الركود التضخمي(Stagflation) هو عبارة عن نمو اقتصادي ضعيف يرافقه نسبة بطالة مرتفعة, يعني كساد يرافقه تضخم. أساليب العلاج التقليدية, طبع النقود على سبيل المثال, سوف تزيد من الحالة التضخمية خصوصا مع انخفاض الطلب الكلي. الحالة الإقتصادية السيئة في كثير من البلاد العربية هي عبارة عن كساد تضخمي. تسير في الطرقات وفي الجلسات العائلية وتسمع من الباعة في الأسواق أن السيولة مفقودة من بين أيدي المواطنين وأن حركة الشراء والبيع ضعيفة ولكن الأسعار مرتفعة مع إستثناء أسعار العقارات التي قد تنخفض في حالة الكساد التضخمي.
المشكلة في كثير من الدول العربية أنها تلجأ الى التقشف والى جيب المواطن كلما اقترضت من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث يتم فرض شروط مجحفة منها رفع الدعم عن السلع الغذائية وتحرير أسعار الوقود. كما تلجأ الحكومة الى الضرائب العشوائية التي تفرضها بين يوم وليلة وأكثرها شيوعا الضرائب على فواتير الهاتف النقال التي تخصم فورا من الرصيد أو تضاف الى الفاتورة. شعار الثورة الأمريكية كان "لا ضرائب بدون تمثيل" وشعار القرن الواحد والعشرين يجب أن يكون "لا ضرائب بدون خدمات."
في كل دول العالم هناك ضرائب على البضائع والاستيراد والتصدير, ضريبة الدخل هي أحد أنواع الضرائب. ولكن كيف يتم جمعها ومجالات صرفها في الوطن العربي هي المشكلة. لا يوجد أي شفافية أو محاسبة يضاف الى كل ذلك العشوائية, المواطنون العرب العاملون في الخارج لا يهتمون بدفع ضريبة الدخل ولا الحكومة تهتم بجمعها كما في دول مثل الولايات المتحدة وكندا, لا يوجد آلية واضحة للقيام بذلك. ضريبة المبيعات هي أحد أنواع الضرائب التي تعاني من العشوائية والتخبط في القرارات. في دول غربية وأوروبية مثل الولايات المتحدة, كندا والمانيا, ضريبة المبيعات على منتجات مثل الطحين, الخبز, الحليب قليل الدسم, الخضار والفواكه هي صفر. بينما يتم فرض ضريبة مرتفعة على المشروبات الكحولية, السجائر, السيارات, منتجات النظافة والتجميل والعناية بالبشرة والحلويات. وقد تصل ضريبة المبيعات على تلك الأنواع من المنتجات في بعض الدول الى 16%. وفي دول مثل النرويج والدانمارك, هناك ضريبة مرتفعة على السيارات واستهلاك الطاقة قد تصل الى 200% من أجل تشجيع أنماط حياة صحية. في الوطن العربي, ضريبة المبيعات تشمل كافة أنواع السلع والخدمات حتى الضرورية منها مثل حليب الأطفال والأدوية والكتب الدراسية والجامعية وذلك بصراحة أمر مخجل وعار. في بعض الدول الغربية, ضريبة المبيعات على الكتب قد لا تزيد عن 5% تشجيعا على القرائة والتعلم.
تفائل التوقعات المستقبلية بالنسبة الى الأفراد والشركات يعني قيامهم بالإنفاق سواء الإستهلاكي أو توظيف عمال في المصانع والشركات مما يؤدي الى زيادة الناتج المحلي الإجمالي. إن ذلك يعتبر أحد أهم مبادئ المدرسة الاقتصادية الكينزية التي يعتبر الاقتصادي الإنجليزي جون مينارد كينز الأب المؤسس لها. العشوائية والتخبط في القرارات الضريبية التي يتم إتخاذها هو سبب رئيسي من أسباب الركود التضخمي الذي تعاني منه أكثر من دول عربية. التجار خصوصا من الطبقة الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال يترددون في إنفاق أموالهم واستثمارها في مشاريع إنتاجية أو أي أفكار إبداعية بسبب سلبية التوقعات المستقبلية المتعلقة بحالة الأسواق والإقتصاد. المخاطرة مرتفعة وبالتالي, سعر الفائدة يكون مرتفعا. البنوك المركزية في الوطن العربي لا تتعامل مع أسعار الفائدة بواقعية. دولة اقتصادها يعاني من ركود اقتصادي تضخمي وسعر الفائدة فيها ستة أضعاف أو سبعة أضعاف مقارنة بدولة مثل الولايات المتحدة أو كندا أو بريطانيا هو أمر لايمكن فهمه أو استيعابه.
النهوض الاقتصادي في بعض دول الوطن العربي التي تعاني من تلك المعضلة الاقتصادية المزمنة, الركود الاقتصادي التضخمي, يكون عبر تنظيم القوانين الضريبية واستقرارها على المدى الطويل, تخفيض سعر الفائدة ولكن أن يكون ذلك مقيدا محصورا بالمشاريع الإنتاجية حتى لا تتوجه تلك الأموال الى البورصات والمضاربات خصوصا في بورصات أجنبية. تشجيع المواهب الشابة ورواد الأعمال وتقديم قروض ميسَّرة لهم وإشراف حكومي على مشاريعهم حتى في بداياتها حيث يزيد ذلك من فرص النجاح. زيادة الضرائب على أصحاب رؤوس الأموال والتجار المحليين ممن يقومون بتحويل أرباحها الى الخارج وإيداعها في بنوك خارج البلد الأم أو استثمارها في أنشطة غير إنتاجية. إستصلاح الأراضي الزراعية بما يضمن آلاف فرص العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment