Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, April 10, 2024

الديمقراطية الأمريكية والحرب على الشعب الأمريكي

نشر الصحفي الأمريكي غاري ويب سنة ١٩٩٦ سلسلة تحقيقات على ثلاثة حلقات في صحيفة سان خوسيه ميركوري نيوز فضحت تورط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين في تجارة المخدرات بالتعاون مع عصابات الكونترا في نيكاراغوا بهدف تمويل عملياتها المسلحة ضد الحكومة الاشتراكية الساندينية. "التحالف المظلم" كان هو عنوان الكتاب الذي نشره غاري ويب سنة ١٩٩٨ وتحدث فيه بالتفصيل عن كيف أغرقت عصابات الكونترا مدينة لوس أنجلوس و مدن أمريكية أخرى بمخدر الكوكايين والذي انخفض سعره بشكل ملحوظ مما أدى الى انتشار الكراك(كوكايين) والذي هو مشتقات الكوكايين الصلبة القابل للتدخين. غاري ويب توفي سنة ٢٠٠٤ والسبب إطلاق رصاصتين في الرأس ورغم ذلك تم تسجيل الحادثة على أنها انتحار حيث تعرض قبل ذلك الى حملة صحفية شرسة من صحف مثل نيويورك تايمز, واشنطن بوست ولوس أنجلوس تايمز بهدف تشويه سمعته والتشكيك في مصداقيته وخسر زوجته وعمله وحتى الصحيفة التي كان يعمل فيها لم تقاوم الضغوطات وتخلت عنه.

المثير للاستغراب أن الرئيس الأمريكي رونالد ريغان(١٩٨١-١٩٨٩) كان قد أعلن الحرب على المخدرات وأصدر قوانين تشدِّدُ في العقوبة على تجار ومروجي المخدرات وبدأ في تقديم المساعدات المالية والعسكرية الى دول في أمريكا اللاتينية بهدف مكافحة تجارة المخدرات بينما تقدم الوكالات الأمنية الأمريكية المساعدة والتسهيلات الى تجار المخدرات وتساهم في إنتشار المخدرات وإنخفاض أسعارها في الولايات المتحدة. خوان بابلو إسكوبار والذي كان إبن أشهر تاجر مخدرات في العالم صرَّحَ قبل عدة سنوات بأن والده ليس مذنبا وأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لاحقته حتى مقتله نهاية سنة ١٩٩٣ حتى لا يفضح تعاونه مع عصابات الكونترا بإشراف الوكالة في تجارة وتهريب المخدرات الى الولايات المتحدة. الحكومة الأمريكية لم تكتفي بإغتيال غاري ويب أو ملاحقة بابلو إسكوبار ولكن أي شخص تعتبره خطرا عليها سوف يتعرض الى القتل. الطيار الأمريكي باري سيل الذي رويت قصته في الفيلم الأمريكي (American Made) تمت تصفيته سنة ١٩٨٦ من خلال قتلة مأجورين يعملون لصالح كارتلات المخدرات الذي قام بالشهادة ضدهم مقابل إلغاء عقوبة السجن بعد أن قبض عليه أثناء تهريب المخدرات. باري سيل كان يعمل مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في نقل الأسلحة الى عصابات الكونترا في نيكاراغوا. كما أنه عمل مع بابلو إسكوبار في نقل المخدرات الى الولايات المتحدة وبمعرفة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. 

الولايات المتحدة تجاوزت مرحلة الرأسمالية الى النيوليبرالية أو كما أطلقت عليها الكاتبة الكندية نعومي كلاين "رأسمالية الكوارث" حيث كل شيء قابل للبيع والشراء من السيارات والتأمين الصحي ولا تنتهي القائمة بتأجير الأرحام وشركات السجون الخاصة. وسائل الإعلام الأمريكية التي تحاول أن تبحث عن قصة مثيرة للمتابعين بدون أن تتجاوز الخطوط الحمراء تنشر فضائح صحفية عن قضاة فاسدين يتلقون المال من شركات السجون الخاصة مقابل إصدار أحكام مشددة وحتى إبقاء أشخاص في إنتظار المحاكمة لفترات طويلة قد تصل الى ٣ سنين من أجل عدم إبقاء الزنازين فارغة.

أحداث أفلام هوليوود بعضها يعبِّر عن قصة حقيقية وأحد هذه الأفلام هو "I Care a Lot" عن الحارس القانوني(Legal Guardian) وهو ممثل قانوني تقوم بتعيينه المحكمة من أجل رعاية الأشخاص الغير قادرين على رعاية أنفسهم. الحارس القانوني قد لا يكون من الأقارب بل على العكس فإن المحكمة قد تقوم بتعيين شخص غير ذي علاقة حارس قانوني ولديه صلاحيات كاملة في التصرف في كافة أموال الشخص الموصى عليه المنقولة والغير منقولة بالبيع والشراء والمحكمة هي الجهة الوحيدة التي لديها الحق في تمديد فترة الوصاية القانونية أو الغائها. هناك أشخاص مهنتهم المسجلة هي حارس قانوني وفي أحيان كثيرة يكون هناك ترتيب مسبق من أجل التواجد في المحكمة وتولي الرعاية القانونية لأحد الأشخاص. النيوليبرالية الأمريكية حولت الحارس القانوني الى مهنة مربحة بالنسبة الى الكثيرين ممن يهتمون بتحقيق مصالحهم وليس لديهم أي عواطف تجاه الشخص الذي من المفترض أنهم يهتمون برعايته. ولعل أحد أشهر قضايا الحارس القانوني هي مغنية البوب الأمريكية بريتني سبيرز التي قام والدها وعلى عدة سنوات بالتصرف في أموالها وممتلكاتها بطريقة ما حققت منفعته الشخصية حيث كانت هناك شبهات فساد في ذمته المالية.

هناك مبدأ قانوني معروف أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ولكن في الولايات المتحدة, لا تجري الرياح كما تشتهي السفن. هناك قانون المصادرة المدنية"civil forfeiture" حيث يمكن للحكومة الأمريكية من خلال جهات تنفيذ القانون مصادر منزلك أو المال الذي في حوزتك أو حسابك البنكي بسبب وجود شبهة تورط في قضية جنائية مثل المخدرات أو غسيل أموال ولكن دون أن توجه لك أي تهمة رسميا وعلى الشخص المعني أن يثبت للحكومة الأمريكية بما لا يدع مجالا للشك أن منزله أو حسابه البنكي من مصدر دخل شرعي. كما أن ذلك المبدأ القانوني يعطي لأفراد دوريات الشرطة الحق في مصادرة أي مبلغ مالي في حوزة شخص يتم توقيفه عشوائيا ودون إعتقاله أو توجيه تهمة له ويمكن مثلا أن تكون الأسباب مختلفة, الاشتباه في تجارة أو تعاطي المخدرات على الرغم من عدم العثور على مخدرات أو رائحة مخدرات في السيارة أو أن السائق قد يكون في حالة إنتشاء. المال الذي تتم مصادرته يبقى في حيازة قسم الشرطة الذين لهم أن يتصرفوا في تلك المبالغ مع عدم وجود الحد الأدنى من الرقابة والمحاسبة حيث تبلغ تلك المبالغ عشرات الملايين سنويا في بعض أقسام شرطة المدن الكبرى.

السؤال الذي سوف يبقى برسم الإجابة:"أين الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان؟"

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment