بيروت التي إذا مضت نحو البحر, الطوفان قادم

بيروت التي دمرتها الحرب الاهلية كانت باريس الشرق الأوسط ولبنان كان من أجمل بلدان المنطقة وأكثرها تطورا وإنفتاحاً. الزراعة, السياحة, البنوك والموضة كانت عنوان لبنان. اللبنانيون في أي دولة يذهبون إليها كانوا عنوان التجارة والصناعة وأفضل المطاعم في الدول العربية ودول المهجر كانت لبنانية.

لبنان ضحية الخلافات العربية-العربية وساحة لتصفية الحسابات التي تقوم بها الدول الغربية خصوصا الولايات المتحدة وفرنسا. لبنان تاريخيا كان ضمن الأراضي السورية ولكن فرنسا افتعلت فتنة طائفية بين الدروز والموارنة في القرن التاسع عشر وأنزلت قواتها في لبنان وظهر الى الوجود ولأول مرة متصرفية جبل لبنان. إتفاقية سايكس-بيكو وضعت الختم رسميا على تقسيم سوريا واقتطاع أجزاء كبيرة من أراضيها الساحلية في إطار دولة أطلق عليها لبنان وهي من الدول المستحدثة يعني قبل تاريخ توقيع إتفاقية سايكس-بيكو لم تكن موجودة.

اغتيال شخصيات لبنانية ومنهم رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري كان الهدف منه هو الضغط على سوريا وإخراج القوات السورية من لبنان. رفيق الحريري كان شخصية سياسية دولية على درجة من الأهمية وقرار إغتياله لا يمكن أن تتخذه دولة بمفردها حتى لو كانت دولة الكيان الصهيوني ولكن ربما لوبي دولي أو جماعة دولية ذات نفوذ مثل مجموعة بيلدربيرغ.

إن أوضاع لبنان المضطربة لا علاقة لها من قريب أو من بعيد باللاجئين الفلسطينيين الذي يستخدمهم السياسيون اللبنانيون شماعة من أجل أن يعلقون عليها أخطائهم وفشلهم المستمر منذ إستقلال لبنان. اللاجئون الفلسطينيون يساهمون في نهضة لبنان حيث أنهم وبعد النكبة سنة ١٩٤٨, إستثمر الفلسطينيون اللاجئون الى لبنان ما يزيد عن ١٥ مليون ليرة ذهبية وهو مايعادل ١٥ مليار دولار بأسعار صرف هذه الأيام.

الصراعات الداخلية اللبنانية كانت موجودة قبل النكبة وسوف تستمر حتى لو خرج من لبنان جميع الفلسطينيين لأنه عندها سوف يجد أمراء الطوائف اللبنانيون سببا للاختلاف بينهم. الشيعة والسنة, الدروز والموارنة, السنة والموارنة سوف يستمرون في الإختلاف وسوف يبقى لبنان في حالة موت سريري وحكومته عاجزة حتى عن تقديم أبسط الخدمات مثل جمع القمامة.

حزب الله هو هدف لأجهزة الإعلام المعادية التي تستمر في شيطنته رغم أنه يحمي الشيعة في لبنان ومازال يقوم بتلك المهمة. المواطنون اللبنانيون الشيعة يعلمون يقينا أن الجيش وأجهزة الأمن في لبنان تخضع لأهواء السياسيين وأمراء الحرب وأن مصيرهم لو تخلوا عن سلاحهم أو فقدوا حماية حزب الله سوف لن يكون بأفضل من مصير الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا.

تجارة المخدرات هي التهمة المفضلة التي تستخدمها أجهزة الإعلام ضد حزب الله ولكن حتى الآن لم يتم تقديم دليل واحد ملموس على ذلك. المخدرات كانت سبب فضية في أواسط التسعينيات في الولايات المتحدة ملخصها أن الحكومة الأمريكية كانت تعلم أن ميليشيات الكونترا في نيكاراغوا كانت تقوم على تهريب المخدرات الى الولايات المتحدة في أوائل الثمانينيات وتمويل عملياتها ضد الجيش والحكومة الشرعية من أموال تلك التجارة الغير شرعية.

المثير للسخرية أن الرئيس الأمريكي رونالد ريغان أعلن الحرب على المخدرات خلال تلك الفترة بينما أجهزته الأمنية غارقة حتى آذانها في تقديم الدعم الى مهربي المخدرات وتجارها. بابلو إسكوبار أحد أشهر تجار المخدرات في العالم نجحت قوات خاصة كولومبية في قتله سنة ١٩٩٣ ولكن أكبر أبنائه كان يصرِّحُ بأن والده كان يعمل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويستغرب أنهم قتلوه.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية