Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, June 27, 2018

هؤلاء هم سبب نكبتنا

في البحث عن الأسباب التي تقف وراء إشتعال ما يسمى الربيع العربي بداية من تونس ومن ثم مصر واليمن وليبيا وأخيرا سوريا وهي كانت الهدف النهائي بهدف صوملتها وتقسيمها إلى كانتونات طائفية, فقد تعددت الأسباب بحيث يكاد لا يتفق شخصان في أرائهما بخصوص الدوافع التي تقف وراء خروج الجماهير التي سوف تحرر نفسها بنفسها كما تم إستعارة عبارة الثائر الأممي تشي جيفارا "أنا لست محررا, المحررين لا وجود لهم, فالشعوب وحدها هي من تحرر أنفسها." إن إستعارة تلك العبارة زيفا وبهتانا لوصف أحد أسوأ الفترات التاريخية التي مرت بها المنطقة تم بهدف صناعة هالة إعلامية براقة حول مايدعى بحروب الجيل الرابع وإخفاء حقيقة الربيع العربي خلف ستار من البروباغندا الإعلامية والدعاية المضللة.
ومن خلال البحث عن إجابة لذالك السؤال, فقد يمر بطريقنا بعض المصطلحات كالفساد, الديكتاتورية, الشفافية وغير ذالك من المصطلحات البراقة التي يستعيرها خبراء الدعاية والإعلان للتضليل وإخفاء حقيقة ربيعهم الملعون. ولكن ماسبق ذكره قد تكون عوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في اللعب على أوتار عواطف الجماهير التي تجمعها الطبلة وتفرقها العصا كتقرير محطة البي بي سي البريطانية عن المليارات السبعين التي أخفاها الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في حسابات خارجية والتي لم نرى منها دولارا واحدا وعن مليارات أسرة القذافي التي زعمت تقارير أجنبية أنه أخفاها في بنوك وحسابات خارجية ولم نرى دليلا أو وثيقة واحد تثبت ذالك.
إن اليسار العربي بكافة تياراته سواء كان الإشتراكيون او الشيوعيون أو القوميون هو السبب الرئيسي في نكبة الربيع العربي حيث تحول من تيار مناضل إلى تيار متهادن مع من كان يصفهم بالإمبريالية والرجعية بل ومتحالفا معهم ضد امال الشعوب وتطلعاتها بتحقيق الإستقلال الإقتصادي بعد تحقيق الإستقلال السياسي وطرد المستعمر وذالك في مقابل إمتيازات مالية وسياسية. ولأن المستعمر يأبي أن يترك بلدا بدون أن يترك فيه صنائعه ويزرع فيه بذوره الشيطانية الخبيثة, فقد نشأ تحالف وإن كان غير معلن بين التيار الإسلامي يمثله حزب الإخوان المسلمين والتيارات التي تتبعه على كافة انواعها من جهادية وتكفيرية وتنظيمات كجبهة النصرة وداعش والجيش الحر. بداية ذالك التحالف أو سببه المعلن كان الحرب الباردة ضد الشيوعية الكافرة الملحدة كما تصفها الأدبيات الإسلامية الأصولية حيث فشل التيار اليساري العربي في تشكيل تجربة نضالية منفصلة عن الإتحاد السوفياتي وتشكيل وعي منفصل وبالتالي فقد كان مشمولا بإنتقادات الإسلاميين بإعتباره تابعا للشيوعية العالمية والإتحاد السوفياتي. حتى أنه أصبح حديث الشارع العربي بأان الشيوعيين العرب واليسار العربي بشكل عام يرفعون مظلاتهم في بلدانهم حين تمطر في موسكو.
إن الخطأ القاتل الذي إرتكبه اليسار العربي والقوميون العرب خلال تلك الفترة, الحرب الباردة والتدخل السوفياتي في أفغانستان, ونتيجة لخلافاتهم الداخلية وصراعاتهم الفكرية أن ساهموا في دخول التيارات الإسلامية المتطرفة التي ملئت الفراغ الناجم عن صراعاتهم وتخاذلهم في تقديم أفكار وأجندات إقتصادية وإجتماعية وسياسية تلبي تطلعات الجماهير العربية. إن اليسار العربي فشل في تقديم نموذج جنة الله على الأرض كبديل للجنة السماوية التي تشتهر بها التيارات الدينية الأصولية على إختلاف مذاهبها سواء كانت إسلامية أم مسيحية والتي كانت تداعب بها أحلام الجماهير. وفي الوقت نفسه الذي كانت فيه الحرب على أشدها في الوطن العربي وفي بلدان أوروبية مختلفة بين التيارات اليسارية المسلحة والأجهزة الأمنية التابعة لعدة دول مؤيدة للإمبريالية والإستعمار كدولة الكيان الصهيوني وذالك دفاعا عن فلسطين وعن الحقوق العربية, كانت التيارات الإسلامية تمر في مرحلة سبات نضالي إنتظارا لتصفية خصومها وإستعدادا لركوب الموجة النضالية حيث تمت تصفية كافة القيادات اليسارية صاحبة المشروع النهضوي والثوري والذي كانت بوصلته فلسطين كقضية نضالية مركزية في فكر اليسار العربي وحلفائه وتحولت لإسقاط الأنظكة العربية وتأييد مشروع الفوضى الخلاقة. إن تصفية رموز فكرية كناجي العلي أو غسان كنفاني تؤكد ماسبق ذكره من إخلاء الساحة من رموزها القادرة على الوقوف في وجه المشروع الإسلامي المدعوم غربيا والذي يهدف لإعادة إستعمار الوطن العربي تحت ستار من الفتاوي الدينية المؤيدة والمساندة لذالك. فعلى سبيل المثال تدعو قيادات من حماس في العلن إلى التفاوض مع العدو الصهيوني بشكل منفصل عن منظمة التحرير الفلسطينية وقيادات إتفاقية أوسلو على الرغم من أن حماس خونت وكفرت تلك القيادات بسبب ما إعتبرته حماس تفريطا بالقضية الفلسطينية وبالحق الفلسطيني.
وفي وقتنا الحالي, فإن التصريحات التي أدلى بها عدد من قادة الحراكات المسلحة التي ثارت في عدد بلدان الربيع العربي وتمردت على أنظمتها بعد أن كانت في السابق هي نفسها جزئاً لا يتجزأ من نظام السلطة والحكم سوف تثير الدهشة من ناحية الأسباب التي دفعت أولئك للتمرد والثورة والتحولات الإجتماعية التي بدأت بالظهور على هامش الربيع العربي: أول تصريح أدلى به مصطفى عبد الجليل بعد إسقاط نظام حكم الرئيس الليبي معمر القذافي هو السماح بتعدد الزوجات والذي كان قد تم منعه في عهد النظام السابق, وفي تونس, فقد أصبح ختان البنات أولوية مقدمة على إصلاح الوضع الإقتصادي والإجتماعي الذي كان سبب ثورة الجماهير كما حاولت وسائل الإعلام المختلفة أن تجعل الكذب ينطلي على عقولنا, وفي مصر سيطر تيار الإخوان المسلمين وحلفائهم على السلطة وشكلوا البرلمان وقاموا بوضع دستور يمنح ممثلهم في قصر الرئاسة, محمد مرسي, صلاحيات ديكتاتورية مطلفة مقدمين المبررات والأعذار الواهية التي صبغوها بصبغة إسلامية للتدليس على الجماهير. فمن الواضح إذا أن من قاموا بالعبئ الثوري لم تكن لديهم أي أجندة إقتصادية أو إجتماعية او سياسية وأنهم إتكالهم كان على الدين كأداة لتخدير الجماهير والتلاعب بعواطفها أو كما وصفه كارل ماركس بأنه أفيون الشعوب. المشكلة أنه حتى اليسار العربي الذي زعم الراجفون أن شبابه هم من قاموا بعبئ التمرد خصوصا في مصر لم يكونوا يمتلكون أي اجندات لتحقيق أمال وتطلعات الجماهير. فوزيرة الخارجية الأمريكية والمرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون وصفت في كتابها "خيارات صعبة" متظاهري ميدان التحرير بعد زيارتها لهم بأنهم لا يمتلكون أي رؤية فيما يتعلق بمستقبل مصر وأنه ليس لديهم قيادة ولا معرفة بالكيفية الذين يتحولون فيها لحزب سياسي متماسك للمشاركة في صنع القرار في مصر.
إن تصريحات رموز ثقافية وفكرية يسارية او شيوعية في الوطن العربي سوف تثير الدهشة فهي قد دعت اليسار العربي إلى إعادة إنتاج أفكاره والإبتعاد عن الجمود الفكري والوقوف في صف الجماهير وليس الأنظمة التي تم وصفها بانها ديكتاتورية وظالمة. إن تلك الدعوات المشبوهة تتفق مع الدعوات التي اطلقها رموز السلفية والتيارات الجهادية التكفيرية التي وبعد أن تأكدوا أنهم لن يخرجوا من الزنازين إلا للقبور, خرجوا علينا بما أطلقوا عليه مراجعات فكرية حيث تابوا فيها عن ماضيهم الدموي نفاقا وتزلفا ودعوا إلى نبذ العنف, فهم أيضا طالبوا أتباعهم بالإنفتاح على الأخر ونبذ الجمود الفكري لأن الإسلام مناسب لكل زمان ومكان. إن تلك المراجعات الفكرية قد تمت بطلب أمريكي بهدف إعادة تعليب وإنتاج تلك الزومبيات الدموية وتقديمها للمواطن العربي كتنظيمات إسلامية معتدلة تنبذ العنف وتتبع مسار الديمقراطية والإنتخابات وذالك بعد أن تم إفراغ الساحة السياسية والنضالية من اليسار العربي ورموزه المؤثرة وأصبح الطريق ممهدا للإسلاميين مع نهاية سنة 2010 وبداية سنة 2011 حيث بداية النهاية لمخططات سايكس-بيكو2 والفوضى الخلاقة وتقسيم الوطن العربي.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment