Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, April 9, 2025

جمال الدين الأفغاني

العلاقة بين الولايات المتحدة والإسلام السياسي من نوع العلاقة التكافلية حيث تبادل المنافع بين طرفي العلاقة. الولايات المتحدة تقدم التمويل, التدريب,الأسلحة والإعلام بينما تعتمل تنظيمات إسلامية على خدمة المصالح الأمريكية ويعمل أفراد جنود على الأرض في مناطق الصراع أو التي توصف بأنها مناطق ساخنة حول العالم. الشرق الأوسط يعتبر منطقة ميدان عمل غاية في الأهمية بالنسبة الى الولايات المتحدة ولكن السياسة الأمريكية جعلت من العالم بأكمله ساحة معركة والتنظيمات الإسلامية حاضرة. ولكن حتى القارة الأوروبية حولتها تلك التنظيمات الى ساحة معركة  من خلال عمليات إرهابية دموية منفذوها غامضون وأهدافها غامضة. الدور الذي لعبته بريطانيا ولاحقا الولايات المتحدة في دعم تلك التنظيمات كان غامضا وأصبح لاحقا ظاهرا واضحا وكما هناك مقولة شعبية "على علينك يا تاجر."

هناك شخصيات لعبت دورا محوريا و رئيسيا في تلك العلاقة التكافلية بين الغرب والإسلام السياسي. جمال الدين الأفغاني هو أحد أهم تلك الشخصيات حيث من المهم أن نعود الى الجذور, لا يمكن فهم الحاضرة بدون دراسة الماضي. أحاول دائما أن أكون واضحا في الكتابة عن تلك الشخصيات لأنها في الحقيقة غامضة أو كانت بالنسبة الى القارئ العربي على الأقل كذلك حتى وقت قريب حيث بدأت دول غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا في الإفراج عن وثائق تاريخية مختلفة خصوصا تلك المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط والحرب الباردة.

جمال الدين الأفغاني(١٨٣٨م-١٨٩٧م) يعتبر شخصية غامضة تحيط بها الكثير من علامات الإستفهام. مؤيدوه يصفونه أنه مصلح إسلامي دعا الى وحدة المسلمين ومجدد ديني, بينما معارضوه يتحدثون عن عميل مخابرات لعب على جميع الحبال وعمل مع عدد من الدول التي انقلب لاحقا ضد بعضها. عندما قرأت من مصادر مختلفة عن جمال الدين الأفغاني فقد وجدت أنه ينطبق عليه تحذير المسيح الى تلاميذه من الذئاب في ثياب الحملان. بريطانيا كانت دائما مهتمة بإستغلال الإسلاميين في خدمة مصالحها وذلك منذ نهايات القرن الثامن عشر حيث أرسلت الجواسيس تحت مسمى مستشرقين و منقبين عن الآثار و سياح دينيين. هناك أيضا محمد عبده وهو تلميذ جمال الدين الأفغاني ولا يمكن الفصل بين الشخصين لأن الرواية سوف تصبح مشوهة.

إن مفهوم الوحدة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية خرج من عبائة جمال الدين الأفغاني وأفكاره. ولكنها كانت وحدة إسلامية في خدمة مصالح بريطانيا, الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس تسيطر على ربع مساحة العالم ولديها ٢٠٠ مليون مسلم من رعاياها. سنة ١٨٨٥م خلال اجتماع مع ضباط مكتب المخابرات البريطاني في العاصمة لندن, تقدم جمال الدين الأفغاني باقتراح الى الحكومة البريطانية بتأسيس تحالف إسلامي من مصر, تركيا, أفغانستان وإيران ضد روسيا القيصرية. سنة ١٨٨٢م, تلقى جمال الدين الأفغاني عرض عمل من مكتب المخابرات البريطاني في الهند بالسفر الى مصر بصفته عميلا للمخابرات البريطانية هناك. جمال الدين الأفغاني بعد أن تقلص نفوذه في مصر بسبب القضاء على ثورة أحمد عرابي والاستغناء عن خدماته, سافر الى إيران حيث أصبح وزير الحرب ثم رئيس الوزراء ولكنه لاحقا بدأ في التحريض ضد الشاه ربما كان عميلا مزدوجا يعمل مع مخابرات روسيا القيصرية كما يعتقد بعض المؤرخين. جمال الدين الأفغاني قبض عليه وطرد من إيران ولكن أتباعه لاحقا نجحوا في إغتيال شاه إيران بعد أن إستمر في الحكم خمسين عاما.

كان جمال الدين الأفغاني ظاهريا مسلما إستخدم لقب (الأفغاني) في محاولة من أجل إخفاء أصوله أنه إيراني شيعي. ولكن في الحقيقة فإنه كان ملحدا وبعض المصادر تذكر أنه له علاقة بالباطنية الصوفية. إن مصادر ذكرت أنه كان عضوا في عدد من المحافل الماسونية والفرنسية والمحفل الماسوني الإسكتلندي في مصر. مفتي مصر السابق محمد عبده وأستاذه ومعلمه جمال الدين الأفغاني خلال إقامتهما في باريس, كانوا على علاقة وثيقة مع البهائيين خصوصا ميرزا باقر و في لندن, كانوا مقربين من ملقم خان(Malkam Khan) سفير إيران الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء وكان والده هو مؤسس المحفل الماسوني في إيران.

جمال الدين الأفغاني كان معارضا للحركات القومية في مصر خصوصا ثورة أحمد عرابي. كما أنه تقدم باقتراح الى الحكومة البريطانية حول تأسيس تحالف إسلامي ضد ثورة المهدي(محمد أحمد) التي نجحت في الاستيلاء على الخرطوم وقتل القائد البريطاني الجنرال تشارلز غوردون. الأفغاني الذي كان مبدأه "إطفاء النار بالنار" أعلن الولاء للمهدي وثروته في السودان وبارك لهم انتصاراتهم ولكنه في الخفاء كان يعمل ضدهم مع الحكومة البريطانية ويحرض عليهم. أفكار جمال الدين الأفغاني كان مصدر إلهام للصحفي رشيد رضا مؤسس مجلة المنار التي تعتبر بداية إنتشار أفكار الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر. كما أن جمال الدين الأفغاني يعتبر عراب عبدالله عزام وأسامة بن لادن والتنظيمات الجهادية التكفيرية.

سنة ١٨٨٤م, أصدر جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده مجلة العروة الوثقى في العاصمة الفرنسية باريس. إن تقارير بريطانيا وصفت تلك المجلة بأنها غطاء هدفه إخفاء حقيقة تنظيم سري يحمل الإسم ذاته. إن تقارير عن مصادر تمويل العروة الوثقى ذكرت أنه ربما كان الحكومة الفرنسية التي تعاون معها جمال الدين الأفغاني بعد طرده من مصر ورفض حكومة الهند البريطانية أفكاره بتأسيس تحالف من دول إسلامية في مواجهة روسيا القيصرية. كما قام جمال الدين الأفغاني بتأسيس تنظيم في مكة هدفه إقامة نظام حكم الخلافة الذي سوف يضم جميع البلدان الإسلامية.إن مجلة العروة الوثقى لم تصدر سوى ثمانية عشرة عددا وقامت الحكومة الفرنسية بإغلاقها.

هناك مقولة حكمة تنقل عن المسيح في الاناجيل متى(٧-١٦: من ثمارهم تعرفونهم. هل يجنون من الشوك عنبا و من الحسك تينا) و ذلك واضح للغاية في شخصية جمال الدين الأفغاني وسيرة حياته ورحلته والمحطات التي توقف عندها في إيران, الهند, روسيا القيصرية, مصر, لندن, باريس والسودان. ملحد يخفي الحادة من خلال إسلام مزيف ويخفي هويته الحقيقية أنه إيراني شيعي بإستخدام لقب الأفغاني, مسلم في الظاهر ولديه أفكار إلحادية في الباطن يطلقون عليها فلسفية وربما له علاقة الباطنية الصوفية وأقام علاقات في فرنسا مع البهائيين و ميرزا صادق وكان عضوا في عدد من المحافل الماسونية الفرنسية والبريطانية والمحفل الإسكتلندي في مصر. أفكار كانت مصدر وحي وإلهام لأشخاص مثل أبو الأعلى المودودي و أسامة بن الدن والحركات السلفية والإخوان المسلمين.

هل كان جمال الدين الأفغاني مصلح إسلامي ومجدد ديني أم جاسوس بريطاني, ماسوني و ملحد؟

دمتم بعافية وخير

عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة

الوطن أو الموت

No comments:

Post a Comment