Flag Counter

Flag Counter

Friday, March 31, 2023

إنهيار الإمبراطورية الأمريكية والنظام العالمي الجديد

النظام العالمي الجديد من وجهة نظر الكاتب الأمريكي فريد زكريا التي شرحها بالتفصيل في كتابه "عالم مابعد أمريكا" هو عالم قائم على تعدد الأقطاب حيث تتقاسم الولايات المتحدة الهيمنة على الاقتصاد العالمي مع دول مثل الصين, الهند, روسيا والبرازيل. الحرب الروسية على أوكرانيا تعتبر أهم حدث في السياسة الدولية منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي حيث نهاية عصر وبداية حقبة جديدة وظهور تحالفات مثل البريكس ومحاولة التخلي عن الدولار في التعاملات المالية الدولية.

الإمبراطورية الرومانية كانت أحد أعظم الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ ولكن النظام الإقتصادي الطفيلي الذي أقامته وإنهيار عملتها التي كان تعتمد على الذهب الذي كان مصدره المناجم في مستعمراتها الإفريقية على وجه الخصوص أدى في النهاية الى انهيارها. الولايات المتحدة أعلنت سنة ١٩٧ عن فك الارتباط بين الدولار والذهب وأصبحت تعاني بسبب ذلك من التضخم وتم الإعلان عن هزيمة قواتها في حرب فيتنام حيث بدأت قوتها العسكرية في الاضمحلال.

الولايات المتحدة شهدت تحولات جذرية خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حيث فرضت هيمنتها على العالم من خلال إتفاقية بريتون وودز وعملتها الدولار الذي تم القبول به عملة الاحتياط العالمية. المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كانت الأدوات التي نجحت من خلالها في السيطرة على الاقتصاد العالمي والتحكم في الدول وقرارها السيادي. الولايات المتحدة تحولت الى إمبراطورية والتي لا يمكن أن تستمر الى مالا نهاية كما تثبت الأحداث التاريخية تؤكد على ذلك. 

الإتحاد السوفيتي رفض الانضمام الى اتفاقية بريتون وودز وكان ذلك أحد أسباب إعلان الحرب الباردة وترسيخ همينة الولايات المتحدة على العالم خلال الفترة التي أعقبت تفكُّكَ الإتحاد السوفيتي وإعلان نظام القطب الواحد. ولكن تلك السيطرة بدأت تشهد تراجعا ملحوظا حيث أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بناء القوة الروسية وأعلن عن ذلك سنة ٢٠٠٨ من خلال العملية العسكرية الروسية ضد جورجيا وضم شبه جزيرة القرم سنة ٢٠١٤ والعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا سنة ٢٠٢٢ والتي تستمر لا غالب ولا مغلوب الى يومنا هذا.

الخطر القادم من الشرق وليس روسيا هو التحدي الحقيقي الذي تواجهه الولايات المتحدة والنظام العالمي الجديد الذي تسعى الى تأسيسه كما تعكس ذلك وجهة نظر محللين ومعاهد التفكير والأبحاث الأمريكية. الصين تسعى الى الدفاع عن مصالحها في مواجهة الهيمنة الأمريكية وتسعى الى بناء تحالفات جديدة حيث يمكنها أن تجعل ذلك ممكنا. الصين تراقب أحداث الأزمة الأوكرانية وتحاول الاستفادة منها في صراعها مع الولايات المتحدة والذي يتمحور حول أمرين رئيسيين, الأول هو السيطرة على بحر الصين الجنوبي الذي تعتمد عليه الصين في وارداتها من الطاقة بينما الثاني هو تايوان التي ترفض الصين الاعتراف باستقلالها وتعتبرها جزأً لا يتجزأ من أراضيها.

النظام العالمي الجديد هو مصطلح فضفاض مطاطي ليس له حدود ومعالم واضحة. الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون تحدث عنه و الرئيس ليندون جونسون ورونالد ريغان وجورج بوش الأب وكذلك جورج بوش الإبن جميعهم تحدثوا عنه من دون أن يحددوا معالم واضحة يمكن من خلالها الاستدلال عليه. مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر تحدث عن النظام العالمي الجديد من دون أن يضيف ذلك أي تفاصيل عن ملامحه. ولكن الكاتب فريد زكريا وصف النظام العالمي الجديد بأنه النظام الذي سوف تجد فيه الولايات المتحدة نفسها مضطرة الى تقاسم النفوذ وتحمُّل أعبائه مع دول أخرى مع الحفاظ في الوقت نفسه على تفوقها العسكري لأنه الوسيلة الوحيدة التي سوف يجعلها قادرة إستمرار تواجدها قوة مؤثرة على الساحة العالمية ومنع إنهيارها كما يتأمل بعض الحالمين البعيدين في تحليلاتهم عن واقع السياسة الدولية وتقلباتها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment