يخطئ كل من يعتقد أن الحروب الصليبية قد انتهت مع هزيمة تحالف بين ملك إنجلترا إدوارد, الكنيسة الكاثوليكية والمغول على يد قوات المماليك التي يقودها الملك الظاهر بيبرس خلال أحداث الحملة الصليبية التاسعة وطرد القوات الصليبية من جزيرة أرواد(1302-1303) التي كانت آخر معاقلهم في المشرق. في إحصاء قامت الكنيسة الكاثوليكية بإجرائه سنة 1976 كانت نتيجته أن عدد المسلمين في العالم تجاوز لأول مرة عدد الكاثوليك حيث بدأت حملة إعلامية مازالت مستمرة حتى يومنا هذا. وفي إطار تلك الحملة تم توظيف مصطلح (الإسلامي) بغاية التمويه أن الهدف هو المتطرفون(الإسلاميون) وليس الإسلام. المعركة مع الغرب المسيحي المتطرف هي معركة وجود هدفها كل ماهو عربي وإسلامي. حتى المسيحيون العرب يعتبرون هدفا حيث تصفهم الكنيسة الغربية سواء الكاثوليكية أو البروتستانتية على حد سواء بأنهم هراطقة. بل وقد تعرضوا للإبادة خلال الحملات الصليبية المختلفة في مصر وسوريا وفلسطين. الأقباط في مصر استقبلوا العرب بوصفهم فاتحين ومحررين من ظلم الدولة الرومانية(المسيحية).
الحرب الإعلامية الغربية ضد كل ماهو مسلم وعربي تحاول إستخدام الأقليات المسيحية في الدول العربية رأس حربة. وهناك آراء مسيحية متطرفة في بعض الدول العربية تتفق مع الأجندات التي تعبِّر عنها تلك الآلة الإعلامية الغربية التي يسيطر عليها ويتحكم فيها رأس المال الصهيوني. حتى اليهود أنفسهم يتم استغلالهم في تلك الحرب الإعلامية على الرغم من أنهم عانوا من الإضطهاد في الأندلس خلال عهد محاكم التفتيش وعانوا من الإضطهاد في فلسطين خلال الحكم الروماني. وهنا نقطة مهمة علينا أن نأخذها بعين الإعتبار, الكنيسة الكاثوليكية الغربية قد صادرت المسيحية ونقلتها من موطنها الأصلي في فلسطين الى روما حيث نقلت النصوص المسيحية المقدسة وتعرضت للتلاعب بها. ومنذ قيام بولس الطرسوسي(شاول اليهودي) باختراق جماعات المسيحيين الأوائل وإحداث الشقاق بينهم, فقد إستمر اليهود في إختراق الكنيسة الكاثوليكية والفاتيكان. المسيحية الغربية المتطرفة شنت حملات بربرية ضد طوائف مسيحية غربية مثل الكاثار بالإضافة الى الحروب الدينية الدموية بين الكاثوليك والبروتستانت.
الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الإبن أعلن حربا صليبية في أفغانستان قبل أن تمر تلك الحملة بالعراق وتدمره بإسم الإنسانية وحقوق الإنسان حيث قتل مئات الآلاف من العراقيين ومازالوا يعانون الى يومنا هذا من أثار أسلحة الدمار الشامل التي استخدمتها القوات الأمريكية هناك. ولم تتورع القوات الأمريكية عن إرتكاب مجازر يندى لها الجبين في سبيل زرع الرعب ونشر الخوف من أجل تسهيل مهمة حملات صليبية أخرى كانت سوف تستهدف مجموعة دول وصولا الى سوريا التي كانت تعتبر الجائزة الكبرى للحملات الصليبية. من يعتقد أن الغرب المسيحي ينسى, عليه أن يعيد قرائة التاريخ. في كل سنة وفي ذكرى معركة حصن العقاب(1212 م), يتم إخراج راية الموحدين التي تم الإستيلاء عليها في المعركة ويطاف بها في شوارع المدن الإسبانية. القائد الإسباني الفونسو جلس فوق قبر الحاجب المنصور بن أبي عامر وتفاخر قائلا:"أما تروني اليوم قد ملكت بلاد المسلمين والعرب!وجلست على قبر أكبر قادتهم." الجنرال الفرنسي هوبير ليوطي دخل مدينة مراكش وتوجه من فوره الى قبر القائد المسلم يوسف بن تاشفين وركل القبر بقدمه متحديا بقوله:"إنهض يا أبن تاشفين لقد وصلنا الى عقر دارك." زميله الجنرال الفرنسي غورو دخل مدينة دمشق وتوجه الى قبر صلاح الدين الأيوبي قائلا:"ها قد عدنا يا صلاح الدين."
والآن تعود الحملات الصليبية حتى تكشف وجهها القبيح في سوريا. ومرة أخرى بإسم الإنسانية يتم تدمير وقتل السوريين وتهجيرهم وتوزيع الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيميائية. الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تعتبر رائدة في استخدام الأسلحة الكيميائية خلال الحرب العالمية الأولى والثانية, قوات الإحتلال الإيطالي في ليبيا, حرب فيتنام وحرب الخليج الأولى(1991) والثانية(2003) حيث فشلت الآلة الإعلامية الغربية في أن تخفي تلك الحقائق عن الرأي العام ولكنها نجحت في أن تجعلها من الماضي الذي لا فائدة من الحديث عنه أو هكذا أقنعت متابعيها من المواطنين الغربيين البسطاء الذين بالكاد يعرفون موقع سوريا من الخريطة. الأمم المتحدة أصبحت عبئا على السلام العالمي بعد أن تحولت الى مطية للدولة الغربية ومكتب فرعي تابع للبنتاغون وفشلت في إيقاف تلك الحملة المسعورة على سوريا حيث تتعاون الولايات المتحدة مع المتطرفين المتأسلمين والجامعة العربية في محاولة إسقاط سوريا. صلاح الدين الأيوبي لم ينجح في تحرير القدس حتى جمع بين مصر وسوريا والبلدان يشغلان مكانة مهمة في تاريخ المسيحية, مصر هي البلد التي لجأ إليها المسيح ووالدته مريم العذراء, بينما سوريا هي البلد التي سوف يعود اليها المسيح حسب الروايات الإسلامية.
الحرب الحضارية الأولى كانت في العراق سنة 1991 والثانية في أفغانستان سنة 2001 كما ذكر المفكر والأديب المغربي المهدي المنجرة. ولكن الحرب الحضارية الثالثة التي ربما لم يسف الوقت المهدي المنجرة(توفي سنة 2014) الحديث عنها هي في سوريا حيث تجري أحداث الحرب الصليبية العاشرة والمعركة الفاصلة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment