على أرفف المحلات التجارية كاللحوم والبيض والحليب يكون هناك ورائها قصة مظلمة لاتريد تلك الشركات لأحد أن يكشفها حتى أنه في الولايات المتحدة قد تم إصدار القوانين التي تجرم كل من ينتهك خصوصية مزارع تربية الماشية والطيور ويأخذ صورا بدون إذن فما بالك إن إستخدمها لفضح تلك الشركات وممارساتها. تلك الشركات أيضا تقاوم محاولات المؤسسات والناشطين المهتمين بصحة الإنسان بإجبارها بقوة القانون على وضع ملصق تفصيلي على منتجاتها خصوصا المحاصيل المعدلة وراثيا بشكل عام.
منطقة الوادي الأوسط(Central Valley) في كاليفورنيا تعد أكبر تجمع لمزارع الأبقار في العالم بإجمالي تعداد أبقار 750 ألف وماقيمته 6 مليار دولار من الحليب سنويا ومايعادل فضلات حيوانية لأكثر من 90 مليون نسمة. تلك الأبقار لايزيد عمرها الإفتراضي عن ثلاثة سنين بسبب التوالد الإختياري, المضادات الحيوية, هرمونات النمو والظروف البائسة التي تعيش فيها.
خلال أزمة مرض جنون البقر والتي بدأت في المملكة المتحدة(بريطانيا) فقد تعرضت تجارة اللحوم البريطانية لخسائر كبيرة إضطر معها وزير الزراعة البريطاني جون غمر(John Gummer) ورئيس الوزراء البريطاني جون ميجر(John Major) للظهور في أكثر من مناسبة وهم يتناولون منتجات اللحوم البريطانية كالهمبرجر في محاولة لإستعادة ثقة المستهلكين على المستوى المحلي والعالمي. التناقض أن الولايات المتحدة والتي كانت من أكثر الدول تشددا بخصوص الحظر على واردات اللحوم البريطانية في تلك الفترة حتى وصلت لدرجة مصادرة أي منتجات لحوم تجدها مع المسافرين القادمين من مناطق موبوئة خصوصا بريطانيا, تسمح بكافة أنواع الممارسات في مزارع الحيوانات والمحاصيل التي تعرض صحة المستهلكين لخطر الأمراض.
إن التلوث في منطقة الوادي المركزي لكاليفورنيا بلغ درجة تشبه سحابة الضباب التي تشاهد في المدن الكبرى بسبب المصانع وعوادم السيارات. عند الإقتراب من المنطقة فقد يلاحظ أحدهم صعوبة في التنفس وحرقة الصدر كما أنه تحت ظروف جوية معينة فقد تشاهد سحابة صفراء سببها المبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية والكيماويات التي يتم رش النباتات فيها. فبالإضافة إلى مزارع الأبقار فهناك مساحات شاسعة مزروعة بالفواكه والخضراوات خصوصا الليمون, البرتقال, الرمان وأشجار اللوز وذالك على الرغم من معدل سقوط الأمطار المنخفض حيث تصنف تلك المنطقة على أنها شبه صحراء.
ظاهرة أخرى من الممكن ملاحظتها في المنطقة وهي أن كل تلك الأنواع من الزراعة خصوصا الحمضيات واللوز من المفترض أن تجذب انواع مختلفة من الحشرات خصوصا النحل وأنواع متعددة من الطيور ولكن من الملفت للنظر على إنعدام تواجد الحشرات والطيور أو الأعشاب أو حتى أي أنواع أخرى من الأشجار إلا مايكون في مزارع خاصة أو في حدائق المنازل. التنوع البيئي والطبيعي في تلك المنطقة يساوي صفر.
في نهاية فنرة التسعينيات أثار طلب تم التقدم به لإقامة مزرعتين للأبقار بطاقة 14000 بقرة لكل مزرعة الإنتباه من قبل جماعات بيئية وناشطين بسبب إحتمال تلوث المنطقة المحيطة حيث أنه حتى ذالك الوقت فقد تم إستثناء القطاع الزراعي في كاليفورنيا من قانون الهواء النقي(Clean Air Act). بعد معركة قانونية شرسة فقد أجبر الناشطون السلطات المحلية والفيدرالية على القيام بدراسة بيئية شاملة وكانت النتائج سلبية وأدت إلى تغييرات جذرية في القوانين المنظمة لعمل تلك المزارع.
في نهاية سنة 2003 فقد تم تغيير القانون حيث من المفترض إلزام مالكي مزارع الأبقار الجماعية على الإلتزام بقانون مشدد متعلق بالمعايير البيئية ولكن كان يتم الإلتفاف على القانون وبعلم السلطات المحلية التي كانت تغض البصر عن تلك الممارسات.
مجلس الحليب الإستشاري في كاليفورنيا(California Milk Advisory Board - CMAB)  ذكر في تقرير له أن أكثر من 400 ألف وظيفة بدوام كامل في ولاية كاليفورنيا مرتبطة بصناعة الأللبان كما أن 63 مليار دولار تقريبا من الأنشطة الإقتصادية في الولاية مصدرها مزارع الأبقار الجماعية وصناعة الألبان. البقرة الواحدة خلال عمرها الإفتراضي تساهم بمبلغ متوسطه 34000 دولار في إقتصاد ولاية كاليفورنيا.
صناعة الألبان وشركات الزراعة المكثفة تستخدم أساليب دعاية وتسويق مضللة لإيهام زبائنها والمواطنين العاديين وإعطائهم إنطباع مغاير للواقع كالصور الملونة للمزارع والأبقار السعيدة التي ترعى فيها وصور جماعية للأسر التي تمتهمن الزراعة حيث يظهر أفرادها مع بعضهم البعض والإبتسامة تعلو وجوههم وأفلام وثائقية وترويجية. كما أن بعض الشركات وإتحادات المنتجين تقيم مسابقات ملكات جمال للفتيات اليافعات من الأسر التي تعمل في مجال صناعة الألبان حيث يحق للفائزة بالمسابقة تمثل الصناعة لمدة سنة كاملة والتحدث بإسمها في المؤتمرات والندوات.
الحقيقة التي لا تريد تلك الشركات للمواطن العادي أن يكتشفها هي أن الصورة الوردية التي تحاول الشركات والإتحادات أن ترسمها لوادي كاليفورنيا المركزي تغاير الواقع حيث يعاني 20% من الأطفال من الربو وهو مايزيد بثلاثة مرات عن المعدل القومي للإصابة بذالك المرض في الولايات المتحدة وتعد ثاني أكثر المناطق في الولايات المتحدة تسجيلا للإصابات بذالك المرض. كما أن ثلث عدد السكان معرضين للإصابة بأمراض مرتبطة بتلوث الهواء الذي تعاني منه تلك المنطقة خصوصا الأمراض التنفسية المختلفة. كما أن دراسات عديدة أظهرت أن التجمعات السكانية التي تقام بقربها تلك النوعية من مزارع الألبان وكذالك المزارع التي تستخدم أساليب الزراعة المكثفة تعاني من معدل أعمار يقل بعشرة سنين عن متوسط اعمار التجمعات السكانية في المناطق التي لا تعاني من وباء تلك النوعية من المزارع والأساليب الزراعية. كما أنها تعاني من الأمراض التنفسية في الصدر التي تزداد نسبتها بين الأطفال الذين يمضون أوقاتا طويلة في الخارج وأمراض القلب وتشوهات خلقية في المواليد الجدد.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الأول

1 comment:

  1. كان ناقص الموضوع اشوية صور او فيديوهات تؤكد مافيه , وثانيا هذا الموضوع يخص الامريكان , لو تركز على مزارع الوطن العربي وظروف التربيه والتغذيه فيها كان اكثر فائده لسكان هذه المنطقة , على العموم مجهود تشكر عليه

    ReplyDelete