المشهد السياسي في المنطقة العربية أمريكي بإمتياز. راعي البقر دونالد ترامب يصول ويجول في المنطقة بدون حسيب أو رقيب ويجمع أموال الحماية بالرضا أو بالغصب, لا يهم. يشعل الخلافات بين الجميع ويبيع السلاح للجميع بدون أي وزاع أخلاقي أو وازع من ضمير. يذكرني ذالك بأفلام الغرب الأمريكي المتوحش حيث قبائل الهنود الحمر والمستوطنين الجدد ورحلاتهم الأسطورية لإكتشاف أرض الميعاد الجديدة حيث لا قانون إلا قانون البندقية. راعي البقر لا يحترم إلا القوي, رئيس كوريا الشمالية مثالا, وأما الضعفاء فلا مكان لهم في قاموسه السياسي حتى لو طبل وزمر لهم الإعلام المنافق ورفعهم إلى مقام الأنبياء او ألهة الإغريق الأسطوريين ذوي القوى الخارقة. الإنتخابات الأمريكية التي أثمرت عن فوز دونالد ترامب بكرسي الرئاسة هي أكبر دليل على فشل العملية الديمقراطية ليس بسبب خلافات ثانوية بين أطرافها لكن بسبب مشاكل في عمق تلك العملية التي من المفترض أنها تجمع ولا تفرق فإذ بها فرقت المجتمع الأمريكي وقسمته إلى نصفين: النصف الأول مع دونالد ترامب والنصف الأخر ضد دونالد ترامب. إن من أسس نجاح العملية الإنتخابية هي إتفاق جميع الأطراف على الإحتكام إلى الصندوق ولكن المشهد الإنتخابي الأمريكي في عهد دونالد ترامب يشير إلى عكس ذالك حيث مازال النصف الأخر المعارض لدونالد ترمب مصر على المشاغبة على الرئيس المنتخب وإقلاق راحته عند كل فرصة ممكنة.
رجل دين فلسطيني من مدينة قلقيلية يدعى بسام جرار إعتبر فوز دونالد ترامب بإنتخابات الرئاسة الأمريكية دليل على بداية خسارة النخب الحاكمة التي تسيطر على وسائل الإعلام التقليدية لمراكزها لصالح إرادة الشعوب التي هزمت تلك النخب ولم تصوت لهيلاري كلينتون رغم أنها قدمت أوراق إعتمادها للدولة العميقة ولدولة الكيان الصهيوني بأنها سوف تشن حربا على إيران في حال نجحت في السباق الإنتخابي. مشكلة بسام جرار وأمثاله من رجال الدين خصوصا المشتغلين بعلوم السياسة أكثر من إنشغالهم بعلوم القرأن والحديث أنهم لم ولن يفهموا أن مايحكم أمريكا ليس رئيس بل نظام متكامل يطلق عليه البعض الدولة العميقة التي قررت أن شخصية هيلاري كلينتون لا تناسب المرحلة المقبلة والتي هي مرحلة نهب وسلب ماتبقى من خيرات وثروات في الوطن العربي. فسواء جاء للحكم باراك أوباما أو دونالد ترامب فهم تم إختيارهم وليس إنتخابهم(Selective Not Elective). تلك المشكلة تعاني منها بعض النخب السياسية في الوطن العربي والتي تظن أن الرئيس الأمريكي مجرد موظف في حاشية بلاطهم يمكن شرائه بالمال أو ببهلوانيات ينشرونها في صحف حكومية صفراء لا تساوي ثمن الحبر الذي طبعت به, هم انفسهم لا يفهمون أن من يشغل منصب الرئاسة ليس إلا تابعا لمجموعة من كبريات البنوك والشركات خصوصا وول ستريت وشركات النفط والسلاح والشركات العابرة للقارات والتي تشكل جذور الدولة العميقة الموغلة في القدم كقدم تاريخ وصول أول مستوطن لأرض الميعاد الجديدة. وحتى أزيد هما على هموم المثقلين بفاتورة الزيارات التي يقوم بها دونالد ترامب لدولهم وينتج عنها منحه والشركات الأمريكية شيكا على بياض, ففوز دونالد ترامب بفترة رئاسية ثانية ليس خيارا بل أمرا مؤكدا فهو يقوم على تنفيذ وعوده الإنتخابية للدولة العميقة واحدا وراء الأخر فهو سوف يدخل لخزائنها وحساباتها البنكية أكثر من تريليون دولار أمريكي خلال عشرة سنين فقط, 450 مليار دولار هي نصيب صفقات السلاح, وكل ذالك تمت إضافته إلى 600 مليار دولار من أصل حوالي 780 مليار دولار من قيمة سندات وزارة الخزانة الأمريكية تمت سرقتها بعد التلويح بقانون جاستا, وهذه هي صفقة القرن الحقيقية.
هناك الكثير من تصريحات دونالد ترامب مختلقة على لسانه وتم تركيبها بناء على تصريحات أدلى بها خلال مقابلات ومؤتمرات صحفية منها تصريحه عن حلب البقرة حتى يجف ضرعها وتصريحه عن سقوط أنظمة عربية خلال أسبوعين من دون الحماية التي توفرها لها الولايات المتحدة. تلك التصريحات لا تتمتع بأي مصداقية وهي جزء من حرب إعلامية متبادلة بين الأجهزة الإعلامية في الوطن العربي خصوصا القطرية المتمثلة في قناة الجزيرة وصحيفة القدس العربي والعربي الجديد لصاحبها المتصهين المتهود عزمي بشارة, ومحطة العربية وصحيفة الشرق الأوسط التابعة للسعودية حيث تتبادل الدولتان عبر وكلائهم الإعلاميين نشر الأخبار والإشاعات المغلوطة والأكاذيب التي لا تحتاج لجهاز كشف الكذب لانها من النوع الرخيص جدا الذي يسهل كشفه خصوصا في عصر مستر غوغل والسيد يوتيوب. ولكن هناك تصريحات أخرى ذات مصداقية تعود إلى ماقبل إنتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة والتي ظهرت فجأة على مواقع مشاركة الفيديوهات خصوصا اليوتيوب وتصريحات تعود لفترة الحملة الإنتخابية وأخرى بعد فوزه بمنصب الرئاسة حيث طالب دولا بعينها بمشاركة الولايات المتحدة ثرواتها لأنها تملك الكثير من المال, وكما يقول المثل الشعبي:"ركب على الحمار راح مد إيده على الخرج." يعجبني إعلام دول هي نفسها تحولت إلى قواعد عسكرية أمريكية ومع ذالك تتبادل الإتهامات بالتبعية لأمريكا, الولايات المتحدة لن تسقط حكومات بعض الدول التي تحولت بلدانهم إلى قواعد عسكرية أمريكية يحكمها السفير الأمريكي من مقر سفارته المحَصَّن. يتفاخرون بإستثماراتهم في الخارج خصوصا في الولايات المتحدة وشعوبهم تعيش بدون سكن وتعاني من البطالة وسوء الخدمات وإرتفاع كلفة المعيشة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment