Flag Counter

Flag Counter

Monday, March 2, 2020

دعوات مجنونة الى تقليص سكان العالم

البشرية أصيبت بلوثة عقلية والعالم من من حولنا أصيب بالجنون. هناك دعوات لإبادة البشرية وتقليص عدد سكان الأرض الى 500 مليون نسمة. هناك نصب حجري عملاق في ولاية جورجيا الأمريكية يحتوي على كتابات تدور حول تلك المسألة. دعوات تقليص عدد سكان العالم هي عنصرية بطبيعتها لأن العالم لايعاني من زيادة عدد السكان بل من اختلال في توزيعهم. كما أن موارد الكرة الأرضية تعاني من نفس المشكلة, سوء التوزيع وعدم عدالته. الهدف من تلك الدعوات هي دول مثل الصين, الهند وباكستان خصوصا أن الأخيرة دولة إسلامية نووية وهو ما يثير القلق لدى دول غربية. دوائر صنع القرار في الغرب قلقون من التعداد السكاني لتلك الدول وأنه يلتهم مواردها المحلية مما يمنع وجود فائض للتصدير الى دول أوروبا خصوصا المحاصيل الزراعية.
متى يحل الغرب مشاكله بنفسه ويتوقف عن تعليق شماعة لأخطائه على الآخرين أو المهاجرين حتى أكون أكثر دقَّة؟ حتى لو افترضنا أن تلك الدعوات صحيحة وممكنة التنفيذ, هناك دول أوروبية سوف تختفي من الخريطة. تلك الدول مثل إسبانيا, اليونان, إيطاليا تعاني من مشكلة سكانية مزمنة, نقص عدد المواليد الجدد. تعداد سكان الولايات المتحدة يقارب 330 مليون وقد يتقلص ليصبح 50-100 مليون. تخيلوا أجندات تقليص عدد السكان تصل الى دول مثل أيسلندا؟ مشكلة انخفاض معدل الولادات هي مشكلة داخلية يتم تصديرها خارجيا من قبل سياسيين أوروبيين وغربيين يرغبون في لفت أنظار ناخبيهم عن فسادهم وفشلهم في معالجة المشكلات خصوصا الإقتصادية.
هناك مجموعة أسباب تميل الى تفسير انخفاض معدل الولادات في دول غربية. أول تلك الأسباب هي تراجع قيم الأسرة التقليدية لصالح الفردية والمصالح الذاتية. لقد أصبح الهم الأول للشباب الغربي ترك منزل الأسرة والإستقلال بحياتهم وإقامة علاقات جنسية هدفها اللهو وليس تكوين أسرة والإنجاب. المصلحة الفردية للشباب الغربي أهم من مصلحة المجتمع حتى لو كان ذلك مقابل سيطرة المهاجرين على أوروبا كما تزعم الدعاية المضللة. ثاني تلك الأسباب هو تراجع القيم التقليدية المسيحية المحافظة مقابل القيم العلمانية الرأسمالية. ولقد أدى ذلك الى تراجع في مجموعة القيم الأخلاقية وأصبح المال هو المهم وليس الأخلاق ولكل شيء ثمن. القيم المسيحية التقليدية تشجع على تكون الأسرة وتحترم مؤسسة الزواج التي تعتبرها مقدسة وأن الرابطة الزوجية هي من الله. ثالث تلك الأسباب هو تراجع الإقتصاد والعبث التي تقوم به من يوصفون بأنهم نخب سياسية تقليدية يتخذون قرارات خاطئة. السبب الرابع هو دعوات الإنحلال الخلقي وتشجيع الشذوذ وممارسة علاقات خارج رباط الزوجية وعدم الإنجاب وتحمل مسؤولية الأسرة.
إن تلك النوعية من الأفكار الشيطانية حول تقليص عدد سكان العالم يمكن أن نجد لها جذورا في كتابات الإقتصادي الإنجليزي روبرت توماس مالتوس(1766-1834) الذي كان يرى أن الطبيعة سوف تتكفل بتقليص عدد السكان عبر المجاعات والأوبئة والحروب. إن موارد الكرة الأرضية أكثر من كافية لإطعام عدد السكان الحالي ومليارات أخرى من السكان لو تم استغلالها بحكمة, موارد الكوكب تتعرض لإسائة الاستخدام.
هناك مساحات شاسعة من الأراضي يتم استغلالها من أجل زراعة المحاصيل التي يتم إستخدامها في إنتاج الوقود الحيوي(إيثانول-85) مثل محصول الذرة وقصب السكر, مساحات شاسعة من الغابات خصوصا غابات الأمازون التي يتم قطع أشجارها بهدف زراعة تلك المحاصيل. وهناك مساحات كبيرة يتم إستخدامها في زراعة الصويا التي يتم إستخدامها مكون رئيسي في أعلاف الماشية والدواجن خصوصا في مزارع الإنتاج الصناعي المكثف. التصحر يلتهم سنويا بنسب متزايدة أراضي كان يمكن إستخدامها في الإنتاج الزراعي وإطعام أعداد السكان المتزايدة. إلقاء النفايات في البحار والمحيطات أدى الى تضرر الحياة الطبيعية والثروة السمكية بسبب نمو أنواع من الطحالب تستهلك الأكسجين وأدى ذلك الى وجود مايعرف بأنها (مناطق ميِّتَة). شركات الصناعات الكيميائية تلقي بالنفايات السامة في مجاري الأنهار أو تطمر مخلفاتها في مناطق تحتوي على المياه الجوفية مما يؤدي الى تلوث مياه الشرب. النفايات البلاستيكية تلعب دورا هاما في تلوث البيئة وعلى الرغم من ذلك, مازال إنتاجها مستمر بوتيرة عالية. 
مزارع الإنتاج الحيواني المكثف(Industrial Farming) أنتجت أجيالا جديدة من الفيروسات والبكتيريا التي تقاوم كافة أنواع المضادات الحيوية المعروفة. إن عملية تحوُّر الفيروسات أصبحت تأخذ وقتا أقل مع مرور الزمن بسبب وجود أعداد كبيرة من الحيوانات في أماكن مغلقة لا تتوفر على ظروف صحية مناسبة وحقنها بكميات كبيرة من الأدوية والمضادات الحيوية وهرمونات النمو حيث تنتقل تلك الى أجسامنا عبر تناولنا لحوم تلك الحيوانات وتضعف جهازنا المناعي. كما أن تلك المزارع تتخلص من مخلفاتها بطريقة غير آمنة مما يؤدي الى تلوث البيئة ومصادر المياه في المناطق المحيطة. إستخدام المبيدات الحشرية في المزارع والتي يعتبر بعضها مرتفع السُمِّية أدى الى الإضرار بالبيئة والحياة النباتية والحيوانية في المناطق المحيطة. في ولاية كاليفورنيا, يتم استئجار خدمات مربي النحل من أجل تلقيح الأشجار المثمرة بسبب مسؤولية المبيدات عن القضاء على كافة أشكال الحياة الحيوانية المفيدة في مناطق المزارع حيث تستخدم بكثافة.
نحن نسيء استخدام مواردنا الطبيعية وقد أدى ذلك الى ظهور المجاعات والأوبئة. إن الإخلال بالتوازن البيئي والعبث مع الطبيعة سوف يؤدي الى ردة فعل والتي قد تكون عنيفة في بعض الأحيان وتتمثل في الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأمواج البحرية العملاقة(التسونامي). لابد من إعادة التوازن الى بيئتنا وإستخدام مواردنا الطبيعية بحكمة عبر ترشيد الاستهلاك وإعادة ترتيب الأولويات ومراعاة العوامل البيئية. هناك مساحات شاسعة من الأراضي غير مستغلة خصوصا في دول مثل الهند, باكستان, السودان والصين حيث يمكن استغلالها في الزراعة وتربية الحيوانات الداجنة في ظروف صحية وأكثر إنسانية. الحفاظ على مصادر المياه أمر حيوي لبقاء الإنسانية واستمرار الحضارة. لابد من وضع حد لاستغلال الشركات مصادر المياه التي يجب أن تكون متاحة للجميع بدلا من تعبئتها في زجاجات بلاستيكية وبيعها وتحقيق أرباح خيالية والإضرار بالبيئة في الوقت نفسه. علينا أن نكون أقل أنانية وأقل جشعا وأكثر تصالحية مع أنفسنا, مع الأشخاص الذين يعيشون حولنا ومع كوكبنا, بيئتنا التي نعيش فيها ومع الطبيعة الي تحيط بنا.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment