Flag Counter

Flag Counter

Friday, September 23, 2016

داعش يرسم ملامح النظام العالمي الجديد

إن االمحللين السياسيين ومراكز الأبحاث مشغولين إلى الأن بالإجابة على السؤال حول من أنشأ تنظيم داعش بينما يترك الجانب الأهم المتعلق بمسألة داعش, ماهو الهدف الذي يخدم إنشاء ذالك التنظيم والأعمال الوحشية التي يقوم بها؟
تعتبر بريطانيا دولة رائدة في إكتشاف المواهب الإرهابية منذ أن إكتشفت جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده الذي وصل إلى أحد أكثر المناصب حساسية في مصر وهو منصب المفتي وبإستقلالية كاملة عن مشيخة الأزهر. مصر كانت تحتل موقعا إستراتيجيا هاما في الخارطة الجغرافية للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس خصوصا قناة السويس وكونها تعتبر طريقا حيويا لدرة التاج البريطاني في الهند. الإحتلال البريطاني لمصر تعلم درسا مهما من الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت حيث لقيت مقاومة شديدة من الشعب المصري لعب فيها الجامع الأزهر وأئمته دورا رئيسيا في تحريض الجماهير المصرية على الثورة ضد الإحتلال الفرنسي. سليمان الحلبي الذي إغتال الجنرال كليبر القائد العام للقوات الفرنسية في مصر بعد مغادرة نابليون بونابرت عائدا إلى فرنسا, كان من سوريا من التلاميذ الدارسين في الأزهر.
إن تهميش دور المراكز الإسلامية الرئيسية في الوطن العربي كالجامع الأزهر في مصر, جامع الزيتونة في تونس والمسجد الأقصى في فلسطين كان ومازال أولوية في أجندات الإستعمار الأجنبي للبلدان العربية. إنشاء مؤسسات إسلامية مطواعة تخدم أهداف الإحتلال الأجنبي بطريقة غير مباشرة بقي هدفا يسعى إليه كل مستعمر حيث تسطيح دور المساجد كمنابر لمقاومة الإحتلال وتوعية الشعوب.
إن تلك الخطة إستمر تطبيقها على مراحل أولها تلميع شخصيات إسلامية أطلق عليها إعلاميا تجديدية وأن منهجها هو منهج نهضة وإصلاح وهي المرحلة التي بدأت في القرن التاسع عشر وإستمرت حتى بدايات القرن العشرين. وكما ذكرت سابقا فإن جمال الدين الأفغاني, محمد عبده ومحمد رشيد رضا كانوا أبرز شخصيات تلك المرحلة.
وفي سنة 1928 نضجت فكرة إنشاء تنظيم إسلامي رئيسي يجمع كافة التيارات والشخصيات الإسلامية المهادنة للإستعمار الأجنبي حيث قامت شركة قناة السويس البريطانية بالعمل كواجهة ومولت بمبلغ 500 جنيه مصري إنشاء أول مسجد لحركة الإخوان المسلمين في مصر في مدينة الإسماعيلية حيث يشاع على نطاق واسع أن حسن البنا إستولى على رئاسة التنظيم بعد صراعات داخلية. إن تلك السنة شهدت بداية المرحلة الثانية وإستمرت إلى سنة 1978-1979.
المرحلة الثالثة هي فترة الحرب ضد الإتحاد السوفياتي في أفغانستان حيث إستمرت حتى تحقيق غايتها وهي تفكيك العملاق الشيوعي وهيمنة القطب الواحد على المسرح السياسي والإقتصادي العالمي. وفي تلك المرحلة فقد تم إطلاق ألقاب مثل مقاتلي الحرية من قبل الإعلام الغربي على المقاتلين الأفغان على الرغم من أجنداتهم المعادية للحريات والديمقراطية وتحقيرهم للمرأة ودورها في المجتمع حتى أنه تم إستقبالهم في البيت الأبيض من قبل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان.
المرحلة الرابعة كانت خروج تنظيم القاعدة الذي تم تأسيسه على يد عبدالله عزام إلى العلن وإستيلاء أسامة بن لادن وأيمن الظواهري على الإسم وتسجيله كعلامة تجارية. أسامة إبن لادن أصدر أوامره بإغتيال القائد الوطني الأفغاني أحمد شاه مسعود قبل يومين من أحداث سيبتمبر لأنه كان يتمتع بالشعبية ومرشحا في مرحلة مابعد الإتحاد السوفياتي لقيادة أفغانستان فقد كان قائدا مشبعا بروح الوطنية ورافضا بالمجمل  للتواجد الأجنبي في أفغانستان.
المرحلة الخامسة هي تأسيس تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين من رحم تنظيم القاعدة على يد الصهيوني الفرنسي برنارد هنري ليفي بداية في منطقة كردستان العراقية ثم إنتقاله للعمل في المحافظات العراقية الداخلية خصوصا بغداد والهدف إشعال حرب أهلية عراقية وقد نجح في ذالك إلى حد ما.
المرحلة السادسة هي تأسيس تنظيم داعش وحاليا يتم الترويج على فترات متقطعة لتنظيم خراسان الذي يتشكل من بقايا قيادات تنظيم القاعدة في أفغانستان.
إن كافة المراحل التي سبقت تأسيس تنظيم داعش في كفة وتأسيس ذالك التنظيم الدموي في كفة أخرى من ناحية التطور في أدائه حيث أصبح قيامه بعمليات إرهابية في أوروبا أمرا متكررا خصوصا أن عددا كبيرا من أعضائه قد تسلل لدول أوروبية عديدة مع موجة اللاجئين الأخيرة. كما أنه تم ضبط شحنات كبيرة من الأسلحة خصوصا من قبل السلطات اليونانية كانت مسجلة على أنها مساعدات لمخيمات اللاجئين في أوروبا.
إن ظهور تنظيم داعش قد أدى إلى إنتشار مفهوم أو مصطلح جديد هو عولمة الإرهاب, تحويله من مجرد ظاهرة إلى صناعة تدر تريليونات الدولارات. الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن هو صاحب الفضل في إخراج ذالك المفهوم إلى حيز الوجود إثر أحداث سيبتمبر وإن لك يكن باللفظة الصريحة. مقولة من ليس معنا فهو علينا كانت هي العصا التي يتم تأديب الدول التي لا تقبل بالسياسات التي تفرضها الإدارة الأمريكية حيث تغيرت الأساليب مع مرور الوقت فقد كان من الشائع في السابق إتهام الدولة بأنها شيوعية لمجرد أنها لا تقوم بتطبيق سياسات العولمة وتحرير التجارة والسماح للشركات الأجنبية العملاقة بشراء الموارد الطبيعية بأبخس الأسعار.
إن تصريح أحد كبار المسؤولين الأمريكيين "سوف نصنع لهم إسلاما يناسبهم" يصب في صالح تأسيس تنظيمات كداعش ومن ثم مكافحة التنظيم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب وتأديب الدول المارقة. الحرب على الإرهاب ليست حربا حصرية على المسلمين والإسلام فالأقليات والمسيحية الشرقية كانت ومازالت هدفا للأعمال الوحشية لتنظيمات كداعش حيث لا نسمع أصوات الكنائس المسيحية الرئيسية التي تعتبر مسيحيي الشرق هراطقة وبالتالي هي أيضا لها مصلحة فيما تقوم به تلك التنظيمات الإجرامية كما أن بان كي مون لا يشعر بالقلق لمقتل عشرات الألاف من المواطنين العراقيين والسوريين لمجرد إنتمائهم العرقي.
ولعله من المفترض أن تلك التنظيمات المتطرفة من المفترض أنها تضع تحرير فلسطين والأقصى السليب على قائمة اولوياتها ولكن على العكس فقد حدث إنقلاب في المفاهيم أحدثته لدى أتباعها ومناصريها حيث تخلى عن قضية تحرير فلسطين مئات الشباب الفلسطيني ليلتحق بتنظيم داعش وغيرها من الحركات المتطرفة للقتال في سوريا والعراق والشيشان والكثير من المناطق التي توصف بأنها بقاع ساخنة.
الأعمال الوحشية التي يقوم بها تنظيم تنظيم داعش ومن قبله تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ومن قبله تنظيم القاعدة موجهة ضد المسلمين والأقليات بذريعة الإنتماء العرقي والديني. إن تلك الخطوات والأعمال الوحشية ليست عشوائية كما يظن بعضهم بل من يتابعها بدقة فإنها تخدم رسم خطوط دم وصراع جديدة في الشرق الأوسط والتمهيد لإتفاقية سايكس بيكو2. كما أن تحركات تنظيم داعش متوافقة مع خطوط النفط والغاز ومكامن الطاقة في المنطقة وذالك أمر يجب أن لا يخفى عن المتابعين لأخبار التنظيم والمحللين وخبراء مراكز الأبحاث.
إن تنظيم داعش وعلى غفلة من عقلاء ومثقفي الوطن العربي والنخب الفكرية التي من المفترض أن المواجهة الفكرية مع التنظيم تقع على عاتقها, فقد تسلل إلى خريطة المنطقة ويقوم بتنفيذ أجندات غربية مرسومة بدقة ويرسم ملامح النظام العالمي الجديد ولكن ليس منذ خروج اليهودي البريطاني برنارد لويس بنظريته لتفتيت الوطت العربي, بل منذ وقت سابق لذالك بكثير.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية


No comments:

Post a Comment