في برنامج تلفزيوني على شاشة فضائية أمريكية يقدمه بيل ماهر و استضاف فيه عددا من الأشخاص منهم الكاتب سام هاريس والممثل بِن أفليك, وجَّه بيل ماهر إنتقاده الى الإسلام وأنه يقمع الحريات. كما إتَّمَ الليبراليين بأنهم خذلوا الشعوب بعدم دفاعهم عن القيم الليبرالية مثل حقوق النساء والمثلية الجنسية وحرية الرأي والتعبير. الممثل بن أفليك والمعروف بعدد من مواقفه المؤيدة للمسلمين تصدى لمزاعم سام هاريس أن الدين الإسلامي هو المصدر الوحيد للأفكار السيئة وإنتقد الازدواجية في وجهات النظر عندما يتعلق الأمر بانتقاد اليهود. سوف يتعرض بن أفليك الى المضايقات والضغوطات من اللوبيات الصهيوني في الولايات المتحدة وعلى رأسها لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية(أيباك) التي تعتبر أقواها وأهمها. ولكن هناك منظمات صهيوني تعمل في الولايات المتحدة ولها دور فعل في لصالح دولة الكيان الصهيوني مثل المؤتمر اليهودي/الأمريكي ورابطة مكافحة التشهير(بناي بريث) التي تتبع المؤتمر اليهودي العالمي. الممثل الأمريكي المبدع ميل جيبسون تعرض مثل زميله بن أفليك الى حملة مقاطعة وتشهير بسبب فيلمه آلام المسيح(The Passion of the Christ) الذي يصف فيه قصة حياة وصلب يسوع المسيح. حملة الضغط وصلت الى الفاتيكان الذي أصدر بيانا وصف فيه فيلم آلام المسيح بأنه مطابق لرواية الإنجيل. وقد تم توجيه الإتهام الى ميل جيبسون الذي يحضِّرُ للجزء الثاني من الفيلم بأنه يعادي السامية.
حرية الرأي والتعبير في بلاد الحرية معرضة الى الخطر حيث تسيطر لوبيات الضغط على المسرح السياسي وتمتلك النفوذ والأموال والأعضاء الناشطين وتنسق نشاطاتها مع السفارة الإسرائيلية في العاصمة واشنطن. النائب الأمريكي عن ولاية إلينوي الأمريكية بول فيندلي يصف في كتابه "من يجرؤ على الكلام, الشعب والمؤسسات في مواجهة اللوبي الإسرائيلي" كيف خسر الإنتخابات بعد 22 سنة من العضوية في الكونجرس الأمريكي بهامش 1% تقريبا بسبب حملات التشهير التي قام اللوبي الصهيوني بإطلاقها ضده وتقديم التمويل الى خصومه وحتى تعديل الدوائر الإنتخابية حيث تم إضافة دوائر انتخابية معروفة بولائها للديمقراطيين الى منطقته الانتخابية. حتى أن بول فيندلي وجد صعوبة في العثور على دار نشر توافق على نشر كتابه المثير للجدل والذي يصف بالأرقام كيف يمارس اللوبي الصهيوني الضغط وحملات التشهير, التمييز والاتهام بمعاداة السامية ضد كل من يعبر عن مواقف معارضة لدولة الكيان الصهيوني. أن لوبيات الضغط بشكل عام تعتبر أكبر خطر على حرية الرأي والتعبير وهي تسرح وتمرح في الولايات المتحدة وتعتبر هيئات تعمل وفقا للقانون وتجمع التبرعات وتنفق الأموال في سبيل تحقيق غاياتها. ولكن أي منظمة من تلك المنظمات لا تمتلك السلاح الذي تمتلكه لوبيات الضغط الصهيونية, محرقة اليهود. في كتابه "من يجرؤ على الكلام, الشعب والمؤسسات في مواجهة اللوبي الإسرائيلي," يصف نائب الكونجرس السابق بول فندلي أساليب الضغط والتشهير الصفيقة التي يتم إستخدامها منها مقاطعة المحاضرات والتظاهر أمام المبنى حيث تقام المحاضرة وحتى إغلاق مدخل المبنى والتهديد بأعمال عنف وبلاغات كاذبة عن وجود متفجرات في محاولة لتعطيل اي محاضرة أو ندوة لاتعبر عن وجهات نظر مؤيدة لدولة الكيان الصهيوني.
وليس كل اليهود في الولايات المتحدة يؤيدون دولة الكيان الصهيوني بل وحتى من يعيشون داخل فلسطين المحتلة يعارضون التمييز ضد الشعب الفلسطيني. نورمان فينكلشتاين هو أحد أولئك اليهود الأمريكيين من أصحاب الضمير الحي والذي يتعرض الى حملات تشهير ومعارضة لا تتوقف. أحد تلك الأساليب هي مقاطعة محاضراته في الجامعات حيث ينجح دائما في نسف حجج مؤيدي دولة الكيان الصهيوني. إن والداي نورمان فينكلشتاين من الناجين من المحرقة كما أن اغلب أفراد عائلته قضوا نحبهم في محرقة اليهود خصوصا في معسكر معسكر أوشفيتز النازي المقام على الأراضي البولندية مما يمنحه رصيدا في مواجهة خصومه من المنظمات الصهيونية. نورمان فينكلشتاين في كتابه "صناعة الهولوكوست : تأملات في استغلال المعاناة اليهودية" فضح زيف المزاعم الصهيونية حول الهولوكوست وأن المنظمات الصهيوني لم تدفع إلا النذر اليسير من التعويضات الى مستحقيها بينما في كثير من الحالات, لم يتلقى المستحقون فلسا واحدا. ويثير نورمان فينكلشتاين وهو أستاذ جامعي أمريكي/يهودي حنق المنظمات الصهيونية العاملة في الولايات المتحدة بسبب تخطيه جميع الخطوط الحمر حيث سافر الى لبنان والتقى بممثلين عن حزب الله وتعاطف مع قضيتهم علنا أثناء مقابلة تلفزيونية أجريت معه في الولايات المتحدة. تلك المنظمات ليس لديها أي خطوط حمر فيما يتعلق بالدفاع عن دولة الكيان الصهيوني ولكن الإلتقاء بقادة منظمات فلسطينية أو حزب الله أو المطالبة بحل الدولتين أو دولة فلسطينية مستقلة هو أمر يلقى ردة فعل فورية.
هناك الكثير من الأمور المتعلقة بدولة الكيان الصهيوني واليهودية والتي لا يتطرق إليها الليبراليون ويلقون بشماعة أخطائهم على المسلمين والإسلام. المملكة العربية السعودية ليست الدولة الوحيدة المقامة على مبادئ دينية, دولة الكيان الصهيونية هي دولة توراتية حيث أقر الكنيست مؤخرا قانون يهودية الدولة. إن الديانة اليهودية ونصوصها الدينية التي هناك شبهات قوية حول تحريفها تحتقر المرأة حيث تعتبرها سبب الخطيئة الأولى وأنها تباع وتشترى(خروج 21:7), نجاسة ولادة الأنثى ضعف نجاسة ولادة الذكر(لاويين 12: 1-5) وأن المساواة بين الرجل والمرأة في اليهودية يعتبر من المحرمات. وفي الديانة اليهودية خصوصا بعض الطوائف الدينية المتشددة, تواجه المرأة التي تطلب الطلاق عار المجتمع حتى في دولة متحرِّرَة مثل الولايات المتحدة حيث ينبذها مجتمعها وتواجه دعاوي قضائية حول حضانة أطفالها ويتم إزعاجها في منزلها والسلطات المحلية في أغلب الحالات لا تتدخل. تلك الطوائف تفرض على المرأة أن تكون تابعا للرجل الذي يكون متحكما بكافة قرارات الأسرة ولايحق لها الإعتراض ويفرض عليها زي معين أشبه بزي الخمار أو التشاودر الأفغاني.
لايمكن القبول بوجهات النظر المزدوجة على أنها وجهات النظر الصحيحة والسائدة التي تتحكم بمسار الأحداث. مشكلة العرب في الولايات المتحدة أنهم ماهرون في تلقي الصفعات والصمت حيث لا يوجد لوبي عربي مؤثر بإستثناء بعض الشخصيات مثل البروفيسور إدوارد سعيد والأمريكي من أصول لبنانية جيمس زغبي مؤسس المعهد العربي-الأمريكي المعروف بمواقفه المناهضة لدولة الكيان الصهيوني والداعمة للفلسطينيين. وعلى الرغم من امتلاكهم المال ومستوى تعليمي جيد بالإضافة الى تفرقهم وتشرذمهم, فقد فشل العرب بسبب السلبية المعهودة واللامبالاة في تعاطيهم مع الأمور السياسية في تحقيقه نتيجة مثمرة من مواجهتهم مع لوبيات الضغط الصهيونية وغيرها من لوبيات الضغط المعارضة للمصالح العربية في الولايات المتحدة. حيث من النادر أن يتم إرسال رسائل شكر وعرفان الى سيناتور أو عضو في الكونجرس يتخذ مواقف مؤيدة للحقوق العربية أو معارضة لدولة الكيان الصهيوني. كما أن مساهمات العرب المالية خصوصا الأثرياء ورجال الأعمال في الحياة السياسية الأمريكية ضعيفة جدا.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment