Flag Counter

Flag Counter

Thursday, September 22, 2022

الحرب على الذهب والنظام العالمي الجديد - الجزء الأول

هناك سلعتان يحتلان صدارة الأخبار دائما وأبدا عند كل نزاع دولي, إقليمي أو محلي سواء كان عسكري أو سياسي. السلعة الأولى هي النفط والتي يطلق عليها مجازا الذهب الأسود وسوف أعود لها في موضوع منفصل, وأما السلعة الثانية هي الذهب وهي المعدن الأصفر. خلال أحداث الأزمة الأوكرانية-الروسية وعلى الرغم من العقوبات الغربية المتعدِّدَة ضد روسيا إلا أنها صمدت إقتصاديا بل وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن عن رفع المعاشات التقاعدية والحد الأدنى للأجور. السر في صمود روسيا هو الذهب الذي عملت روسيا منذ عدة سنوات على زيادة احتياطياتها منه من خلال شرائه في الأسواق الدولية أو من خلال إستخراجه من مناجم الذهب في روسيا نفسها.

هناك حملة معلومات مضلِّلَة يتعرض لها الذهب وهي ليست بالأمر الجديد ولكن هناك عدة محطات في تلك الحملة من المفيد التوقف عندها ولو بإختصار. ولكن قبل ذلك فإن الهدف من الحملة ضد الذهب هو السيطرة على اقتصاد العالم وذلك في صالح ما يطلق عليه النظام العالمي الجديد. الذهب يعني حرية المواطنين الذين يفضلون شراء المعدن الأصفر والاحتفاظ به على نظام العملات الورقية الذي لا يستند الى أي سلعة لها قيمة ولكن الى كلمة الثقة في قدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها وضمان قيمة عملتها. 

أول محطة هي الحرب العالمية الأولى حيث تم إيقاف التعامل بالذهب في الأسواق المحلية والتعاملات اليومية والسبب هو نفقات الحرب وبنود التعويضات في اتفاقية فرساي التي أجبرت الدول على ذلك. الضحية الرئيسية هي ألمانيا أو جمهورية فايمار حتى أكون أكثر دقة التي عانت من التضخم المفرط(١٩٢١م-١٩٢٣م) ودول أوروبا مثل بريطانيا كانت تعاني من نفقات الحرب التي تم اقتراضها معظمها أو تمويلها مقابل بيع الذهب أو رهنه لدى البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية. 

المحطة الثانية هي أكبر سرقة في القرن العشرين والتي قام بها الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت سنة ١٩٣٣م حيث أجبر جميع أفراد الشعب الأمريكي على تسليم ممتلكاتهم من الذهب إلى الحكومة الأمريكية قبل تاريخ ١/٥/١٩٣٣ مقابل سعر ٢٠.٦٦ دولار/أونصة. الرئيس الأمريكي قام بتلك الخطوة في محاولة منه من أجل إيجاد حل لمشكلة الكساد العظيم. الإدارة الأمريكية قامت خلال الفترة التي أعقبت القرار برفع سعر الذهب مقابل الدولار الى ٣٥ دولار/أونصة وذلك تدريجيا في محاولة من أجل تخفيض القيمة الشرائية للدولار الأمريكي وقيام المواطنين الأمريكيين بالتالي إنفاقه و انتشال الاقتصاد من حالة الكساد.

المحطة الثالثة كانت سنة ١٩٤٤م في فندق ماونت واشنطن الذي يقع في غابات بريتون وودز في ولاية نيوهامبشير الأمريكية. الدول المجتمعة وتحت ضغوط أمريكية ورفض الاتحاد السوفياتي المشاركة في الاجتماعات فقد وافقت على مجموعة بنود مثل تأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي, إعلان الدولار عملة احتياطية عالمية مقابل أن تضمن الولايات المتحدة مبادلته بين الدول وفق سعر ٣٥ دولار/أونصة. الولايات المتحدة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت تشترط على دول الحلفاء مثل بريطانيا أو فرنسا شراء احتياجاتهم المدنية والعسكرية مقابل الذهب حصرا وبالتالي كانت في موقع القوة من أجل فرض شروطها.

المحطة الرابعة هي ما عرف على اصطلاحا صدمة نيكسون حيث أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون تاريخ ١٥ أغسطس/آب من سنة ١٩٧١م تعليق العمل بأحد أهم بنود إتفاقية بريتون وودز وهو التحويل الدولي للذهب مقابل الدولار الأمريكي وذلك أملا في إصلاح الإتفاقية ولكن ذلك لم يحصل وتم التخلي عنها سنة ١٩٧٣م و تعويم الدولار من خلال اتفاقية جامايكا سنة ١٩٧٦م والتي دخلت حيز التنفيذ رسميا سنة ١٩٧٨م.

المسرح الإقتصادي الدولي أصبح الآن جاهزا من أجل كافة عمليات التلاعب بأسعار الأصول والبورصات والأسهم ومايعرف بالدورات الاقتصادية التي أصبحت تعميم مفاهيمها هو الأمر الشائع بعد سنوات من الاستقرار بسبب المعيار الذهبي. الدول فرضت على مواطنيها العملات الورقية بقوة القانون والتي على الرغم من أنها لا تستند إلا على كلمة الثقة. 

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

يتبع


No comments:

Post a Comment