فشلت أستراليا في محاولتها لإستضافة كأس العالم 2018 أو 2022 وذلك لمجموعة أسباب: أولها هو طول المسافة التي يتوجب على المنتخبات وكذلك المشجعين أن يقطعوها مما يرفع تكلفة النقل الجوي وقد يعني اختصار الفترة التي ينوي المشجعين والمهتمين بمتابعة كأس العالم قضائها في استراليا. ثانيها له علاقة بإنخفاض العائدات الإعلانية وعائدات بيع التذاكر حيث ان ميزانية الفيفا للأربع سنوات القادمة حتى كأس العالم التالي تعتمد على العائدات خصوصا من إعلانات الشركات والتسويق و عائدات البث التلفزيوني. ثالثها هو إنخفاض عدد الفنادق من فئة الخمس نجوم الموجودة في أستراليا عن العدد الذي تشترطه الفيفا في ملف الاستضافة. رابع تلك الأسباب هو رفض الفنادق في أستراليا تثبيت أسعار الحجوزات خلال كأس العالم 2018 و 2022. إن تلك الأسباب هي بعضٌ مما ذكرته مسؤولة رياضية في أستراليا كانت عضوا في الفريق المسؤول عن الملف الأسترالي لإستضافة كأس العالم 2018 أو 2022. بونيتا مرسيدس(Bonita Mersiades) هي مسؤولة رياضية استرالية من أصول يونانية الَّفت كتابا بعنوان:"مهما كلف الأمر – Whatever it Takes," حيث قامت بتعريف القراء على الصورة الحقيقية للفيفا ومايدور في أروقتها الخلفية: رشاوي, شراء أصوات, صفقات وراء الأبواب المقفلة والكثير من الفضائح.
لم تقم مؤلفة كتاب "Whatever it Takes" بالتركيز على قرعة كأس العالم 2018 والتي فازت بها روسيا ربما لأن رئيس الفيفا جوزيف بلاتر أعلنها بصراحة أن كأس العالم 2018 يتوجب أن تفوز به دولة أوروبية. ولكن المرارة ظهرت واضحة فيما ذكرته المؤلفة عن الدور الذي لعبه محمد بن همام قرعة 2022 حيث كان خلال تلك الفترة يرأس الاتحاد الأسيوي لكرة القدم ويتعرض للمنافسة على منصبه في رئاسة الإتحاد الآسيوي وعضوية اللجنة التنفيذية للفيفا من قبل الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة من دولة البحرين.
ولعل من أهم ماذكرته بونيتا في كتابها هو ما ورد في الفصل الثالث والعشرين وملخصه كما يلي: محمد بن همام قام بدعوة رئيس إتحاد كرة القدم في تاهيتي وعضو اللجنة التنفيذية للفيفا رينالد تيماري(Reynald Temarii) للقائه في العاصمة الماليزية كوالالمبور حيث كان تيماري يواجه دعاوى قانونية على خلفية فضيحة رشاوى وخرق الخصوصية تتعلق بالتصويت على الدولة المستضيفة لكأس العالم 2018 و2022 وتم إيقافه لمدة سنة واحدة من قبل لجنة الأخلاقيات في الفيفا. الفضيحة تفجرت بعد أن قام صحفيان بريطانيان يعملان لصالح صحيفة الصنداي تايمز بتقديم أنفسهم كمستشارين يعملان لصالح اللجنة الرياضية الأمريكية التي كانت تنافس على قرعة إستضافة كأس العالم 2018 و2022 وقاموا بالالتقاء مع عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا منهم رينالد تيماري من تاهيتي و أموس أدامو(Amos Adamu) من نيجيريا حيث طلب طلب أدامو 500 ألف دولار بينما طلب تيماري 2.5 مليون دولار بذريعة تنفيذ عدد من المشاريع ذات العلاقة بالرياضة, بل وربط كل منهما تصويته لصالح الدول المستضيفة بتحويل تلك الأموال إلى حساباتهم الشخصية. تيماري كانت من الداعمين لترشيح استراليا وحرمانه لمدة سنة كان سوف يضر بملف ترشيح أستراليا للفوز بتنظيم كأس العالم في 2018 أو 2022 حيث تبقى بضعة أسابيع على التصويت. ما دار في كواليس الفيفا حول إقتراح بعدم قيام تيماري بإستئناف القرار مقابل السماح لنائبه بشغل مقعده في اللجنة التنفيذية في الفيفا والتصويت خلال قرعة اختيار الدولة المستضيفة لكأس العالم 2018 و 2022. تيماري والذي رفض الاتهامات على الرغم من قيام الصحفيين البريطانيين بتسجيلها اللقاء, كان ينوي إستئناف القرار ولكن تردده كان بسبب التكاليف القانونية والتي كان دور إبن همام العمل لصالح الملف القطري وتكفل بتكاليف دعوى الاستئناف لصالح تماري.
جيروم فالكي(Jerome Valcke) والذي كان يشغل منصب السكرتير العام للفيفا صرح بعد وقت قصير من التصويت الذي جرى في ديسمبر 2010 خلال حديث خاص مع عدة أشخاص من العاملين في مجال الرياضة أن قطر قامت بشراء التصويت لصالح تنظيم كأس العالم 2022 في قطر وأن قطر عرضت تعويض أي خسائر متوقعة في عائدات الدعاية والإعلان بمقدار الضعفين من خلال أحد المؤسسات المالية التابعة لها. ولكن هناك إشاعات كانت تدور في أروقة الصحافة الرياضية أن جيروم نفسه كان متورطا حتى أذنيه في التصويت لصالح الملف القطري إذا كانت عمولته من المفاوضات حول عائدات الدعاية المتوقعة ما مقداره 5%. ولكن فضائح الفساد والرشوة لم ولن تنتهي أخبارها الواردة من مكاتب الفيفا وكواليس إجتماعات مسؤوليها التنفيذيين حيث فجرت قناة البي بي سي البريطانية من خلال برنامج بانوراما والذي تم إذاعته في الأيام القليلة التي سبقت تصويت الفيفا فضيحة تعود إلى التسعينيات ومتعلقة برشاوي بلغت 100 مليون دولار تم دفعها من بداية التسعينيات وحتى سنة 2001 لصالح أعضاء اللجنة التنفيذية في الفيفا من خلال شركة في سويسرا تدعى (ISL) والتي كان الألماني Horst Dassler شريكا في تأسيسها. Dassler كان ومنذ السبعينيات ومن خلال (ISL) قد أقام علاقة شراكة مع الفيفا في مجال التسويق والدعاية والرعاية التجارية لكأس العالم.
الكتاب يحتوي على 39 فصلا وعلى الكثير من المعلومات المهمة والتي توضح دور المال القطري في شراء أصوات أعضاء اللجنة التنفيذية للفوز بحق تنظيم كأس العالم 2018 أو 2022. على سبيل المثال, تبرُّع بمبلغ 100 مليون دولار كانت سوف تدفع بواسطة قناة الجزيرة القطرية للفيفا في حال فوز قطر بحق تنظيم كأس العالم 2022. وكذلك عملية المبادلة التي جرت بين محمد ابن همام وجوزيف بلاتر بعدم ترشيح ابن همام لمنصب الرئيس التنفيذي للفيفا والذي كان يشغله بلاتر وتقديم الدعم لبلاتر في انتخابات الفيفا القادمة مقابل فوز قطر بحق تنظيم كأس العالم 2022. فقد كان بلاتر كان قلقا من تحركات إبن همام المتعلقة بإنتخابات الفيفا القادمة وتزايد نفوذه بفعل الحساب البنكي المفتوح والذي كان يغدق منه لشراء الأصوات وتقديم الرشى والهدايا في محاولة منه للفوز بالكرسي الذي يشغله بلاتر.
وفي الختام, مازال الكتاب يحتوي على الكثير من المعلومات المهمة والشيقة وحيث انني لم انتهي من قراءتها, فسوف أضيف المعلومات كلما تقدمت في صفحاته حتى نهاية الكتاب.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment