بتاريخ 22\أكتوبر\1922 وهو اليوم اللاحق لإستسلام القوات اليونانية للجيش التركي بقيادة مصطفى كمال اتاتورك, قامت السير بيرس كوكس بالنيابة عن الحكومة البريطانية بالتوقيع على معاهدة الحماية البريطانية للعراق مع الملك فيصل إبن الشريف حسين بمايضمن سيطرتها على الجيش, الإقتصاد والأهم حقول النفط.
في الشهر اللاحق لتوقيع الإتفاق, نوفمبر\1922, فقد قامت قوات عراقية بقيادة بريطانية بالزحف والسيطرة على حقول النفط في منطقتي الموصل وكركوك بعد إتفاق بريطاني\فرنسي يقضي بالسماح لفرنسا بالسيطرة على منطقة الرور الصناعية والتي تقع في مقاطعة الراين الألمانية بذريعة ضمان حصة فرنسا في تعويضات الحرب العالمية الثانية التي توجب على ألمانيا دفعها. كما أن إتفاقية فرساي التي تم التوقيع عليها سنة 1919 تضمنت بنودا لها علاقة بإنتقال الحصص التي يملكها بنك دويتشه الألماني من خط سكة برلين-بغداد إلى شركة بريطانية-فرنسية-إيطالية مشتركة بواسطة محكم من عصبة الأمم التي كانت تحت السيطرة البريطانية عمليا وتم إنشائها مباشرة إثر إنتهاء الحرب العالمية الأولى وتوقيع معاهدة فرساي.
الحكومة الإيطالية كانت تعتبر العراق جزءا من الإمبراطورية الرومانية حيث كانت تعارض منحه الإستقلال بالتعارض من وجهة النظر الألمانية. الحكومة الألمانية من جانبها قامت بتأجيل بحث المسألة العراقية حتى بداية حملة بارباروسا سنة 1941 مماضيع الفرصة لقيام ثورة في العراق تكون موالية لإيطاليا. ولعل سبب التأجيل هو أن التحالف الألماني-الإيطالي لم تكن ملامحه متضحة بشكل كامل حيث كان هناك خلافات دبلوماسية بين البلدين لعل أهمها متعلق بمعارضة إيطاليا لعملية بارباروسا.
في كانون الثاني سنة 1941 فإن المسؤولين والمخططين الإستراتيجيين لحملة بارباروسا قد قاموا بتبادل مذكرات داخلية بينهم وبين القيادة الألمانية متعلقة بالعراق وأهمية تركيز السياسة الخارجية الألمانية على منطقة الشرق الأوسط وخصوصا العراق الغني بحقول النفط. تلك المذكرات الداخلية تناولت تفاصيل متعلقة بإحباط مساعي إيطاليا لمنع قيام ثورات داخلية خصوصا في العراق وفلسطين تكون مؤيدة لدول المحور حيث نصح المستشارون القيادة الألمانية تقديم كافة أشكال الدعم الممكن لقيام تلك الثورات.
وفي شهر مايو 1941 بدأت الحملة الألمانية-الإيطالية المشتركة في شمال أفريقيا والتي تستهدف السيطرة على مصر كخطوة أولى لتهديد الهند التي كانت تعتبر درة التاج البريطاني ومن ثم السيطرة على العراق وحقوله الغنية بالنفط عن طريق تقديم الدعم لثورة رشيد عالي الكيلاني وكذالك محمد أمين الحسيني في فلسطين وللقوى المناوئة لبريطانيا وفرنسا في كل من سوريا وإيران.
في أبريل سنة 1941 قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق بمساندة القوى القومية المؤيدة لألمانيا والمعارضة لبريطانيا حيث تم عزل الملك فيصل. ردة فعل الحكومة البريطانية كانت فورية حيث تم إنزال 14 ألف جندي هندي من ضمن القوات البريطانية العاملة في الهند كما قامت القوات الجوية البريطانية بتدمير الدعم الجوي الضعيف الذي قدمته ألمانيا للكيلاني وحلفائه. بريطانيا نجحت في إفشال ثورة رشيد عالي الكيلاني حيث أن الدعم الذي حاولت ألمانيا تقديمه كان ضعيفا وغير متناسب مع حجم الأمال المعقودة في السيطرة على حقول النفط في العراق وخط نقل الأنابيب الذي يمر بفلسطين في منطقة حيفا والذي كانت وجهته النهائية مدينة طرابلس التي تقع حاليا في لبنان.
ألمانيا خسرت الحرب العالمية الثانية بسبب نفاذ مخزونها من الوقود وتلك ليست مزحة بل معلومات وردت في نتائج التحقيق المبدئي الذي أمر به الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت سنة 1944. التقرير أورد معلومات عن أن التأثير الأكبر للحملات الجوية ضد ألمانيا سوف يؤتي ثماره في حالة قصف المنشئات التي تقوم بتزويد الألة الحربية الألمانية بالنفط الصناعي بالإضافة للحملات العسكرية للسيطرة على حقول النفط في رومانيا والمجر. التقرير ذكر عدد 13 منشأة رئيسية لإنتاج الوقود الصناعي و3 منشئات فرعية تعمل على تزويد ألمانيا بما نسبته 25 تقريبا من إحتياجاتها من الوقود خصوصا سلاح الجو الألماني. بحلول حزيران 1944 فقد تمكنت حملات القصف المستمرة منذ سنة 1943 والتي قامت بها أكثر من 6 ألاف طائرة من الحلفاء قامت بإلقاء 18 ألف طن من القنابل من إصابة كل المنشئات الرئيسية بأضرار بالغة حيث لم يتم إستعادة الإنتاج لمستواه الطبيعي. في سلسلة رسائل من وزير التسليح الحربي الألماني ألبرت سبير للقيادة العسكرية الألمانية فقد ذكر الضرر البالغ الذي أصاب إنتاج النفط الصناعي بسبب حملات القصف المستمرة من قبل طيران الحلفاء حيث أصيب الإنتاج بخسارة بلغت 90% من الطاقة الإنتاجية.
المسؤول عن ذالك التقرير وعن الخطط التفصيلية لإستهداف تلك المنشئات الألمانية هو ضابط أمريكي من مواليد ألمانيا يعمل في مكتب الخدمات الإستراتيجية(OSS) يدعى والتر جي ليفي(Walter. J. Levy) والذي قدر له أن يلعب دورا رئيسيا في أزمة 1973 النفطية والتي يتداول على نطاق واسع أنه تم تحويرها لتستهدف ألمانيا او أنها بالأساس تم إستغلال أحداثها لإستهداف القوة الصناعية الألمانية التي أوشكت في تلك الفترة على إبتلاع أوروبا ليس عن طريق القوة العسكرية بل بإستخدام التقدم العلمي والصناعي.
إن من أهم نتائج الحرب العالمية الثانية أنه تم التوصل لإستنتاج من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية بشكل عام إلى أهمية النفط كسلاح يستخدم في الحروب. المخططون الإستراتيجيون والعسكريون فهموا دور النفط وأنه أهم سلاح يتحكم في مسار الحرب ونتائج المعارك مماأدى إلى تحول جذري في طريقة تخطيط وخوض المعارك حيث أصبح تأمين أبار النفط وإحتياطياته أولوية قصوى.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment