في حال فشل جميع السيناريوهات التي يقترحها المختصون لإنقاذ الوضع الكارثي الذي وصل إليه الإقتصاد العالمي فسوف يكون الحل هو فوضى إقتصادية ومالية سوف تتجاوز جميع الإنهيارات الإقتصادية السابقة. وكما أن حادثة إحراق البوعزيزي نفسه في تونس كانت الشرارة التي تم إستغلالها لإخفاء مايسمى الربيع العربي الذي إنتشرت شرارته من تونس إلى مجموعة بلدان أخرى, وكما كانت حادثة إنهيار بنك ليمان برثرز الشرارة التي شهدت أسوأ إنهيار إقتصادي كان الأسواء حتى تاريخه, فما هو العامل المحفز الذي سوف يكون السبب في الإنهيار الإقتصادي القادم الذي سوف يكون له تأثير كارثي سوف يجعل كافة الإنهيارات السابقة عبر التاريخ في حجمها مقارنة بالإنهيار القادم تكاد لا تذكر.
قد يكون العامل المحفز لإنهيار الدولار مثلا إمتناع الصين والتي تعد أكبر مستثمر في سندات الدين التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية عن المشاركة في مزاد يقام لشراء تلك السندات مما قد يعني فقدان الثقة بالدولار من أكبر دولة تعد مستثمرة فيه.
هناك سيناريو أخر قد يكون قرار بنك الإحتياطي الفيدراليي الأمريكي برفع مستوى الفائدة مما يعني إرتفاع كلفة خدمة الدين في الولايات المتحدة وكساد إقتصادي عالمي بسبب إنخفاض مستوى السيولة اللازمة لتمويل المشاريع على مستوى العالم.
هناك سيناريو مماثل ولكنه هذه المرة سوف يكون مسرحه أوروبيا مثل فشل مزاد على سندات الدين في بلد مثل إسبانيا أو حتى اليونان حيث سوف تقوم الحكومة اليونانية بطرح سندات دين حكومية لن تجد قبولا بين المستثمرين والممولين الدوليين الذي سوف يفقدون الثقة بقدرة اليونان على السداد وبقدرة الإتحاد الأوروبي على إنتشال اليونان من براثن إرتفاع مستوى دينها الحكومي السيادي. دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا سوف تحاول إنقاذ سمعة اليورو بحزمة إنقاذ إقتصادية مقابل شروط قاسية تفرضها على اليونان أو إسبانيا أو أي بلد أخر بأمس الحاجة للسيولة. تلك الإجرائات والشروط القاسية والتي قد تشمل تسريح أعداد كبيرة من الموظفين الحكوميين وزيادة الضرائب وخصوصا على الحسابات البنكية التي تزيد المبالغ المودعة فيها عن مبلغ محدد كما حصل في قبرص وتقليص معاشات التقاعد وإمتيازات المتقاعدين مما سوف يتسبب بإضطرابات لن تقتصر على بلد واحد بل سوف تشمل القارة الأوروبية.
إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي قد يكون عامل إرتكاز للأزمة القادمة حيث يشير الكثير من المختصين إلى إعتبار بريطانيا حصان طروادة في الإتحاد الأوروبي حيث قد يؤدي إنسحاب أي بلد منه كبريطانيا أو طردها منه كاليونان إلى بداية أزمة وإنهيار للعملة الأوروبية الموحدة(اليورو) والذي سوف يكون كنطفة الثلج التي سوف تتسبب ببداية إنهيار ثلجي على مستوى كبير سوف يجرف كل مافي طريقه.
الرئيس الأمريكي سوف يتخذ قرارات عاجلة مماثلة لتلك التي إتخذها الرئيس السابق ريتشارد نيكسون سنة 1971 وهي فرض ضريبة 10% على كافة الواردات الأجنبية للولايات المتحدة ومصادرة الذهب العائد للبلدان الأجنبية والذي تم إيداعه في حوزة الحكومة الأمريكية بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى والثانية والتعويض لتلك البلدان بدولارات مطبوعة حديثا وبسعر تحدده الحكومة الأمريكية للأونصة. السعر المقترح هو في مدى 3500 دولار - 7500 دولار للأونصة من الذهب للتغطية على الكتلة المالية المتضخمة للدولار في الأسواق العالمية. هناك دول عديدة بالفعل قد بدأت منذ فترة ليست بالبسيطة في المطالبة بذهبها المودع لدى الحكومة الأمريكية وخصوصا فنزويلا وفرنسا التي إستردت كميات معتبرة من سبائكها الذهبية.
الرئيس الأمريكي قد يقوم بتفعيل قانون (IEEPA - International Economy Emergency Economic Powers Act) وهو القانون الذي أصدره الرئيس الأمريكي جيمي كارتر سنة 1977 لمواجهة إحدى أسوأ الأزمات الإقتصادية التي عانى منها الإقتصاد الأمريكي وهو مماثل لقانون أصدره سنة 1917 الرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت وهو قانون(Trading with the Enemy Act) ويفرض فيه عقوبات على الهيئات والمؤسسات والأشخاص الذي يتاجرون مع دول تعتبر عدوة للولايات المتحدة خصوصا ألمانيا القيصرية.
هناك شرطين أساسيين من الواجب توفرهما لتفعيل قانون (IEEPA). الشرط الأول هو تهديد خارجي تتعرض له الولايات المتحدة والثاني هو موافقة الكونجرس الأمريكي على الرغم من أنها تعد موافقة شكلية حيث يمتلك الرئيس الأمريكي صلاحيات تكاد تكون مطلقة للتصرف في مثل تلك الحالات.
الرئيس الأمريكي سوف يطل من خلال القنوات التلفزيون في أوقات الذروة حيث تتم إذاعة برنامج تلفزيوني شهير حيث سوف يتم قطع بث البرنامج بطريقة دراماتيكية ليطل الرئيس الأمريكي ليعلن عن إتخاذ مجموعة من الإجرائات بشكل عاجل وفوري. تلك الإجرائات سوف تشمل التالي:
- تعيين لجنة مؤلفة من كبار مساعدي الرئيس الأمريكي المختصين بالشؤون الإقتصادية والمالية ومن كبار رجال المال والأعمال في وول ستريت وكبار مدراء البنوك للنظر في حلول للأزمة الإقتصادية ومحاولة إنقاذ الإقتصاد مايمكن إنقاذه.
- مصادرة جميع الإحتياطيات الذهبية المملوكة من قبل بنوك وحكومات أجنبية ونقلها لحوزة وزارة الخزانة الأمريكية على أن يتم تعويض أصحابها في وقت لاحق ووفق معايير تقررها حكومة الولايات المتحدة.
- سوف يتم تعليق جميع المدفوعات المترتبة على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لجهات أجنبية والمحفوظة من قبل بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سجلاته الإلكترونية ويتم منح الجهات المالكة لتلك المدفوعات عائدات عبارة عن فوائد يتم تقريرها من قبل اللجان المسؤولة التي يعينها الرئيس الأمريكي.
- يتم إلزام جميع الجهات مثل صناديق الإحتياط والبنوك المركزية والممولين والمستثمرين المالكة لسندات الدين الحكومية التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية بالإحتفاظ بسجل بتلك الإستحقاقات بقيمتها عند إعلان الرئيس الأمريكي حتى موعد إستحقاقها.
- المؤسسات المالية والإقتصادية الأمريكية سوف تقوم وبالتنسيق مع بنلك الإحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة بشراء جميع إصدارات سندات الدين الحكومية الأمريكية لضمان توفير السيولة ومحاولة إنقاذ الوضع الإقتصادي المنهار.
- أسواق البورصات والأسهم سوف يتم إغلاقها ولن يعاد إفتتاحها حتى إتخاذ قرار من اللجنة المختصة والتي شكلها الرئيس الأمريكي إثر خطابه التلفزيوني.
- جميع صادرات الذهب من الولايات المتحدة سوف يتم تعليقها حتى إشعار أخر.
- سوف يتم منع المؤسسات والأشخاص في الولايات المتحدة من الإحتفاظ بأي كمية من الذهب تتجاوز الكمية التي يتم الإعلان عنها مع بعض الإستثنائات مثل أطباء الأسنان ومن تتطلب طبيعة عملهم التعامل بكميات معينة من الذهب بشكل يومي كأطباء الأسنان. إن القرار التنفيذي رقم 6102 الذي أصدره الرئيس الأمريكي فرنكلين روزفلت سنة 1933 ويحظر على الأفراد والمؤسسات تحت طائلة عقوبات مشددة إختزال أي كمية من الذهب تتجاوز 5 أونصات بما يعادل 100 دولار بسعر 20 دولار للأونصة في ذالك الوقت يعد الأقرب لما سوف يصدر إلى الإنهيار الإقتصادي القادم.
إن تلك الإجرائات الإقتصادية التي سوف يتم إتخاذها بشكل عاجل قد تنجح في وقف الإنهيار بشكل مؤقت ولكنها لن تمنعه إن لم يتم إتخاذ حزمة إجرائات أخرى أحدها متعلق بتفعيل قانون(جلاس-سيجال) والذي أصدره الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت سنة 1933 إثر أزمة الكساد العظيم والمتعلق بالفصل بين البنوك التجارية والإستثمارية والذي تم إلغائه في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. إن تنظيم الأدوات المالية كالعقود المستقبلية والمشتقات والتجارة الإلكترونية في البورصات والأسهم سوف يكون أحد تلك الإجرائات الواجب إتخاذها ضمن أجندات إصلاح النظام المالي والإقتصادي في الولايات المتحدة الذي تضخم لدرجة أن أي ضعف يصيبه فلن يقتصر التأثير على الولايات المتحدة بل على العالم بأجمعه فكيف إذا كان إنهيارا إقتصاديا يتجاوز في حجمه وخسائره المالية أي كارثة إقتصادية ومالية سبقته؟
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
شكراً استاذي الكلاسيكي، قرات الموضوع بنهم شديد
ReplyDeleteحزم الإنقاذ الإقتصادية للولايات المتحدة تبدوي لي صارمة وموثوقة جداً بالنظر للكوارث الإقتصادية السابقة و بغض النظر عن حجمها
رجال المال والإقتصاد في الولايات المتحدة هم رافد مهم و مرتكز تفاؤل لي و ربما للأمريكان انفسهم
نتمنى تحسن الأوضاع، بالنسبة لي أشعر بتفاؤل شديد و أرى المستقبل أمامي رغم تشاؤم الجميع على الصعيد الإقتصادي او حتى السياسي.
Thanks again plus share, Alaa M.
��