Flag Counter

Flag Counter

Friday, November 9, 2018

أحزاب الإسلام السياسي في خدمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس

إن مصطلح قوات الصدمة(The Shock Troops) يتم استخدامه للإشارة إلى الجنود الذين ينتمون لقوات متخصصة بالهجمات المفاجئة والصاعقة على خطوط العدو مما يفقده توازنه ويؤدي إلى خلخلة خطوط دفاعاته. السياسة الخارجية البريطانية في منطقة الشرق الأوسط اعتمدت على أعضاء في جماعات الإسلام السياسي والتيارات التكفيرية لإثارة الفتن والاضطرابات والقلاقل والاغتيالات وحتى تدبير الانقلابات العسكرية بما يخدم بريطانيا ومصالحها في المنطقة. خلال الاحتلال البريطاني لمصر, كان موقف تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وإن كان يعارض الإحتلال البريطاني شكليا إلا أنه على أرض الواقع, فقد كان مؤيدا للملكية معاديا للشيوعية وأحزابها وكذلك أحزاب المعارضة كحزب الوفد الذي كان يتمتع بشعبية بين المصريين. وقد كان التنظيم الخاص يعتبر الجناح العسكري لحزب الإخوان المسلمين و يأتمر بأوامر حسن البنا شخصيا حيث قام بتنفيذ عدة اغتيالات في مصر في العهد الملكي منها اغتيال القاضي أحمد الخازندار وكيل محكمة الاستئناف واغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا وإغتيال سليم زكي حكمدار القاهرة. وخلال الفترة اللاحقة التي تلت سقوط الملكية وقيام نظام الحكم الجمهوري, حاول التنظيم الخاص عدة مرات إغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي قبض على منظر الجماعة سيد قطب وقيادات أخرى من الجماعة وتم إعدام بعضهم. الحكومة البريطانية قامت خلال فترة الثمانينيات في ذروة الحرب الباردة بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لتدريب وتسليح تنظيمات الإسلام السياسي على اختلاف توجهاتها لقتال الإتحاد السوفياتي في أفغانستان.
الحكومة البريطانية التي تعتبر أفضل من طبق سياسة فرق تسد وأفضل من قام بإستغلال النعرات الطائفية والعرقية والدينية كانت تعلم علم اليقين بالأهداف الحقيقية لأولئك الإسلاميين الذين تتعامل معهم حيث ورد ذلك على لسان وزير الشؤون الخارجية البريطاني كيم هاولز في إجابته على لجنة تحقيق برلمانية. الحكومة البريطانية تبيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية بينما تهاجم صحفها المملكة تحت ستار حرية الرأي والتعبير وتسمح للمعارضين السعوديين بممارسة العمل السياسي المعارض وتمنحهم جوازات سفر. الحكومة البريطانية سمحت للحركة الإسلامية للإصلاح التي يتزعمها سعد الفقيه ومحمد المسعري بفتح مكاتب في العاصمة البريطانية, كما أنها سمحت لهيئة النصيحة والإصلاح التي تتبع تنظيم القاعدة بممارسة نشاطاتها ضد الدول العربية انطلاقا من الأراضي البريطانية برئاسة خالد الفواز(١٩٩٤-١٩٩٨). الحكومة البريطانية قامت بإستغلال قيادات إسلامية كمحمد علي جناح وأحمد خان لفصل باكستان عن الهند ومن ثم إشعال حرب أهلية في باكستان أدت إلى انفصال بنغلاديش والتي كانت تعرف بإسم باكستان الشرقية. وكعادة بريطانيا في زرع صاعق جاهز للتفجير في أي منطقة بما يسمح لها وحلفائها بالتدخل في وقت لاحق, فقد كانت مشكلة كشمير هي الصاعق الذي كان هو السبب الرئيسي في إشعال صراع في القارة الأسيوية حيث اتخذ طابعا دينيا ولا يبدو أن نهايته قريبة بين بلدين في القارة الأسيوية كل منهما يمتلك سلاحا نوويا.
البلقنة(Balkanization) هي ذلك المصطلح الذي شاع إستخدامه ويرمز إلى الأحداث التي جرت في يوغسلافيا السابقة على هامش إنتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي. الحرب الأهلية التي اندلعت في يوغسلافيا السابقة على إثر وفاة الزعيم والقائد جوزيف تيتو سنة ١٩٨٠ حيث بدأت بوادر الصراع بين المكونات الإثنية والعرقية المختلفة ليوغسلافيا لتنفجر لاحقا على شكل حرب أهلية سنة ١٩٩١. ملامح التدخل الأجنبي كانت واضحة وتمثلت في تمهيد الطريق لجحافل تتبع أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب التكفيرية على إختلاف مسمياتها لمقاتلة الجيش اليوغسلافي عبر تقديم كافة أنواع الدعم بالسلاح والإمدادات وتسخير مقاتلات حلف الأطلسي خصوصا الأمريكية والبريطانية لقصف الأهداف العسكرية والمدنية على حد سواء مثل قواعد الجيش, الوزارات الحكومية, محطات توليد الكهرباء وتنقية المياه وكافة المنشآت الخدمية ومشاريع البنية التحتية بهدف الضغط على الشعب اليوغسلافي لعدم إعتراضه على خطة تقسيم بلاده. إن أهداف الدول الغربية من خلال تقسيم يوغسلافيا له علاقة بتصفية ما تبقى من حساب الحرب الباردة وتفكيك حلفاء الاتحاد السوفياتي السابق إثر انهيار جدار برلين وإعلان انتصار الدول الغربية في ما يسمى الحرب الباردة.
لقد خدمت الجماعات الإسلامية السياسة الداخلية والخارجية البريطانية منذ سنة ١٩٢٨ حيث قدمت شركة قناة السويس مبلغ ٥٠٠ جنيه لتنظيم الإخوان المسلمين متمثلا برئيسه حسن البنا من أجل بناء أول مسجد للجماعة في مدينة الإسماعيلية. وإن كان بعض المؤرخين يعتبر أن ذلك التاريخ هو بداية العلاقة بين تنظيمات الإسلام السياسي وبريطانيا, إلا أن هناك من يرى أن بريطانيا كانت مهتمة بتطويع التيار الديني لخدمة مصالحها منذ ما قبل ذلك التاريخ حيث كانت تحتل مصر وتعتبر مهمة حماية قناة السويس حيوية لمصالحها في المنطقة خصوصا وأنها تعتبر الطريق إلى مستعمرتها في الهند التي تعتبر درة التاج البريطاني. ولذلك فإن بداية تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في إحدى مدن قناة السويس لم يكن مفاجأة للدارسين لتاريخ الإسلام السياسي والحركات الإسلامية. فقد كانت الحكومات البريطانية المتعاقبة يعتريها القلق من المد الشيوعي حيث تصاعدت المشاعر المعادية للاحتلال البريطاني وتزعم حزب الوفد برئاسة سعد زغلول المعارضة ضد التواجد البريطاني في مصر. وكما خدمت تلك الجماعات بريطانيا ومصالحها في دول مثل مصر, يوغسلافيا, الهند, باكستان, أفغانستان, ودول أوروبا الشرقية كدولة يوغسلافيا السابقة, فقد قامت بريطانيا بتقديم خدماتها والتي تتمثل في الدعم المالي, الإعلامي والدعم بالتدريب والسلاح ومحاولة إيصال بعض المنتمين لأحزاب الإسلام السياسي إلى كرسي الرئاسة والسلطة خصوصا على هامش أحداث مايطلق عليه الربيع العربي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment