Flag Counter

Flag Counter

Monday, December 19, 2022

لابدَّ من تدمير سوريا

"لابدَّ من تدمير سوريا" هو شعار الولايات المتحدة في حملتها المحمومة من أجل محو سوريا من خارطة العالم وتقطيع أوصالها إلى دويلات صغيرة. إن تدمير سوريا تحول الى هوس بالنسبة الى دولة الكيان الصهيوني التي بدأت تشعر بالقلق من صعود قوة حزب الله بداية تسعينيات القرن العشرين واقترحت على حليفتها الولايات المتحدة إشعال حرب في المنطقة تقود الى الإطاحة بحزب الله وداعميه وعلى رأسهم سوريا.

إن شعار تدمير سوريا يذكرني بشعارات أخرى طنانة تطلقها الأبواق الإعلامية الأمريكية والعربية المأجورة حيث تفوح منها رائحة الدولارات والنفط مثل شعار "على الأسد أن يرحل" و شعار "أيام الأسد معدودة" وتصريحات إعلامية مطلقة في تفاهتها مثل أن الرئيس السوري يقيم في قاعدة حميميم أو أنَّ أسرته قد هربت الى البرازيل في حملة إعلامية مشابهة في ليبيا حاولوا من خلالها أن يقنعوا الرأي العالم الليبي أن الرئيس معمر القذافي قد هرب الى فنزويلا.

إنَّ مفهوم الشرق الأوسط الكبير لايمكن تطبيقه من دون السيطرة على سوريا لأن من يسيطر على سوريا فإنه قادر على أن يسيطر على الشرق الأوسط بأكمله. سوريا هي قلب العروبة النابض ومنارة الشرق الأوسط وأم الحضارة. أندرية بارو مدير الآثار في متحف اللوفر(١٩٦٨-١٩٧٢) والذي عمل فترة زمنية طويلة في المواقع الأثرية السورية قد صرَّحَ بأنه "لكل إنسان متحضر وطنان, وطنه الأم وسوريا." سوريا هي من قدمت للعالم الكتابة والأبجدية الأولى وأول المدونات الموسيقية واول توزيع موسيقي في التاريخ وأول المستوطنات الزراعية وأقدم المدن المأهولة منذ أكثر من ١٠ آلاف سنة. الإسلام نفسه لم يتحول من إمبراطورية ملئت راياتها العالم إلا حين إنتقلت عاصمة الحكم من مكة والمدينة الى دمشق.

ولكن هناك لقبت آخر يطلق على سوريا وله أبعاد جيوسياسية تتجاوز حدودها الى العالم بأكمله وهو "معبد الغاز" في منطقة الشرق الأوسط والتي هي برميل بارود على وشك الإنفجار. تصارعت الإمبراطوريات على أرض سوريا منذ قديم الأزل من أجل السيطرة على ذلك المعبر الحيوي والبالغ الأهمية. الآشوريون, البابليون, المقدونيين, الإمبراطورية الفارسية, الإمبراطورية الرومانية, الفراعنة, فرنسا, بريطانيا وأخيرا الولايات المتحدة.

هناك أمر مهم للغاية وهو عبارة عن تساؤل حول دور الحرب في السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. والحقيقة أن الاقتصاد الأمريكي هو اقتصاد حرب بامتياز والولايات المتحدة هي بلد يضم مئات الجنسيات والأعراق والأديان التي لا يجمع بينها أي رابط مشترك مما يجعل مهمة حشدهم من أجل تحقيق هدف ما يحتاج دائما الى عدو. إن كل رئيس أمريكي وصل الى كرسي البيض الأبيض كان ينشغل في بداية ولايته في البحث عن عدو, الحرب العالمية الأولى, الحرب العالمية الثانية, الحرب الباردة, الحرب الكورية, حرب فيتنام, حرب رمضان ١٩٧٣, أزمة الصواريخ الكوبية, الحرب العراقية-الإيرانية, حرب الخليج الأولى, حرب الخليج الثانية, الربيع العربي, الأزمة الأوكرانية والقائمة تطول. إشعال صراعات محدودة للغاية يمكن السيطرة عليها بسهولة وإخمادها هو أسلوب مفضل في السياسة الخارجية الأمريكية.

ونعود مرة اخرى الى مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي تحتاج الولايات المتحدة في سعيها الى نجاحه الى تدمير وعي و ذاكرة وثقافة السوريين. وحتى تقوم الولايات المتحدة بالمهمة خير قيام فقد درَّبت وسلَّحت وأرسلت الإرهابيين السلفيين أتباع تنظيم الإخوان المسلمين وهم أشخاص هيئاتهم تدل على أن قدموا من مجاهل التاريخ وطالبت الدبلوماسية الأمريكية من الرئيس السوري التفاوض مع هؤلاء بوصفهم المعارضة السورية السلمية المسلحة. أولئك الإرهابيين قتلوا البشر ودمروا الحجر, سرقوا الآثار وباعوها ومنها مخطوطات نادرة عبارة عن نسخ من التوراة والإنجيل وما لم يقدروا على سرقته فقد قاموا بتدميره خصوصا مدينة تدمر التي نالها نصيب كبير من الدمار.

إنَّ كل ماجرى في سوريا تم تحت مرأى ومسمع من المجتمع الدولي وحتى الجامعة العربية التي قدَّمت الكثير من الدول الأعضاء فيها مواقف مدفوعة الثمن ضد سوريا في صفقات سرية كانت بعض جلسات المفاوضات فيها تجري في مكاتب السفارات الأمريكية في الدوحة وقطر والعراق والبحرين. قطر خضعت للإدارة الأمريكية في مشروعها الهمجي ضد سوريا بعد أن قدَّمت الإدارة الأمريكية الى أمير قطر وثائق تمت مصادرتها من مسكن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مدينة بوت آبادالباكستانية تثبت تورط شخصيات قطرية في تمويل تنظيم القاعدة. أما بالنسبة الى السعودية فالأمر لم يكن يحتاج سوى الى مظاهرات مدفوعة الثمن في البحرين وبعض أعمال الشغب وتم عقد الصفقة. 

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment