الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولع في الدنيا وقعد يتفرج تحت مسمى يوم التحرير ونجح في الجمع بين الخصوم, الصين, كوريا الجنوبية واليابان وإصدار بيان مشترك ضد الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. أسواق المال العالمية خسرت ٢.٥ تريليون دولار في ليلة واحدة بينما خسر أغنى عشرة أشخاص على قائمة فوربس ٢٠٨ مليار دولار. اليابان تتوقع خسارة ١٧ مليار دولار مبيعات سيارات بسبب رسوم ترامب الجمركية. الصين و دول أخرى مثل كندا فرضت رسوم جمركية انتقامية وصلت الى ٣٤% ضد الواردات الأمريكية وتوقعات بوقوع ركود عالمي وأزمة اقتصادية مشابهة لما حصل سنة ٢٠٠٨. الدولار الأمريكي سجل اسوأ أداء له أمام سلة العملات منذ سنة ٢٠١٥. هناك توقعات بارتفاع أسعار الخدمات والمنتجات في الولايات المتحدة بنسبة ٢٥% على الأقل والصين سوف تكون أقل الدول تضررا بسبب تقدمها التكنولوجي وقدرتها على الإنتاج الصناعي الواسع و سوقها الداخلي.
دونالد ترامب ربما أشعل فتيل حرب عالمية ثالثة بسبب رسومه الجمركية التي فرضها على ١٨٠ دولة. أعتقد أن العنوان المناسب لما قام به الرئيس الأمريكي هو ترامب ضد العالم. الحرب العالمية الأولى وقعت بسبب المنافسة بين بريطانيا و ألمانيا القيصرية على السيطرة على طرق الشحن والتجارة البحرية و الحرب العالمية الثانية كان هدفها تحجيم النفوذ الألماني التجاري, الصناعي والعسكري المتزايد. المشكلة تبدأ من الإقتصاد وتنتهي في الإقتصاد. دونالد ترامب يعتقد أنه يحارب الدولة العميقة وأن ما يقوم به في مصلحة المواطن الأمريكي ولكن العكس هو الصحيح, المواطن الأمريكي أول المتضررين من حماقات ترامب. إن جميع اتفاقيات التجارة العالمية والجمركية ومنظمة التجارة العالمية أثبتت أنه لا جدوى منها وبدون فائدة وأن الإتفاقيات لا قيمة لها لأنه يأتي رئيس أمريكي أو أي رئيس دولة ذات نفوذ ويضرب بها عرض الحائط.
أزمة ٢٠٠٨ التي أطلقت عليها وسائل الإعلام أزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة سببها توسع المصارف ومؤسسات الإقراض الأمريكية في منح رهون عقارية الى أشخاص غير مناسبين أو ليس لديهم رصيد إئتماني مقبول ومن ثم تسليع تلك الرهون من خلال أدوات مالية وإخفاء حقيقتها في طبقات مالية من الصعب كشفها حتى على المتخصصين وبيعها الى مستثمرين أنها مضمونة ومصنفة أعلى تصنيف أمان. بينما أزمة ١٩٢٩ الإقتصادية كان سببها الرئيسي تلاعب بأسعار العقارات بدا من ولاية فلوريدا مما أدى الى فقاعة عقارية واستخدام صناديق ائتمانية في محاولة للتهرب الضريبي وإخفاء هوية المضاربين والمتلاعبين. أزمة ٢٠٢٥ التي من المتوقع أن تصيب الاقتصاد العالمي بالشلل فترة زمنية طويلة سوف يكون سببها رئيس أمريكي أحمق يعتقد أنه قادر على فعل ما يريد دون عواقب.
الرأسمالية وصلت الى طريق مسدود والنظام الاقتصادي العالمي وصل الى طريق مسدود بسبب تشبع الأسواق وانخفاض العائدات على الاستثمار. إذا لا بد من إيجاد أسواق جديدة يغزوها رأس المال العالمي وذلك من غير الممكن أن يكون بدون حرب أو أزمة عالمية كبرى. فيروس كورونا كانت محاولة من أجل منع إنفجار الوضع ولو مؤقتا ولعل ما يحصل اليوم له علاقة بذلك. ربما هناك أزمة كورونا رقم ٢ أو ربما هناك كارثة قادمة توحي بأنها طبيعية ولكنها في الحقيقة مصطنعة في محاولة إخفاء حقيقة مايحصل. أوروبا كانت تعيش ظروف المجاعة والفقر والفوضى خلال الفترة التي سبقت الحملات الصليبية وبالتالي فإن الدافع الاقتصادي كان عاملا رئيسيا. الحروب الصليبية فتحت عيون الأوروبيين على ثروات الشرق وكنوزه وبدأت حملات الكشوفات الجغرافية في القرن الرابع عشر بهدف إكتشاف طريق تجاري بديل عن تلك التي كان يسيطر عليها المسلمون. إن حركة الكشوفات الجغرافية فتحت أبواب جديدة أمام رؤوس الأموال المتراكمة من الحملات الصليبية حيث أصبحت نوايا الأوروبيين الإستعمارية واضحة للغاية. العوامل المناسبة كانت متوفرة في بريطانيا حيث بدأت الثورة الصناعية وعندما تشبعت الأسواق والمستعمرات البريطانية, بدأ بحث رؤوس الأموال عن أماكن جديدة يمكن تحقيق الأرباح فوجد ضالته في الأراضي الجديدة التي أصبحت لاحقا أمريكا أو الولايات المتحدة.
والأن, فإنَّ الإقتصاد الأمريكي الذي يعتبر قلب الرأسمالية العالمية والإقتصاد العالمي قد وصل الى المرحلة ذاتها التي وصلت اليها أوروبا سابقا خلال الفترة التي سبقت الثورة الصناعية ولا بد من ثورة جديدة تعيد تصحيح الأوضاع من وجهة نظر أمريكية. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شعاره "أنا ومن ورائي الطوفان" لأنه حتى دولة الكيان الصهيوني لم تسلم من قراراته حيث فرضت على الواردات من فلسطين المحتلة رسوم جمركية ١٧%. هناك هجرة للمصانع والوظائف الى دول حيث تتوفر على عمالة مدربة منخفضة الأجور مثل الصين, فيتنام, الهند وسيرلانكا. الولايات المتحدة خسرت ٩٠ ألف مصنع بسبب العولمة واتفاقيات التجارة الحرة والآن ترامب لديه نوايا في أن يعكس ذلك. إن مايريد ترامب أن يفعله هو بناء نظام عالمي جديد على طريقته وليس على طريقة بعض النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في الولايات المتحدة والعالم والصدام بين الطرفين بدأ ونتائجه سوف تكون مدمرة وسوف لن يكون هناك مكان للهروب.
دمتم بخير وعافية
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment