Flag Counter

Flag Counter

Friday, October 14, 2022

هل بدأ العد التنازلي لإنهيار النظام المالي العالمي؟(٣)

الدول الأوروبية بدأت في مطلع الستينيات في الشعور بالقلق من قيام الولايات المتحدة بطباعة الدولار الأمريكي بوتيرة متزايدة وبدون تغطية كافية من الذهب بسبب الحاجة الى تغطية نفقات حرب فيتنام وخطة التنمية الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ليندون جونسون والتي عرفت بخطة المسدس والزبدة(Guns & Butter). الرئيس الفرنسي شارل ديغول انتقد الولايات المتحدة بسبب ذلك في خطاب ألقاه في فبراير/١٩٦٥ على شاشة التلفزيون الفرنسي. وقد كانت الدول الأوروبية قد بدأت في النهوض اقتصاديا خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وبدأ الميزان التجاري بينها وبين الولايات المتحدة في الجنوح نحو الدول الأوروبية التي تراكمت لديها نتيجة ذلك احتياطيات ضخمة من الدولار الأمريكي. وسنة ١٩٦٥م طالبت فرنسا الولايات المتحدة مبادلة كميات من الدولار مقابل الذهب وفق بنود إتفاقية بريتون وودز وكان ذلك سببا رئيسيا في سقوطه سنة ١٩٦٩م فقد بدأت دول أوروبية أخرى في مطالبة الولايات المتحدة العمل وفق بنود إتفاقية بريتون-وودز ومبادلة الدولار مقابل الذهب.

الولايات المتحدة لم تقف موقف المتفرج على ما كانت تعتبره حربا اقتصادية ضدها وإستنزاف احتياطيها من الذهب. الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أعلن سنة ١٩٧١م إيقاف مبادلة الدولار الأمريكي مقابل الذهب بما يعني عمليا إيقاف العمل بإتفاقية بريتون وودز و تعويم الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى في أسواق الصرف الدولية. وسنة ١٩٧٦م تم الإجهاز رسميا على اتفاقية بريتون وودز وذلك بالتوقيع على اتفاقية جامايكا والتي تم من خلالها الإتفاق على أسعار صرف العملات مقابل الدولار الأمريكي.

ولكن الولايات المتحدة أصبحت في حاجة إلى مخرج مناسب من أجل الحفاظ على عملتها التي أصبحت تصدر من الهواء بعد أن كانت نظريا تستند إلى تغطية ذهبية في إصدارها. وقد كانت الحل في إتفاقية البترودولار والتي كان عرابها مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر الذي عقد اتفاقا مع المملكة العربية السعودية ملخصه أن تبيع النفط حصريا مقابل الدولار مقابل تقديم الحماية الأمريكية إلى نظام الحكم وأولوية في الحصول على أحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية. المملكة العربية السعودية التي كانت الدولة الأولى في إنتاج النفط وبالتالي لديها القدرة على التأثير على أسعاره وقد أدى قرارها إلى التزام الدول الأخرى الأعضاء في منظمة أوبك بيع النفط مقابل الدولار الأمريكي حصريا وأي دولة كانت تخالف ذلك كان يتم التعامل معها من الولايات المتحدة بإسقاط نظامها من خلال الغزو العسكري المباشر كما حصل مع العراق أو من خلال مايعرف بالثورات الملونة أو النسخة الشرق الأوسطية وهي الربيع العربي كما حصل مع ليبيا.

إنَّ الولايات المتحدة لم تكن تعاني من مشكلة طباعة الدولار طالما كان نفوذها الإقتصادي يتوسع بإستمرار حيث هناك دائما المزيد من الأسواق التي يمكن أن تستوعب ذلك. وحاليا هناك عدد محدود من الأماكن التي يمكن من خلال التوسع في سيطرة ونفوذ الدولار الأمريكي مثل كوريا الشمالية, سوريا, إيران وربما المملكة العربية السعودية حيث بنوكها المركزية هي مؤسسات حكومية تخضع للقرارات التي تصدرها الحكومات التي بالتالي تتحكم في كمية النقد التي تصدرها تلك البنوك. ولكن الأزمة الإقتصادية سنة ٢٠٠٧م والتي أدت الى أزمة كساد لا زال العالم يعاني منها إلى يومنا هي عوارض أزمة حادة ومزمنة بدأ النظام المالي العالمي يعاني منها ويمكن إعتبار الديون هي جزء لا يتجزأ من تلك الازمة لأنه منذ اتفاقية جامايكا سنة ١٩٧٦م, لم يتم إيجاد بديل مقبول عن إتفاقية بريتون وودز وبالتالي ليس الدولار الأمريكي هو ماتم تعويمه بل الإقتصاد العالمي تم تعويمه على هرم من الديون دون أي بديل آخر مقبول. والحقيقة أن تلك الأزمة والتي يمكن اختصارها بالعثور على ذلك البديل لن يكون إيجاد حل لها من خلال طرق تفاوضية سلمية وتلك حقيقة تاريخية مثبتة والشاهد هو الأزمة السورية والحرب الروسية-الأوكرانية وحتى الإتفاق النووي مع إيران وأزمات أخرى يغرق بها العالم تنذر بقيام حرب عالمية ثالثة قد لا تبقى من الحضارة البشرية ولا تذر.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment