Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, March 29, 2016

من هي الجهة التي سوف تدفع ثمن فاتورة فشل تيار الإسلام السياسي في سوريا؟


على هامش مشكلة أسعار النفط التي إنخفضت لمستويات تهدد عدد من الشركات النفطية فعلا بالإفلاس وعند ذالك أسأل نفسي السؤال الذي تعودت أن أسأله عند بحثي في أي مسألة, من هو المستفيد؟
بالتأكيد السعودية مستفيدة من تخفيض أسعار النفط لتلك المستويات القياسية وان ذالك له علاقة بما يدور في سوريا وتكرار لسيناريو الثمانينيات خصوصا محاولة التأثير على إقتصاد الإتحاد السوفياتي ولكن هي أيضا متضررة لمجموعة أسباب. أول تلك الأسباب هو أنها تعتمد بشكل كبير في ميزانيتها على مبيعات النفط بنسبة 74% وذالك حين كان سعر البرميل يتجاوز حاجز 100 دولار. السبب الثاني أنها تخوض حربا مكلفة في اليمن ولديها حدود مضطربة مع تلك البلد لن تهدأ في القريب العاجل كما أن الأزمة السورية تستنزف سنويا من ميزانية السعودية مبالغ مالية لا يستهان بها. السبب الثالث هو ميزانية التسليح التي تعد أولوية وتؤثر على إنخفاض أو إرتفاع الأموال المخصصة للإنفاق على مشاريع البنية التحتية والرعاية الإجتماعية ودعم السلع الأساسية. وبالطبع قد يكون هناك أسباب أخرى كثيرة كما أن السعودية مؤخرا قد قامت بطرح سندات حكومية وهناك انباء بخصوص الإقتراض من الأسواق المالية الدولية. كما أن السعودية قد إستفادت بخصوص صراعها مع شركات إنتاج النفط الصخري والتي أوشك عدد منها بالفعل على الإفلاس.
الولايات المتحدة أيضا إستفادت من تخفيض أسعار النفط في صراعها مع روسيا وإيران وفنزويلا وحتى كما يذكر بعضهم الصين التي هناك أنباء عن تباطئ النمو الإقتصادي فيها على الرغم من إنخفاض أسعار النفط لتلك المستويات وهو أمر يثير إستغرابي. الصين بالتأكيد سوف تستفيد من إنخفاض أسعار النفط حاليا ولكن ماذا حين تعود مستويات الأسعار لتقفز فوق حاجز 60 دولار وحتى 100 دولار للبرميل؟
المشكلة هي أن كبريات شركات النفط الأمريكية تخسر أموالا طائلة وهي بالتأكيد لن تسكت على ذالك حيث أنها ليست لقمة سائغة كما يظن البعض حتى بالنسبة لعملاق نفطي كالسعودية. شركات النفط الأمريكية والبريطانية تتبع لها لوبيات ضغط ومصالح وشركات وأشخاص على إستعداد للقيام بأي عمل للحفاظ على مصالحهم. تلك الشركات وكبريات البنوك والمصالح المالية كانت وراء الإنقلاب على حكومة مصدق في إيران سنة 1953 وإعادة الشاه محمد رضا بهلوي للحكم ثم كانت نفس الجهات وراء خلع الشاه من كرسي الحكم سنة 1979 حين بدأ يفكر بالتمرد وبتأميم مصالح الشركات النفطية جزئيا أو كليا إذا لم تستجب لمطاليته لها بمزيد من أرباح مبيعات النفط الإيراني.
تحريك لوبيات الضغط النفطية بدأ ضد المملكة العربية السعودية بالحديث عن حقوق الإنسان ورأس الحربة فيه هو منظمة العفو الدولية وجماعات حقوق الإنسان التي تتبعها بشكل أو بأخر على إختلاف مسمياتها وإنتقائيتها في النظر لتلك المسألة خصوصا أنه لا حاجة للحديث عن حقوق الإنسان والتمييز العنصري الذي تتجاهله تلك المنظمات في عدد من الدول الغربية التي تمارس التمييز العنصري والعرقي ضد سكانها الأصليين الذين يسكنون في محميات تفتقر إلى أبسط أنواع الخدمات مثل المياه النظيفة أو السكن اللائق أو حتى تمارس التمييز ضد مواطنيها على أساس عرقي.
وأنا فيما أكتب لست أحكم على الخطوات التي تتخذها المملكة العربية السعودية بالسلب أو بالإيجاب ونفس الأمر يسري على الخطوات التي تتخذها الأطراف الأخرى التي تضررت مصالحها بسبب تخفيض أسعار النفط فأنا أقوم بإستعراض المعلومات وربط الخيوط ببعضها. برنارد هنري ليفي عراب ثورات الخراب والدم إستهدف بسهامه السعودية ولأول مرة في مقال بعنوان "أوقفوا السعودية" في الوقت نفسه الذي إستهدفها الكاتب والمعلق الأمريكي توماس فريدمان "صديقتنا للأبد الراديكالية الإسلامية.. السعودية" وعلى الرغم من أن فريدمان قد زار السعودية في وقت لاحق حيث زعمت وسائل إعلامية مختلفة عن تغيير وجهة نظره ولكني لست أثق في أمثال هؤلاء الأشخاص ولست أثق في وسائل إعلامية خطها من نشأتها بعيد عن الحيادية والشفافية في تحليل المواقف السياسية المختلفة. برنارد هنري ليفي يهودي فرنسي وصهيوني متعصب كما أن توماس فريدمان أمريكي يهودي وليس أقل صهيونية من زميله وكون كلاهما إستهدف السعودية في مقالاته وفي توقيت متقارب ليس صدفة بريئة.
هناك أمر مهم علينا أن نلاحظه حين نحاول تحليل أي موقف سياسي أو تصريح صادر من وسيلة إعلامية بأنه يجب علينا أن لا ننظر إليه كمكون منفصل أو بمعزل عن الأحداث الدولية أو تصريحات لمسؤولين يحتلون مناصب مهمة في بلادهم حيث يوصفون بأنهم من النخبة المتحكمة في صنع القرار السياسي والتأثير به على المستوى الدولي. فحين يصدر تصريح من وسائل إعلامية مختلفة بأن إجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع الرئيس الروسي هو لتقرير مصير الرئيس السوري فعلينا أن نعرف أن الغاية للإجتماع هي غير ذالك, فهي لو كانت مخصصة لتلك الغاية لما تم التصريح بها لوسائل الإعلام المختلفة. أقطاب السياسة الدولية والنخب المتحكمة بالقرار السياسي لا تتصرف بطريقة الإستعراض الإعلامي المتبعة في العالم العربي بل يكون هناك مجموعة صحفيين ومصورين من أجل إلتقاط الصور التذكارية وبيان ختامي للإجتماع معد مسبقا ومايجري وراء الأبواب الموصدة يبقى وراء تلك الأبواب ولكن يستطيع تخمينه محللين سياسيين يعملون بالقطعة من الذين يظهرون على شاشات الفضائيات بمناسبة أو بدون مناسبة أكثر من الراقصات ونجوم الغناء والفن.
الإجتماعات المتوالية لكبار المسؤولين الأمريكيين والروس ليس لها أي علاقة بمسألة بقاء الرئيس السوري من عدمه فتلك مسألة محسومة حتى قبل ان تبدأ الأحداث حين كان يجري التحضير لها في كواليس السياسة الدولية على هامش الصراع على مصادر الطاقة في المنطقة والتحكم بها وماجرى من تلك الأحداث حتى هذه اللحظة هو نتيجة رفض الطرف الروسي تقديم أي تنازلات مسبقة فتم الزج بالإسلام السياسي ممثلا بحزب الإخوان المسلمين في الأحداث بكامل ثقله وتم تمويل وتدريب عشرات الألاف من المغسولة أدمغتهم بأفيون الأساطير الدينية والغيبيات في أتون معركة الهدف منها ليس الفوز بها بل إحداث أكبر قد ممكن من الدمار وإعادة عجلة الزمن في سوريا للوراء, للعصر الحجري كما يرغب بعضهم.
إرهاب الإسلام السياسي بدأ يلقي بظلاله على العالم بأكمله ويهدد طريقة العيش وحياة مليارات الأشخاص. إنها ليس معركة يحاول القائمون عليه الفوز بها فتلك أضغاث أحلام وهم يعرفون بذالك مسبقا ولكنها محاولة إبتزاز العالم لتحقيق أجندات معينة بوسائل مختلفة منها الإرهاب ومسألة اللاجئين خصوصا أوروبا التي بدأت تتعالى الأصوات المعترضة فيها والمتسائلة عمن يقوم بتمويل إرهاب الإسلام السياسي على مستوى العالم؟
كبار المسؤولين الأوروبيين بدأت تتعالى أصواتهم ويتسائلون عمن يقف وراء الأحداث في سوريا والتي فجرت أكبر موجة إرهاب يقف ورائها الإسلام السياسي عرفها العالم. إجتماعات وتصريحات وإتهامات تطال خصوصا تركيا وجماعة الإخوان المسلمين بأنها تحاول غزو أوروبا من خلال موجات بشرية متمثلة بمئات الألاف من اللاجئين. عدد كبير مت الوفود البرلمانية والشعبية الأوروبية زارت ومازال تتوافد على سوريا لسماع وجهة النظر السورية الرسمية وللحصول على المعلومات والأدلة التي يتستر عليها إعلام بلادهم والحقيقة التي يتم إخفائها عنهم.
إجتماع كيري-بوتين ليس مخصص لبحث مسألة بقاء الرئيس السوري من عدمه بل لبحث مسائل مثل أين وكيف سوف يتم التخلص من عشرات الألاف من أتباع الإسلام السياسي الذين يقاتلون في سوريا والعراق بعد الفشل الذريع للمهمة التي كلفوا القيام بها وأين سوف يتم إرسالهم من أجل ذالك؟ أم سوف يتم تكليف الجيش السوري والجيش العراقي بتكوين فكي كماشة والإطباق على هؤلاء؟
بإختصار فهدف ذالك الإجتماع وغيرها من الإجتماعات بين أقطاب السياسة الدولية والنخب المتحكمة والتي تؤثر بالقرار السياسي على المستوى العالمي يمكن تلخيص كل ذالك بجملة واحدة " من هو الذي سوف يدفع ثمن الفشل في سوريا؟ ".
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment