يعيش الوطن العربي حاليا المرحلة النهائية من مخطط التقسيم والتجزئة والذي من المتوقع الإنتهاء منه سنة ٢٠٣٠وهو التاريخ الذي يتكرر كثيرا في وسائل الإعلام المختلفة وفي مناسبات متعددة. والسؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع هو المسؤول عن ذالك الدمار والخراب.
أحد خبراء التعليم من كوريا الجنوبية ذكر أنه من المستحيل إستمرار أي دولة بدون تعليم جيد أكثر من جيل واحد وأن الوطن العربي يدفع الأن ثمن إهمال التعليم. ويقال نقلا عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها أجابت أحد المواطنين الألمان ممن يعمل مهندسا عن مطالبته بالمساواة في الرواتب مع المعلمين: كيف أساويكم بمن علمكم. وكما يعلم الجميع فإن التعليم ورسم السياسات التعليمية في الوطن العربي هي بيد وزير يتم تعيينه بقرار رسمي ومن المفترض أنه يحمل مؤهلات تعليمية تمكنه من شغل ذالك المنصب. إن ذالك ينطبق على المؤسسات التعليمية الحكومة والخاصة من جامعات ومدارس حيث يجب أن لا يتم قيول أي متقدم إلا بعد إجراء الإختبارات العملية والنفسية للتأكد من اهليته لشغل ذالك المنصب.
هناك كوارث تعليمية تحدث في طول الوطن العربي وعرضه بسبب التساهل في شروط قبول المعلمين في المدارس والجامعات, حتى المدارس والجامعات الخاصة يجب أن لا يتم قبول موظف أو مدرس فيها إلا بعد مروره على لجنة حكومية للتأكد من مؤهلاته خصوصا النفسية. تخيلوا أن عميد كلية الصيدلة في إحدى الجامعات الخاصة في بلد عربي مؤهله أنه خريج كلية زراعة, وذالك مثال. دولة عربية أخرى تعين طبيب بيطري رئيسا للجنة تعديل المناهج وذالك مثال أخر على المهازل التعليمية في الوطن العربي. تصرفات بعض المعلمين كالتحرش بالطالبات والإعتداء بالضرب على الطلاب و التي بدأت تتكرر بما ينبئ أنها ظاهرة عامة وليست مجرد تصرفات فردية وأن مرتكبي تلك التصرفات يعانون من أمراض نفسية لا تجيز تعيينهم في منصب حيوي وحساس كمنصب المعلم ومربي الأجيال. إن دور الدولة يتمثل أيضا بالحفاظ على هيبة المعلم وسن القوانين التي تحفظ له هيبته وكرامته وتحفظ هيبة التعليم وكرامته وبالتالي هيبة الدولة وكرامتها. التربية في المنزل لها دور حيث نجد أن بعض الأباء ينحازون لأبنائهم في خلافاتهم مع المعلمين بل وقد يهجم بعضهم على المدرسة ويعتدي على المعلم بالضرب. كما أنه يجب رفع يد اليونسكو وأي مؤسسات دولية عن أي دور في تقرير المناهج في الوطن العربي وإعتبارها شأن سيادي ومسألة أمن قومي.
أن المسؤولية عن دمار الوطن العربي ليس مسؤولية نظام عربي بمفرده أو مجموعة من المواطنين في بلد عربي بل هي مسؤولية جماعية يشترك فيها المواطنون والحكومات والمؤسسات التعليمية والإقتصادية. إن السياسات الإقتصادية والتي يتم إتخاذ قراراتها على مستوى دولي ضمن منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي هي أيضا مسؤولة في إحداث تغيير في البنية الإجتماعية في الوطن العربي بما يؤثر السياسات العامة وسلوكيات المواطنين ولذالك فإن تحقيق الإستقلال الإقتصادي والتخلي عن المساعدات الأجنبية, يتم سرقتها بأي حال من الأحوال, هو أيضا خطوة مهمة لتحقيق الإستقلالية السياسية وفرض سياسات وطنية في كافة المجالات خصوصا في مجال التعليم والمجال الإقتصادي بما يؤدي إلى تحقيق نهضة شاملة ووقف سلسلة التفاعلات التي بدأت على هامش الربيع العربي وأدت إلى تفاقم مستوى الخراب والدمار في الوطن العربي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment