Flag Counter

Flag Counter

Sunday, June 25, 2017

إخوان إنكلترا, حسن البنا وأمين الحسيني(2)

وفي سنة 1950 قامت الحكومة المصرية بشن حملة ضد تنظيم الإخوان المسلمين في الفترة التي تلت إغتيال مؤسس التنظيم حسن البنا حيث تبين من التحقيقات مع أعضاء التنظيم المعتقلين كيف ان التنظيم مخترق من قبل الأجهزة الأمنية لعدة دول خصوصا بريطانيا, الولايات المتحدة, الإتحاد السوفياتي بل وألمانيا النازية حيث يشاع على نطاق واسع التعاون بين التنظيم والقوات الألمانية المتقدمة نحو مصر حيث قام عناصر الإخوان المسلمين بتوفير معلومات حول مواقع القوات البريطانية وتمريرها للقيادة الألمانية.
وحين أيقن البريطانيون والأمريكيون أن الملك فاروق سوف يخسر عرشه في القريب العاجل لأن نظامه قد نخره الفساد وتفشت فيه الرشوة وإزدادت نسبة البطالة فقد بدأت رحلة البحث عن بديل فيما أصر البريطانيون على إبقاء الملك فاروق مع تقليص صلاحياته فإن الأمريكيين قد وضعوا نصب أعينهم تنظيم الإخوان المسلمين أو تنظيم الضباط الأحرار الناشئ حديثا أو حتى تحالف بين حزب الوفد والشيوعيين وهو ما أقلق تنظيم الإخوان المسلمين حيث كان حزب الوفد والذي إنقسم وتشظى على نفسه يدعم قسم كبير منه التوجه نحو التحالف مع الحركات الشيوعية. تنظيم الإخوان المسلمين عملوا جاهدين على منع أي تحالف بين حزب الوفد والحركة الشيوعية في مصر حيث تعاونوا في سبيل ذالك مع الجناح اليميني من حزب الوفد والذي كان مؤلفا من كبار ملاك الأراضي والإقطاعيين وأصحاب رؤوس الأموال.
حزب الوفد من ناحيته كان يتمتع بالقوة وله قاعدة شعبية داخل مصر لم يسكت عن الحملة الإعلامية حيث إتهم أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين بأنهم عبارة عن بلطجية وطالبوا بحل الحكومة المصرية المدعومة من قبل تنظيم الإخوان المسلمين خصوصا ميليشيات الإخوان المسلمين التي كانت تتلقى الدعم المالي من قبل الحكومة المصرية.
ساهمت هزيمة الجيوش العربية في حرب 1948 في إعطاء دفعة قوية لجماعة الإخوان المسلمين على مستوى الوطن العربي للأسباب التالية:
السبب الأول هو أن تنظيم الإخوان المسلمين قد شارك في حرب فلسطين بإرسال كتائب من المتطوعين وبمباركة الدول العربية حيث حقق المتطوعون من الإخوان المسلمين وغيرهم من القوات غير النظامية إنتصارات ضد التنظيمات اليهودية بعكس الجيوش النظامية والتي كانت أغلب قياداتها إما أجنبية أو تدين بالولاء للإنتداب الأجنبي على بلدان الوطن العربي.
السبب الثاني هو أن هزيمة الجيوش العربية قد خلقت حالة من التخبط السياسي والفراغ الذي كان الإخوان المسلمون أكثر من جاهزين لملئه حيث كانوا هم تقريبا القوة الوحيدة المنظمة في تلك الفترة العصيبة.
السبب الثالث هو أن هزيمة 1948 وقيام التنظيمات الصهيونية بإحتلال القدس الشرقية وتهديد المسجد الأقصى بشكل مباشر منح منظمات الإسلام السياسي رصيدا كبيرا لتبني عليه وتقوم بتجنيد الأعضاء وجمع التبرعات المالية وإستخدام كل ذالك كستار لبناء قواتهم الخاصة إستعدادا لما هو قادم.
مفتي القدس الحاج أمين الحسيني الذي يشاع على نطاق واسع أنه كان عميلا مزدوجا لصالح ألمانيا النازية والبريطانيين إلتقى عبد الرحمن البنا, شقيق حسن البنا, سنة 1935 لأول مرة حيث كان عبد الرحمن البنا يتولى مسؤولية التنظيم السري والذي أصبح يعرف لاحقا بالتنظيم الخاص للإخوان المسلمين. العلاقة بين تنظيم الإخوان المسلمين والحاج أمين الحسيني ساهمت في إنتشار فكر الإخوان المسلمين في سوريا, الأردن, لبنان وحتى فلسطين نفسها وبدعم أمين الحسيني بنفسه والذي كان يعتبر بالإضافة إلى حسن البنا أحد أهم الشخصيات التي ساهمت في إرساء دعائم الإسلام السياسي والذي تفرعت منه لاحقا كافة التنظيمات الإسلامية التي إنتهجت العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها.
الحاج أمين الحسيني بدأ حياته بالدراسة في الأزهر الشريف ولكنه لم يكمل دراسته وعمل في وكالة رويترز كمترجم وبدأ نجمه بالظهور في الحياة السياسية الفلسطينية كشخص يميل لإستخدام العنف ومؤمن بصحة نظرية المؤامرة الصهيونية وبروتوكولات حكماء صهيون. وفي سنة 1920 وإثر إعتقال أمين الحسيني لدوره البارز في الإضطرابات التي قامت تلك السنة حيث لم يمضي وقتا طويلا وتم إطلاق سراحه من قبل المندوب السامي البريطاني(اليهودي) هربرت صاموئيل حيث تم تعيينه مفتي للقدس وهو ماوضع علامة إستفهام حول العلاقة بين المفتي و الإنتداب البريطاني على فلسطين من جهة والحركة الصهيونية في فلسطين من جهة أخرى.
وفي سنة 1922 قام هربرت صاموئيل بتأسيس المجلس الإسلامي الأعلى في فلسطين والذي كانت مهمته الإشراف على جميع الأوقاف الإسلامية وتعيين المفتين ورؤساء المحاكم الشرعية وتم تعيين الحاج أمين الحسيني رئيسا للمجلس.
وفي سنة 1931 قام الحاج أمين الحسيني بتأسيس مؤتمر العالم الإسلامي(كونجرس إسلامي) في القدس وسافر إلى الهند, أفغانستان, إيران ودول إسلامية أخرى لجمع التبرعات وحشد الدعم والتأييد متمتعا ببعض الحماية من قبل الحكومة البريطانية حتى أنه عندما تم إعتقال أكثر من 60 فلسطينيا من الثوار المشاركين في ثورة 1936 فلم يتعرض الحسيني للإعتقال بل تمكن من التسلل خارج فلسطين إلى لبنان, العراق, لبنان ثم إستقر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في ألمانيا حيث تولى مسؤولية شبكة عملاء تعمل ضمن القوات الخاصة الألمانية إس إس(SS) وتتألف في أغلبيتها من مقاتلين مسلمين من البلقان خصوصا البوسنة وكان مسؤولا عن الدعاية النازية الموجهة لمنطقة الشرق الأوسط. المفتى وإثر نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة دول المحور وعلى رأسها ألمانيا فقد توجه إلى فرنسا عبر سويسرا وإستقر هناك حيث رفضت بريطانيا تقديم طلب لإسترداده بإعتباره ليس مجرم حرب كما ذكر مكتب الخارجية البريطاني ورفضت فرنسا مجرد التفكير في الأمر.
وفي سنة 1946 إستقر المفتي في مصر تحت رعاية الملك فاروق والإنتداب البريطاني مقيما في فيلا عايدة في الإسكندرية تحت حراسة مشددة خارج الفيلا وداخله حيث تواجد حرسه الخاص وحيث تحولت الفيلا إلى مايشبه مركزا لنشر الإسلام السياسي.
وفي مصر عمل المفتي في وكالة الأنباء العربية وإذاعة الشرق الأدنى التي أسسها البريطانيون كما قام سنة 1946 بالتعاون مع الإخوان المسلمين بتنظيم قوة متطوعين مؤلفة من عشرة ألاف شخص للقتال في فلسطين تحت مسمى قوات الإنقاذ. المفتي عاد وبشكل مؤقت إلى قطاع غزة سنة 1947 حيث كانت إحدى كتائب قوات الإنقاذ بقيادة سوداني من مساعدي المفتي تتواجد هناك وقام بإعلان جمهورية فلسطينية مستقلة وعين نفسه رئيسا.
وأما بالنسبة لحسن البنا فقد إقتربت نهايته فبتاريخ ديسمبر 1948 فقد قامت الحكومة بحظر تنظيم الإخوان المسلمين. وفي فترة الأسابيع القليلة التي تلت القرار, قام التنظيم الخاص بإغتيال رئيس الوزراء محمد فهمي النقراشي. وخلال شهرين من إغتيال رئيس الوزراء المصري, تم إغتيال حسن البنا بإطلاق النار عليه خلال خروجه من أحد إجتماعات التنظيم.
إغتيال حسن البنا لم يضع حدا لتنظيم الإخوان المسلمين حيث تولى القيادة حسن إسماعيل الهضيبي وإستفاد التنظيم من مرحلة الحرب الباردة ومكافحة المد الشيوعي حيث حافظ التنظيم على إتصال منتظم مع السفارة الأمريكية والبريطانية ليلعب دورا بارزا في تلك المرحلة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الثاني

No comments:

Post a Comment