خلال جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي, أجبر الدكتور محمد أبو صالحة, مواطن أمريكي من أصول فلسطينية فقد إبنتيه وصهره في جريمة قتل بدافع الكراهية والتمييز الديني, على الإستماع الى كمية لا تصدق من الهراء صدرت من أعضاء في الكونجرس الأمريكي حول إن كان قام بتعليم أبنائه كراهية اليهود. أعضاء الكونجرس الأمريكي يحاولون التملق الى لوبيات الضغط اليهودية على رأسها الأيباك. وعلى الرغم من الألم الذي كان يمر به وكمية الحزب التي يحملها, إلا أنه أجاب على تلك الأسئلة التافهة بكل رباطة جأش وصبر. وسائل الإعلام الأمريكي حاولت أن توحي أن جريمة القتل هي بسبب خلاف على موقف صف السيارات في مجمع للشقق يشغل المجرم والضحايا شققا فيه وأن الدافع ليس الكراهية الدينية أو العنصرية.
معاداة السامية هي كليشيه يتم إستخدامها من أجل تحقيق أهداف سياسية. كل من ينتقد الصهيونية يتم اتهامه بأنه معادي للسامية. اليهودية والصهيونية أمران منفصلان, اليهودية هي أحد الأديان بينما الصهيونية هي حركة سياسية وانتقادها يدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير. إن ذلك يذكرني بتصرفات المسلمين في أوروبا والذي بدلا من أن يستغلوا وجودهم هناك بإيجابية ويتقدمون في الحياة ويستغلون الفرص العديدة المتاحة لهم, تقوقعوا داخل المساجد وفي أحياء الغيتو الخاصة بهم وأصبحوا يطلقون الاتهامات بالعنصرية والإسلاموفوبيا ضد كل من ينتقدهم. وبدلا من أن يتحلوا بالشجاعة والصدق وقول الحقيقة, نجدهم يتهربون ويختلقون الأعذار المضحكة بسبب خشيتهم من نفوذ اللوبيات الصهيونية و تعرضهم للمضايقة بسبب آرائهم. ولكنهم هم أيضا, المسلمون, يمارس تضييق الآراء وخنق الحريات. الكونجرس الإسلامي في كندا, مؤسس تضم أكبر تجمع للمهرجين والمتاجرين بالإسلام في كندا, رفع دعوى قضائية ضد الكاتب والناشط الأمريكي من أصل كندي مارك ستاين بسبب كتابه "أمريكا وحدها - America Alone" وأن الكتاب عنصري يستهدف المسلمين. الدعوى التي تم رفعها أمام هيئة حقوق الإنسان فشلت وتم رفضها وكان الأولى إتفاق الأموال في أمور نافعة بدلا من ملاحقة كل كاتب كلمة ينتقد الإسلام بذريعة العنصرية.
هناك يهود معادون للصهيونية ويرفضون فكرة دولة بني إسرائيل ويرون أنها وجودها مخالف لتعاليم التوراة وأن الرب"يهوه" حكم على اليهود بالتيه حتى عودة مسيحهم المخلص. في فلسطين وفي الوطن العربي, كان هناك يهود يعيشون بيننا ويمارسون حياتهم الطبيعية ويتمتعون بكامل حقوق المواطنة حتى تغلغلت فكرة معاداة اليهود وأن كل يهودي هو عبارة عن مشروع صهيوني قاتل ومجرم, وذلك وللأسف بداية فترة حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي أطلق الوعود برمي اليهود في البحر. وتلك دعوات في جوهرها عنصرية تجعل العرب على قدم المساواة في الصهيونية العالمية التي تستفيد من تلك الدعوات في تحريض اليهود العرب ضد أوطانهم الأم, إحذروا العرب لا يحبونكم ويرغبون في القائكم في البحر والحل هو الهجرة الى فلسطين وطرد أهلها منها. والصهيونية العالمية لا يهمها إلا مصالحها وكثير منهم ومن قادتهم يقيم في دول غربية ولا يحمل حتى جوازات سفر إسرائيلية. وزير الدفاع الإسرائيلي سنة 1954 بنحاس لافون كان السبب في فضيحة عرفت بإسمه, فضيحة لافون, وهي عبارة عن مخطط سلسلة عمليات تخريبية ضد أهداف أمريكية وبريطانية ويهودية في مصر من أجل ضرب عصفورين بحجر واحد: أولا, تأجيل مفاوضات الجلاء التي شارفت على الإنتهاء. وثانيا, إجبار اليهود المصريين على الشعور بعدم الأمان والهجرة الى فلسطين المحتلة.
أنا دائما أبحث عن جذور المشكلة في العلاقة بين الإسلام واليهودية ولم أجده. القرآن لايحرض على اليهود لأسباب عرقية بل بسبب بعض تصرفاتهم خصوصا غدرهم بالمسلمين ونقضهم العهود كما فعل يهود بني قريظة حيث حاولوا الغدر بالمسلمين في غزوة الخندق وبنو النضير الذين حاولوا قتل رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم. ولم تكن هناك مشاكل تذكر قبل قيامهم بتلك المحاولات التي أقل ماتوصف بأنها دنيئة. العلاقات بين المسلمين واليهود كانت جيدة على الدوام حيث شغل اليهود مناصب مهمة في الخلافتين الأموية والعباسية. الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث كان طبيبه الخاص يهوديا. كما أن كبار الأطباء في عصر الخلافة العباسية كانوا من اليهود ومنهم طبيب الخليفة هارون الرشيد الخاص. ولم يسكن اليهود في غيتوهات أو أحياء منعزلة وإنما سكنوا بين المسلمين وكانوا يديرون شؤونهم خصوصا الدينية بأنفسهم. وقد بلغ من الإحترام والتقدير الذي لقيه اليهود أنه الرسول عليه الصلاة والسلام قد أباح دم المسلم الذي يقتل أحد أهل الذمة, منهم اليهود, غيلة وغدرا وكانت مكافأة يهود بني النضير له أنهم حاولوا قتله غيلة وغدرا.
إن جذور معاداة السامية موجودة ليس في الإسلام والقرآن, إنما في المسيحية خصوصا الإنجيل. يهود الأندلس تعرضوا للظلم والإضطهاد والقتل على يد محاكم التفتيش وغادروا الأندلس الى بلاد المسلمين في المغرب العربي خصوصا تونس والمغرب ومازالوا هناك ويشغلون مناصب مهمة حتى يومنا هذا. الكنيسة الكاثوليكية اضطهدت اليهود وأظهرت ضدهم عنصرية واضحة متهمة اليهود بأنهم قتلة المسيح, متى 27:25(فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا), وملصقة فيهم كل صفة دنيئة. ولم ترفع تلك التهمة إلا سنة 1965 خلال انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني حيث ذكر أنه لا يجوز تحميل أكثر من أربعة أجيال ذنب جريمة إرتكبها آبائهم من اليهود حيث تم تبرئتهم من دم المسيح كما جاء في عدة مقاطع من التوراة منها خروج 20:5, 34:7. وليام شكسبير ليس مسلما أو عربيا ولكنه لم يكن على علاقة جيدة مع اليهود ونجح في تصوير شخصية اليهودي الجشع والأناني في مسرحية تاجر البندقية. أحد آباء الكنيسة الأوائل أوريجانوس إتهم اليهود بتحريف التوراة وأنهم قتلة الأنبياء والدليل نص متى 23:35(لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصدّيق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح) ولم يذكر الكتاب المقدس إلا قصة صلب وقتل يسوع المسيح ولولا أن تحدث يسوع المسيح عن زكريا بن برخيا, كيف سوف نعلم بقصته وقتل اليهود له.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment