المعيار الذهبي وليس الذهب من مخلفات العصر البربري. إنَّ تصريح الإقتصادي البريطاني المعروف جون مينارد كينز(١٨٦٣م-١٩٤٦م) بأن "الذهب من مخلفات العصر البربري" خاطئة والصحيح أنه في كتاب "الإصلاح النقدي ١٩٢٤-The Monetary Reform ١٩٢٤) كتب بالنص:"المعيار الذهبي ليس إلا مخلفات العصر البربري." اليهود دائما في عين العاصفة عندما يكون الحديث عن الذهب والمال وذلك ليس مبالغة. إن العودة الى التاريخ وقراءة مابين السطور سوف تجعل ذلك واضحا للغاية. اليهود خالفوا أوامر نبي الله موسى عليه السلام وصنعوا العجل الذهبي وعبدوه. عيسى عليه السلام في الأناجيل دخل الى الهيكل وقلب طاولات الصيارفة وباعة الحمام وقال لهم:"هذا منزل أبي جعلتموه مغارة لصوص" مما أدى الى تأمر زعماء اليهود عليه بهدف قتله في أكثر من مناسبة. محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم حرَّم الفائدة بنص تشريع قرآني حازم وقاطع لا يترك مجالا للتأويلات والتفسيرات وتأمر عليه زعماء اليهود ودبروا عليه عدة محاولات إغتيال. أحد الأفلام الوثائقية التي عرض على قناة بي بي سي البريطانية صرح خلاله مقدم البرنامج أن وقاة نبي الله موسى عليه السلام ربما كانت مشبوهة تحيط بها الشكوك في أنها ليست طبيعية.
إن حركة رؤوس الأموال وسعيها الى تحقيق المزيد من الأرباح كان ومايزال المحرك الرئيسي للأزمات والحروب في العالم. الثورات في إنجلترا وفرنسا خلال القرنين السابع والثامن عشر كان هدفها تحطيم الأنظمة الملكية الحاكمة في أوروبا وتأسيس بنوك مركزية تتحكم في النقد وطباعة العملة. بريطانيا اعتمدت المعيار الذهبي بداية القرن التاسع عشر وكان ذلك بداية مرحلة جديدة من الثورة النقدية التي خدمت مصالح الصيارفة والبنوك أو المرابين الدوليين حتى يكون التعبير أكثر دقة. أولئك المرابين الدوليين نجحوا في السيطرة على بنك إنجلترا المركزي الذي نجحوا في تأسيسه بعد ثورة اللورد أوليفر كرومويل في إنجلترا. حروب البوير الأولى والثانية كان هدفها السيطرة على مناجم الذهب في جنوب إفريقيا بينما حروب نابليون كانت نتيجتها المباشرة جمع وتركيز كمية ضخمة من الثروة(الذهب) تحت سيطرتهم خصوصا آل روتشيلد ذوي الأصول الألمانية.
إن جوهر المعيار الذهبي هو إعتبار الذهب النقود الحقيقية الوحيدة وبالطبع فإن تواجد عملات ورقية في الاسواق مرتبط بتغطيتها مقابل غطاء من الذهب في البنك المركزي أو أي مؤسسات مصرفية أخرى حيث يكون من الممكن مبادلتها مقابل العملات الورقية(البنكنوت). إن ذلك يخدم مصلحة آل روتشيلد في تحقيقهم الأرباح من خلال منح قروض ذهبية مقابل نسبة فائدة(الربا) مما أدى الى سيطرتهم عى الأفراد العاديين وحتى دول بأكملها.
بريطانيا حيث يتركز نفوذ آل روتشيلد من خلال سيطرتهم على بنك إنجلترا المركزي كانت القوة الدافعة الرئيسية في عملية تقدم المعيار الذهبي. إن أول دولة تعتمد رسميا (المعيار الذهبي) كانت بريطانيا سنة ١٨١٦م. ألمانيا وجميع دول العالم باستثناء المكسيك والصين اعتمدت المعيار الذهبي مع حلول سنة ١٨٣٧م. ولكن وجود دول تمتلك احتياطيات ضخمة من الذهب خارج سيطرة ديكتاتورية المعيار الذهبي كان مشكلة لا بد من إيجاد حل لها. حروب الأفيون و البوير التي قامت بها بريطانيا ضد الصين والمستوطنين الأوروبيين في جنوب إفريقيا والاستيلاء على مناطق واسعة من المكسيك بقوة الجيش الأمريكي خصوصا كاليفورنيا الغنية بمناجم الذهب كانت حلا مناسبا يخدم مصالح مناصري ومؤيدي المعيار الذهبي. السيطرة على شركات التنقيب واستخراج الذهب في دول مختلفة من خلال شراء حصة سهمية مسيطرة كان خطوة في تحقيق هدف السيطرة على احتياطيات الذهب العالمية.
ولكن محاولة فرض المعيار الذهبي خصوصا على دول أوروبا أدى الى مقاومة تلك الدول التي إستغرق إخضاعها قرنا ونصف. المستشار الألماني الحديدي بسمارك الذي نجح في الإنتصار في الحرب الألمانية-البروسية وتوحيد ألمانيا قد حصل على قروض ذهبية بالإضافة الى تعويضات حرب من فرنسا بلغت 5 مليارات فرنك فرنسي ذهبي حيث أدى ذلك الى نجاحه في فرض المعيار الذهبي وجعل ذلك أمرا مقبولا. الولايات المتحدة كانت ساحة معركة طاحنة بين أنصار النظام الفضة والمعيار الذهبي حيث كانت العملة الأمريكية تعتمد في إصدارها على غطاء الفضة وليس الذهب. إن مؤيدي المعيار الذهبي نجحوا في الإنتصار في الولايات المتحدة و في روسيا نجحوا في اعتماد الروبل الذهبي مع نهاية القرن التاسع عشر. إن القروض الخارجية التي حصلت عليها روسيا من لندن وباريس خلال الفترة(١٨٩٥م-١٩١٤م) كانت نتيجتها ارتفاع الدين الخارجي من ١.٧ مليار روبل الى ما يزيد عن 4 مليار روبل, حصة الدين الخارجي من إجمالي الدين العام من ٣٠% الى ٤٨% و نفقات خدمة الدين الخارجي من 62 مليون روبل سنة ١٨٩٥م الى 194 مليون روبل سنة ١٩١٤ وذلك كان سببا رئيسيا في الأحداث المأساوية في روسيا منذ بدايات القرن العشرين من ١٩٠٥م وصولا الى ١٩١٧م.
المرابين الدوليين يميلون الى البراغماتية والمرونة وتتغير سياساتهم مع تغيير الظروف بما يضمن ويحفظ مصالحهم واستمرار هيمنتهم على الإقتصاد العالمي. إن التعامل بالمعيار الذهبي توقف مؤقت بسبب الحرب العالمية الأولى وعادت الدول بعد إنتهاء الحرب الى نوع من التعامل بمعيار ذهبي جزئي يربط الدولار الأمريكي-الذهب-الجنية الإسترليني ولكن ذلك لم يستمر لأنه مشكلة ديون الحرب جعلت منه أمرا غير ممكن وغير واقعي. النتيجة كانت أنه مع نهاية ثلاثينيات القرن العشرين فقد تخلت جميع الدول عن المعيار الذهبي بصيغته الجزئية على مراحل تدريجية ولعل إتفاقية بريتون وودز ١٩٤٤ كانت أول تلك المراحل. الدولار(الذهبي) وليس الذهب أصبح عملة احتياطي عالمي وفق معادلة سعرية إرتباط سعره أمام العملات الأخرى مقابل ٣٥ دولار/أونصة. الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وفي خطابه الشهير تاريخ ١٥/آب/١٩٧١ أعلن عن تخلي الولايات المتحدة عن مبادلة الدولار مقابل الذهب وكان ذلك عمليا إعلان إفلاس الولايات المتحدة من خلال تعويم عملتها الوطنية أمام العملات الأخرى في أسواق الصرف. ولكن الدولار(الورقي) حافظ على هيمنته أمام العملات الأخرى من خلال إتفاقيات, البترودولار(١٩٧٥م) و جامايكا(١٩٧٦م) و بلازا(١٩٨٥م), اللوفر(١٩٨٧م) وأصبح الدولار الذي هو عملة الولايات المتحدة ولكنه مشكلة العالم كما صرح وزير الخزانة الأمريكي جون كونالي في اجتماع مع عدد من وزراء المالية سنة ١٩٧١م معلنا توقف الموسيقى وبداية نهاية حفلة الرقص حول العجل الذهبي.
دمتم بخير وعافية
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment