Flag Counter

Flag Counter

Sunday, June 11, 2023

لماذا فشلت دول إفريقيا رغم الثروات والموارد الطبيعية؟

إن الإجابة على السؤال محور الموضوع حول أسباب فشل بلدان القارة الإفريقية في تحقيق التنمية والرخاء الاقتصادي رغم مرور عقود على الإستقلال يعتبر ضمن الإجابة الأكثر شمولا حول أسباب تقدم أو فشل الأمم. بلدان القارة الإفريقية غنية بالموارد والثروات الطبيعية أهمها على سبيل المثال: النفط, الغاز, الألماس, الذهب, الكوبالت, النحاس, الحديد, التيتانيوم , اليورانيوم, الأخشاب, المطاط, المياه وطبيعة خلابة ساحرة. ولكن على الرغم من تلك الثروات الطبيعية إلا أن بلدان القارة الإفريقية هي الأفقر عالميا والأقل في معدلات النمو الاقتصادي والتنمية والأعلى في معدل وفيات المواليد الجدد.

نيجيريا على سبيل المثال أكبر منتج للنفط في القارة الإفريقية ولكن في الوقت نفسه, لديها أكبر مدينة عشوائية عائمة في العالم تقع في العاصمة لاغوس. مالي دولة غنية بالذهب وكانت في السابق إمبراطورية إسلامية حيث يعتبر أحد ملوكها, منسى الأول, أغنى شخص في العالم حيث تقدر ثروته حاليا لو كان على قيد الحياة أكثر من ٤٠٠ مليار دولار. ولكن رمال الصحراء في مالي غنية بمعدن أصفر آخر لايقل أهمية عن النفط في مجال الطاقة وهو اليورانيوم. سيراليون غنية بالأخشاب, الألماس, التيتانيوم والحديد ولكن شعبها يغرق في الفقر والأمية. دولة الكونغو الديمقراطية التي كانت مستعمرة بلجيكية مازالت تعاني من الفقر رغم أنها من أكبر الدول في إنتاج النحاس, الكوبالت والكولتان ولديها أيضا حقول نفط وعلينا أن لا ننسى المطاط.

ماهو المقياس المناسب الذي من الممكن من خلاله أن نفهم أسباب فشل الدول الإفريقية في تحقيق التقدم والتنمية رغم ثرواتها الطبيعية التي تتسابق شركات غربية الى استغلالها؟

ولكن قبل الإجابة علينا أن نأخذ في عين الإعتبار أنني أتحدث عن دول القارة السمراء رغم وجود دول إفريقية شرق أوسطية مثل مصر, المغرب والجزائر والتي حقَّقَت مستوى معقول من التمية رغم المعوقات والمشاكل التي تواجهها.

إنَّ مزيجا من النظريات العنصرية عن تفوق الرجل الأبيض و نظريات دينية تستمد قوتها من الكتاب المقدس تعتبر وصفة للإستغلال والإستعمار الأجنبي بإستخدام القوة العسكرية. الحركة الإستعمارية التي بدأت بوصفها حركة كشوفات جغرافية والتي لها جذورها برغبة الكنيسة في إنقاذ أرواح السكان الأصليين هي البداية والتي أصبحت ممكنة بسبب تفوق المستعمرين الأوروبيين من خلال إكتشاف البارود والسلاح الناري. رجال الكنيسة كانوا يحملون الإنجيل في يدهم ويدعون السكان الأصليين الى الصلاة مغمضين أعينهم ويسرقون وينهبون ثرواتهم. ملايين من السكان الأصليين كانوا ضحية تجارة العبودية والعمل في مزارع القطن, الشاي, والتوابل في المستعمرات الجديدة التي أقامها الغزاة الأوروبيون.

الدول الأوروبية البرتغال, إسبانيا, بلجيكا, هولندا, فرنسا, إيطاليا, ألمانيا والأهم بريطانيا اقتسموا غنائم القارة الإفريقية بدون أي رادع أخلاقي و بإستخدام تفسيرات نصوص دينية باهتة للغاية من أجل تبرير إجرامهم وسرقتهم الثروات. والحقيقة أنه لولا نهب الدول الأوروبية موارد بلدان القارة الإفريقية, لما وصلت الى ذلك المستوى من التطور والتقدم العلمي وذلك باعتراف الرئيس الفرنسي جاك شيراك. هناك مقولة ربما تنطبق على العلاقة بين بلدان القارة الإفريقية, موارد بلا عقول, و الدول الأوروبية, عقول بلا موارد.

الدول الإستعمارية منحت بلدان القارة الإفريقية استقلالا شكليا بعد أن تركتها خرابا و قاعا صفصفا حيث استمرت الشركات الغربية وأكملت المهمة التي بدأت الدول الإستعمارية الغربية. إستعمار براق من نوع أخر يقوده رجال يرتدون بدلات أنيقة براقة وربطات عنق وأحذية لامعة ويستخدمون أغلى أنواع العطور الفرنسية.

وما لم تقدر عليه الدول الغربية وشركاتها العابرة للقارات, تخلت عنه الى القبلية والعشائرية والخلافات العرقية والدينية حتى تكمل المهمة. دول إفريقيا يسكنها مئات الأعراق والقبائل والعشائر الذين يتكلمون عدة مئات من اللهجات. هناك الكثير من دول إفريقيا رُسِمَت حدودها عبارة عن حدود دمويه, صراع, برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة. دولة نيجيريا يسكن أراضيها أكثر من قبيلة, إثنية وعرقية يضاف إليها الصراع المستمر بين المسلمين والمسيحيين. رواندا التي تعرضت سنة ١٩٩٤ الى مجازر دموية بين قبيلتي الهوتو والتوتسي حيث قتل خلال ١٠٠ يوم أكثر من مليون من أغلبهم من التوتسي وبعضهم من الهوتو المعتدلين.الحروب الأهلية في سيراليون وتشاد والكونغو التي حصدت ملايين الضحايا واللاجئين وتم تمويلها من تجارة الألماس والذهب والنفط الغير شرعية.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment