Flag Counter

Flag Counter

Saturday, March 19, 2016

كيف تم إستخدام النفط كأحد أبرز الأدوات لإستهداف أوروبا إقتصاديا(3)؟

في الولايات المتحدة وإثر إنفجار فضيحة ووتر غيت في الفترة التي سبقت حرب سنة 1973 فقد أقنع هينري كيسنجر الرئيس ريتشارد نيكسون بتعيينه في منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي فأصبح بحكم منصبة متحكما بكافة خيوط اللعبة خصوصا أنه قد حامت حوله الشكوك بتورطه في فضيحة ووتر غيت كونه كان مستفيدا من إكتشاف الفضيحة في تجميع المزيد من السلطات بين يديه خصوصا أنه أصبح مستشار الأمن القومي بالإضافة إلى منصبه كوزير للخارجية.
وفي شهر فبراير\1973 فقد تمكن هينري كيسنجر من إقناع الرئيس الأمريكي نيكسون من تشكيل لجنة ثلاثية مؤلفة من وزير الخزانة جورج شولتز(George Shultz), مستشار الأمن القومي هينري كيسنجر(Henry Kissinger) ومساعد الرئيس الأمريكي جون إينرلخمان(John Ehrlichman). لجنة الطاقة الخاصة للبيت الأبيض(White House Special Energy Committee) كان إسم اللجنة التي كان دور هينري كيسنجر فيها مركزيا ومحوريا. في بدايات سنة 1973 فقد بدأت المخزونات الإستراتيجية النفطية الخاصة بالولايات المتحدة بالإنخفاض إلى مستويات كان من المفترض أن تطلق أجراس إنذار.
وليام إي سيمون(William E Simon) هو أحد مساعدي جورج شولتز في وزارة الخزانة والذي تم إرساله إلى المملكة العربية السعودية وإيران في محاولة للعمل على خفض الأسعار عبر زيادة في كمية إنتاج النفط وهو ماكانت المملكة العربية السعودية ممثلة بوزير النفط الشيخ يماني تدعمه. مهمة وليام سيمون لم تكن إلا عبارة عن تمثيلية مسرحية لأن هينري كيسنجر بوصفه وزير للخارجية فقد عمل على حجب الدعم عن مهمة وليام سيمون في السعودية كما أنه كانت هناك تفاهمات مسبقة مع شاه إيران بخصوص إبقاء أسعار النفط مرتفعة. وكما كان يردد السفير الأمريكي في السعودية جيمس إيكنز(Games Akins) بأن وزير النفط السعودي الشيخ أحمد زكي اليماني توصل إلى قناعة بأن الولايات المتحدة لاترغب بخفض سعر النفط أو على الأقل هينري كيسنجر ليس جادا في محاولاته للقيام بذالك. هينري كيسنجر بوصفه وزيرا للخارجية قام لاحقا بطرد جيمس إيكنز من منصبه.
في وقت مبكر من سنة 1974 فقد قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بإرسال أحد كبار مستشاري البيت الأبيض لوزير الخزانة الأمريكي من أجل البحث في مسألة تخفيض سعر برميل النفط ولكن بدون تحقيق أي نتيجة إيجابية حيث ذكر أن كبار رجال البنوك هم من قام بوضع الإقتراح بتخفيض سعر النفط جانبا وبدلا منه كانوا يضغطون في إتجاه كيفية الإستفادة من عوائد النفط المرتفعة فيما أصبح يعرف بإعادة تدوير البيترو-دولار(Petrodollar Recycling). في تلك الفترة فقد شهدت البنوك الغربية وعلى وجه الخصوص بنوك وول ستريت إنتعاشا لامثيل له بفضل عشرات المليارات من الدولارات التي ملئت خزائنها من عائدات النفط المرتفعة. على سبيل المثال فقد حققت إيران في تلك الفترة عائدات سنوية من النفط حصريا بلغت 14 مليار دولار تقريبا كان أغلبها يمر ببنوك وول ستريت
مساعد وزير الخزانة الأمريكي جاك بينيت(Jack F Bennett) والذي إشتهر بأنه بمساعدة بول فولكر قاما بتقديم النصيحة للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بخصوص التخلي عن إتفاقية بريتون وودز لعب دورا بارزا في إعادة تدوير البيترو-دولار(Petrodollar Recycling). جاك بينت الذي بدأ عمله مع وزارة الخزانة سنة 1971 قادما من شركة إكسون(Exxon) قام بزيارة للمملكة العربية السعودية لإضفاء الطابع الرسمي على صفقة التحالف الإستراتيجي السعودي-الأمريكي وذالك مع مؤسسة النقد العربي السعودي(Sama) التي تتعهد بإستثمار حصة رئيسية من العائدات المالية الناتجة عن إرتفاع أسعار النفط في سندات الدين التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية وضمان أن يتم بيع وتسعير النفط بالدولار الأمريكي وذالك مقابل تعهدات بإعطاء السعودية أفضلية في الحصول على أحدث التكنولوجيا العسكرية والتدريب العسكري. إعادة تدوير البيترو-دولار(Petrodollar Recycling) قامت بتمويل النهوض الإقتصادي الأمريكي فيما أصبح يعرف بالقرن الأمريكي(American Century) على الرغم من تداعي الصناعة المحلية الأمريكية.
جاك بينيت قام بإرسال دافيد ميلفورد(Davide Milford) كمستشار إستثماري لمؤسسة سما السعودية لضمان إعادة تدوير البترو-دولار للبنوك المناسبة والتي كانت على الأغلب في لندن ونيويورك. دافيد ميلفورد تولى عدة مناصب مهمة منها سفير للولايات المتحدة في الهند, عضو في مجلس المديرين لمؤسسة (Credit Suisse First Boston) وهي أحد أفرع بنك (Credit Suisse) وهي مؤسسة مالية مصرفية متعددة الجنسيات مقرها الرئيسي في سويسرا.
أموال إعادة تدوير البترو-دولار كانت تدخل البنوك في نيويورك ولندن لتخرج منها على شكل قروض بفوائد مرتفعة لدول مثل البرازيل والأرجنتين لتمويل وارداتها النفطية مما أصاب إقتصاديات تلك الدول بالعجز التدريجي وصولا للأزمة المالية التي بدأت ترخي بظلالها سنة 1980 وتسببت بركود إقتصادي على المستوى العالمي.
وفي منتصف سنة 1974 وأزمة إرتفاع أسعار النفط في ذروتها فقد لعب ماريون هوبرت(Marion Hubert) المعروف بإسمه الأكثر شهرة الملك(Marion King Hubbert) دورا رئيسيا في الأزمة النفطية حين أدلى بتصريحات صادمة كعادته لمجلة ناشيونال جيوغرافيك هذه المرة بأن إنتاج النفط في العالم سوف يصل لذروته(Peak) سنة 1995. هوبرت إشتهر قبل ذالك بتصريحاته بأن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سوف يصل لمرحلة الذروة سنة 1970. الأكاديمية الوطنية للعلوم(National Academy Of Science) سارعت سنة 1970 لتبني تصريحات هوبرت وإعطتها المصداقية متراجعة عن تقديراتها السابقة التي وصفتها بالمتفائلة وأنها كانت تقديرات غير صحيحة. الأموال التي كانت يتم بها تمويل الأكاديمية القومية للعلوم مصدرها بشكل رئيسي مجموعة الشركات النفطية ومؤسسة روكفلر والتي كانت تستخدم الأبحاث العلمية للمؤسسة للمضي قدما في أجنداتها ومنح تقاريرها المصداقية. هوبرت تلقى جائزة الخدمة العامة(Public Service Award) من مؤسسة روكفيلر نتيجة دوره وأبحاثة في مجال النفط بما يخدم أجندات الشركات النفطية ويحقق أهدافها وخصوصا أجندات لها علاقة بالبيئة بإستخدام أساليب دعائية ملتوية متعلقة بأزمة بيئية ومناخية سببها الرئيسي الإنبعاث الكربوني.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الثالث والأخير

No comments:

Post a Comment