Flag Counter

Flag Counter

Sunday, December 4, 2016

كيف أعاقت الحروب التي تعرضت لها الصين مسيرة التنمية والإصلاح؟

إن سنة 2010 حملت أنباء سعيدة للقيادة والشعب في الصين حيث إحتلت مركزا كثاني أكبر إقتصاد عالمي حيث تجاوز الناتج المحلي الإجمالي في الصين نظيره الياباني مما يشير إلى تحول كبير في ميزان القوى السياسية والإقتصادية والإجتماعية على المستوى العالمي وسلامة النهج الإقتصادي للحكومات الصينية المتعاقبة. وبينما قامت وسائل إعلامية دولية مختلفة بنشر ذالك الخبر, فإن نظيرتها في الصين إلتزمت سياسة عد لفت الأنظار بل وذكرت أن الناتج المحلي الإجمالي للصين يساوي 1\10 من نظيره في اليابان.
الإعلام سلاح ذو حدين وهو يعد حاليا من حروب الجيل الرابع خصوصا عبر وسائل التواصل الإجتماعي وتأثير تجنب لفت الأنظار يمكن إستغلاله لإفقاد الصينيين الثقة بحكومتهم ونموذج التنمية الصيني بما يكون له إنعكاسات خطيرة خصوصا من الناحية النفسية وإضعاف همة المواطنين وتفشي السلبية بينهم. فهناك في الصين إتجاهان في التعامل مع النهضة الإقتصادية الصينية, الإتجاه الاول يفضل سياسة تجنب لفت الأنظار بينما الطرف الثاني يتبع سياسة التهميش والتقليل من قيمة الإنجازات التي تحققت حيث يستدل بهزيمة الصين في حرب الأفيون مع بريطانيا على الرغم من أن الصين إحتلت المركز الأول على مستوى العالم من ناحية حجم إقتصادها.
إن الطريقة التي يفهم بها النموذج الصيني للتنمية وكافية الإحصائيات والتقييمات المتعلقة به سوف تتغير بحساب عاملين إثنين, العامل الأول هو نظرية تعادل القوة الشرائية(PPP) بينما العامل الثاني يتعلق بإمتلاك منزل أو بشكل عام مايطلق عليه أصول ثابتة.
إن نظرية تعادل القوة الشرائية(PPP - Purchasing Power Parity) لا تعتمد أسعار الصرف الرسمية بسبب التباين بين سعر صرف العملات المختلفة بالإرتفاع أو الإنخفاض ولكن التقديرات السنوية التي تبني معاهد الأبحاث الغربية تقييمها للصين تقوم على أساس تلك النظرية. وبالرجوع لتلك النظرية فإن الناتج المحلي الإجمالي(GDP) للصين تجاوز فعليا اليابان سنة 1992 وإقتصاد إثنتي عشرة دولة أوروبية سنة 2009 والولايات المتحدة سنة 2015.
إن المواطن الصيني يمتلك أحد أقوى التقاليد المتعلقة بشراء منزل في العالم إن لم يكن اقواها وبالتالي نسبة إمتلاك منازل عالية مما يرفع القيمة الصافية للأسرة الصينية والتي هي الأصول الإجمالية للأسرة من عقارات وأسهم وسندات ومدخرات مطروحا منها الديون الإجمالية للأسرة.
القيمة الصافية للأسرة الأمريكية بلغت سنة 2010 ماقيمته 84000 دولار أمريكي منخفضة بسبب الأزمة المالية 2007\2008 بما نسبته 25% تقريبا عن قيمتها سنة 2004 والتي بلغت 93000 دولار أمريكي بحسب إحصائيات بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
إن سعر صرف الدولار الأمريكي يساوي 6.37 يوان وبالتالي فإن 84000 دولار أمريكي تساوي 535000 يوان و 93000 دولار أمريكي تساوي 593000 يوان وخلال ذروة الإنتعاش الإقتصادي سنة 2007 وقبل حلول أزمة الرهون العقارية والكساد الإقتصادي فإن القيمة الصافية للأسرة الأمريكية بلغت 150 ألف دولار أمريكي أو مليون يوان. إن ربع(25%) الأسر الصينية أو حوالي 100 مليون أسرة تمتلك قيمة صافية 535000 يوان و 593000 يوان. إن التقدم الذي حققته الصين من ناحية مراكمة الثروات حتى بالنسبة للمواطن العادي خلال الثلاثين سنة الماضية يعد أمرا مثيرا للإعجاب والدهشة.
المشكلة التي يعاني منها من ينظرون للإقتصاد الأمريكي بإيجابية مفرطة وأنه إقتصاد مثالي وأنه خلف شاشات الإعلام والمديح المنمق, إقتصاد قائم على المضاربات والمنتجات المالية المشكوك بأمرها وكذالك الدين المفرط حيث أن المواطن الأمريكي معتاد على الإستهلاك بالدين. الصين قادرة على التحول لأكبر سوق إستهلاكي في العالم إذا تمكنت من تحقيق مستوى معتدل للإستهلاك بالدين بالإعتماد على الأصول الضخمة للأسر الصينية بما يؤدي إلى موجة إنتعاش إقتصادي غير مسبوقة على المستوى العالمي.
إن الصين قد تعرضت عبر تاريخها لعمليات تدخل أجنبي وغزو كلفتها الكثير من الأرواح والموارد الإقتصادية على الرغم من كونها دولة مسالمة. خسارة الصين لحرب الأفيون بينها وبين قوى أوروبية منها بريطانيا سببها أن الصين وعلى الرغم من كونها صاحبة أكبر إقتصاد عالمي في ذالك الوقت إلا أنها كانت دولة هشة بحكومة مركزية ضعيفة وبجيش يفتقر إلى التدريب والتسليح الحديث على العكس من بريطانيا التي كانت دولة إدارية حديثة وجيش يعتمد على أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية. العبرة ليست بالعدد أو بالمساحة فدولة بحجم البرتغال سيطرة على مساحات أراضي أضعاف مساحة البلد الأم ودولة بحجم بريطانيا وبلا مبالغة حكمت ربع العالم.
ولم تكد الصين تستفيق من تداعيات خسارتها حرب الأفيون الأولى والثانية حتى قامت اليابان بغزو الصين إثر خلاف حول كوريا. وفي سنة 1900 قام مايعرف بتحالف الدول الثمانية بغزو الصين فيما إشتهر على تسميته بثورة الملاكمين التي قامت ضد النفوذ والتدخل الأجنبي والحكومة المحلية الفاسدة. في الحرب اليابانية\الصينية الأولى أجبرت الصين على دفع مايعادل 230 مليون تايل من الفضة بما يعادل دخل الصين لمدة ثلاثة سنوات كغرامة لصالح اليابان التي إستخدمتها في تحديث جيشها وصناعتها. وفي إثر غزو الدول الثمانية للصين فقد أجبرت على دفع 450 مليون تايل فضة كغرامة لبريطانيا بدون حساب الغرامات التي أجبرت على دفعها للدول الأخرى والتنازلات التي قدمتها. في عام 1931 إندلعت الحرب اليابانية\الصينية الثانية حين قامت اليابان بغزو مقاطعة منشوريا حيث يعد بعض المؤرخين ذالك هو البداية الفعلية للحرب العالمية الثانية حيث تجاوز عدد الضحايا الصينيين أكثر من 18 مليون بما يرفع التقديرات النهائية لعدد ضحايا الحرب العالمية الثانية إلى 85 مليون تقريبا.
إن الحرب العالمية الثانية لم تكن أخر الحروب التي عانت من ويلاتها الصين وأخرت عملية التنمية والتقدم فيها ولكن من الملاحظ أنه خلال الحرب الكورية بين عامي 1950 و 1953 فإن الصين والتي كانت في بدايات تكوين الدولة(جمهورية الصين الشعبية) إثر إنتهاء الصراع الداخلي حول توحيد الصين بإنتصار الحزب الشيوعي الصيني, فإنها لم تكن لقمة سائفة للقوات الأجنبية وكبدتهم خسائر بالغة وأفشلت مخططاتهم في السيطرة على شبه الجزيرة الكورية على هامش مايعرف بالحرب الباردة.
في عصرنا الحالي فإن الصين قد حققت تقدما مذهلا في كافة المجالات خصوصا المجالات الإقتصادية والتقليل من مستوى الفقر وذالك بسرعة قياسية وخلال ثلاثين عاما فقد قامت بتحسين مستوى حياة المواطنين بطريقة أفضل من كثير من الدول النامية وإنجاز ثورة صناعية إستغرقت دولا أوروبية مئات السنين حيث تجاوز حجم الإقتصاد الصيني نظيره في اليابان وفي طريقه للتفوق على الولايات المتحدة من ناحية حجم الإقتصاد إن لم يكن قد تفوق عليه فعليا سنة 2015 وتلك إنجازات لايمكن إنكارها وعلامة بارزة حيث يؤثر تقدم وتطور مسيرة التنمية فيي الصين على التنمية على مستوى العالم.
النهاية

No comments:

Post a Comment