Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, December 13, 2022

أسرار وخفايا حرب الولايات المتحدة في سوريا وأوكرانيا

الحرب بدأت في سوريا كما ذكر السيناتور ريتشارد بلاك في مقابلته مع معهد شيلر الدولي سنة ٢٠١١ حين أرسلت الولايات المتحدة عملاء من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من أجل التنسيق مع عناصر تنظيم القاعدة. الحكومة الأمريكية مستمرة في تقديم الدعم الى تنظيم القاعدة في إدلب من خلال العملية السرية (Timber Sycamore) حيث يتم تزويدهم بالأسلحة المضادة للدبابات والطيران. الولايات المتحدة لديها سياسة إستراتيجية في إستخدام الوكلاء على الأرض وقد إستخدمت عناصر تنظيم القاعدة في سوريا من أجل بدء حرب هدفها الإطاحة بالحكومة الشرعية.

معركة حلب(٢٠١٢-٢٠١٦) يمكن تشبيهها بأنها ستالينغراد سوريا وهي مقارنة عادلة نوعا ما. كانت هناك معارك شرسة في حلب حيث تمكنت قوات الجيش العربي السوري بالتعاون مع قوات مدربة ومنضبطة من حلفائها في حزب الله من تحقيق الإنتصار في المعركة. كانت هناك مشاركة في معركة حلب من حلفاء سوريا, إيران وحزب الله, ولكن المعركة كانت بإدارة ضباط سوريين الذين كانوا يصدرون الأوامر على الأرض. حلب مدينة تعرضت الى دمار واسع خلال المعارك ولكن ذلك أمر اعتيادي في حرب المدن حيث القتال من منزل الى منزل وحتى من غرفة الى غرفة. القوات الروسية ليست مسؤولة عن الدماء الواسع في المدينة والمسؤولية تقع على قوات المعارضة التي دخلت أحياء المدينة واستخدمت المدنيين دروعا بشرية.

القيادة الروسية كانت متردِّدَة في التدخل المباشر في العمليات العسكرية في سوريا ولكنها حسمت أمرها سنة ٢٠١٥ وبدأت في تقديم الدعم الجوي في معركة حلب مما أدى الى تسريع حسم المعركة. القوات الروسية لم تشارك في المعارك بقوات برية على الأرض بإستثناء عدد من أفراد القوات الخاصة والشرطة العسكرية والمستشارين العسكريين ولكنها قدَّمت الدعم الجوي بفعالية وحقَّقَت ضربات جوية مؤكدة على مخازن السلاح والذخيرة التابعة للمعارضة المسلحة.

الحرب الأمريكية ضد سوريا هي حرب عدوانية حيث تولت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من خلال قسم العمليات السرية إدارة الأحداث في سوريا. الولايات المتحدة هي من بدأ الحرب في سوريا حيث تم إرسال عناصر من وكالة المخابرات المركزية من أجل التنسيق مع عناصر تنظيم القاعدة والذي تم إدخال بعضهم من العراق بمعرفة القوات الأمريكية. الإدارة الأمريكية وبسبب الإنتصارات العسكرية للقوات السورية سنة ٢٠١٦ ومعرفتها بإستحالة إسقاط النظام عسكريا بواسطة الوكلاء قد قرَّرت الإنتقال الى الخطة البديلة وهي العقوبات والحصار الإقتصادي والسيطرة على مناطق إنتاج النفط والقمح.

إنَّ الهدف من الخطة البديلة هو إغلاق نظام النقل في سوريا وحرمان السوريين من مواد التدفئة في فصل الشتاء وإحداث مجاعة في سوريا. الولايات المتحدة قامت بتدريب وتسليح قوات كردية تحت مسمى قسد و كلفتها بالسيطرة على مناطق الجزيرة السورية في الحسكة, الرقة ودير الزور حيث حقول النفط والقمح. تواجد القوات الأمريكية في سوريا غير شرعي وهي قوات إحتلال والهدف هو النفط وذلك ما صرَّحَ به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سؤال خلال أحد مقابلاته المتلفزة عن سبب تواجد قوات أمريكية في سوريا, أجاب:"أريد حصتي من النفط."

الولايات المتحدة فرضت عقوبات على سوريا تحت مسمى قانون قيصر وهي في الحقيقة عقوبات ضد الشعب السوري وصموده. قانون قيصر هو أقسى نظام عقوبات وحصار اقتصادي فرضته الولايات المتحدة ضد أي دولة حتى ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية حيث كانت الشركات الأمريكية والبنوك السويسرية تتعامل بالذهب  الألماني المنهوب من أوروبا بدون أن تخشى عواقب ذلك. الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع سوريا ولكنها تتلاعب بسعر صرف الليرة السورية من خلال نظام السويفت بينما تحاصر البحرية الأمريكية السواحل السورية. العقوبات الأمريكية ضد سوريا جعلت من الصعوبة إستيراد المواد الطبية على وجه الخصوص حيث هناك على سبيل المثال الكثير من السوريين الذين يكون مصيرهم الوفاة بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية وبسبب أمراض تكون قابلة للعلاج بسهولة في الدول الغربية.

أحد الأمور التي قامت بها الولايات المتحدة في محاولة من أجل زيادة الضغط على سوريا هو تفجير مرفأ بيروت حيث قتل وجرح مئات اللبنانيين. وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ربما كانت متورطة في إنفجار مرفأ بيروت الذي أعقبه مباشرة إنهيار النظام المصرفي اللبناني حيث العديد من السوريين لديهم ودائع بالعملة الصعبة في البنوك اللبنانية.

الولايات المتحدة تشن حربها ليس ضد النظام أو الحكومة السورية لكن ضد الشعب السوري نفسه وذلك يعتبر جريمة حرب في القانون الجنائي الدولي. الإدارة الأمريكية تحالفت مع تنظيمات مثل القاعدة وداعش و تنظيمات إرهابية التي مارست العنف واستخدمت سلاح الإغتصاب ضد الشعب السوري. أفراد التنظيمات الإرهابية كانوا يقتلون الرجال في سوريا ويأخذون النساء والأطفال سبايا وذلك تحت بصر وسمع المجتمع الدولي والإعلام الغربي الذي يطلق عليهم رغم كل تلك التصرفات الهمجية المعارضة المعتدلة. حتى أنه كانت هناك أسواق لبيع وشراء الجواري والعبيد في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة. إن سياسة الإغتصاب الممنهج للنساء السوريات أدت الى عواقب أخلاقية واجتماعية منها عدد كبير من الأطفال مجهولي الأب والجنسية مما أدى الى تغيير في القانون في سوريا حيث يتم منح الجنسية السورية إلى مثل تلك الحالات. الرئيس الأسد أخبرني بذلك أثناء زيارتي(السيناتور بلاك) سنة ٢٠١٦ وقد وجدت لاحقا أن القانون قد تم تم بالفعل تمريره في البرلمان والموافقة عليه.

الولايات المتحدة عندما تخوض تلك الحروب وتقود عمليات التدخل في الدول الأخرى, ليس هناك حدود للوحشبة والقسوة التي سوف يتم التعامل بها مع السكان المحليين ولا يعنيها ذلك بل يهمها مصالحها, الاستيلاء على الثروات الطبيعية خصوصا النفط. إنَّ ذلك مايميز سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة المتعلقة بدولة روسيا الإتحادية والتي تعتبر من أغنى دول العالم بالمواد الخام والثروات الطبيعية خصوصا النفط والغاز, الألومنيوم, القمح, الذهب, الألماس, الأخشاب, الصيد البحري ومنتج رئيسي للأسمدة الزراعية. الولايات المتحدة مستمرة في محاولاتها من أجل تحقيق الارتباط الكامل بين روسيا و الإقتصادي العالمي ولكن ذلك غير ممكن مع وجود حكومة مركزية قوية و رئيس مثل فلاديمير بوتين ولذلك لابد من تقسيم وتجزئة دولة روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفياتي.

إنَّ محاولات الدول الغربية من أجل ضم أوكرانيا الى الإتحاد الأوروبي والناتو ليس مجرد تعبير عن نوايا الولايات المتحدة في محاصرة دولة روسيا الإتحادية بل هو تعبير عن أطماع في ثروات أوكرانيا خصوصا النفط والغاز والحبوب حيث تعتبر أوكرانيا أحد أكبر مصدري الحبوب في العالم. إنَّ سيطرة رؤوس الأموال الأمريكية على أوكرانيا تحقق للولايات المتحدة التحكم في صادرات الحبوب الأوكرانية وخطوط أنابيب النفط والغاز المتوجهة الى أوروبا وبالتالي تصبح القارة الأوروبية تحت رحمة الولايات المتحدة.

إنَّ توجه الولايات المتحدة نحو روسيا بدأ مباشرة بعد إنهيار جدار برلين وتفكُّك الإتحاد السوفياتي وبالتالي حلف وارسو الذي كان الإتحاد السوفياتي عموده الفقري الرئيسي. ولكنَّ تفكك حلف وارسو لم يقابله على الجانب الأخر إجراء مماثل فيما يتعلق بحلف الناتو الذي مازال قائما بل و يتوسع ويضم أعضاء جدد بإستمرار. إنَّ الغرض من إنشاء حلف الناتو خلال الحرب الباردة كان الدفاع عن دول أوروبا من الإتحاد السوفياتي والذي لم يعد موجودا وكذلك تحالف وارسو.

إن إستمرار وجود الناتو كان غير ممكن بدون البحث عن تهديد جديد والذي كان بالطبع دولة روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي. إن روسيا كانت تسعى الى أن تنضم الى أوروبا وتصبح عضوا في الإتحاد الأوروبي وذلك ما صرَّحَ به رئيس شركة غازبورم خلال لقائي(السيناتور ريتشارد بلاك) والذي حدث مباشرة بعد تفكُّك الإتحاد السوفياتي. التلفزيون الحكومي الروسي كان يعرض فيديوهات تمثل مطالب الانفصاليين الشيشان كما أخبر رئيس شركة غازبروم السيناتور بلاك خلال لقائهما وأن ذلك هو حرية الرأي والتعبير. ولكن الرد الذي تلقاه من السيناتور بلاك كان صادما حيث أخبره أنَّ ذلك مستحيل الحدوث في الولايات المتحدة وأن الإدارة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية وضعت مدير وكالة الأسوشيدت برس مسؤولا عن غرفة عمليات إعلامية كانت تمارس رقابة صارمة على الأخبار التي تنشر من خلال وسائل الإعلام الأمريكية حيث يتم منع أي أخبار تعبر عن وجهة نظر ألمانيا النازية أو تثير أي نوع من التعاطف مع أجندات النازية.

إن الدعم اللامحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل رئيسي الى أوكرانيا قد شهد تغيرا من مجرد تقديم دعم عسكري الى تحقيق النصر على القوات الروسية ولو كان ذلك على حساب أرواح المدنيين والجنود الاوكرانيين. إن الولايات المتحدة غير معنية ولا يهمها عدد الضحايا من الجنود الروس والاوكرانيين الشبان وحتى المدنيين من النساء والأطفال الذي يسقطون ضحايا المعارك. إن الولايات المتحدة ترسل كميات ضخمة من الأسلحة الى أوكرانيا حيث تعتبر صناعة الدفاع والشركات الأمنية الخاصة هي المستفيد الرئيسي ويتم تمويل ذلك من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين الذين يتحملون العبئ في دفع فاتورة التدخل الأمريكي في أوكرانيا. ولكن ذلك لن يغير من نتائج الحرب على المدة الطويل حيث سوف ينتصر الجيش الروسي في النهاية خصوصا في شرق أوكرانيا حيث الموقف الأوكراني ضعيف للغاية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعى بكل جهده الى منع وقوع الحرب حتى أنه في ديسمبر/٢٠٢١ تقدَّمَ باقتراحات مكتوبة للسلام بين روسيا والناتو. القوات الأوكرانية خلال تلك الفترة كانت تحشد قواتها من أجل هجوم رئيسي في الشرق الأوكراني بينما روسيا لم تكن تسعى الى وقوع الحرب ولكن الناتو تجاهل جميع المحاولات التي قامت بها روسيا واستمر في سياسته العدوانية وتقديم الدعم العسكري الى أوكرانيا. الرئيس الروسي والذي كان يشاهد حشود القوات الأوكرانية على مقربة من الحدود مع روسيا سعى الى أن يضرب أولا قبل فوات الأوان. إن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا لم تكن مجرذَدَ هجوم روسي تم التخطيط له مسبقا بل ردة فعل على النوايا الأوكرانية العدوانية ضد روسيا والتي كانت تتلقى الدعم الكامل من الناتو. إن مايؤكد ذلك وأن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا لم يتم التخطيط لها مسبقا هو أن من يخطِّطُ للهجوم عليه أن يحشد قوات متفوقة عدديا على خصومه ١:٣ على الأٌل ولكن الحشود الروسية كانت تقريبا ١٦٠ الف جندي بينما بلغ تعداد القوات الأوكرانية ٢٥٠ الف جندي والتي كانت تخطط للهجوم على الدونباس الذي رفض الإنضمام الى الثورة البرتقالية على الحكومة الشرعية سنة ٢٠١٤ وإختاروا الإنضمام الى دولة روسيا الإتحادية.


No comments:

Post a Comment