Flag Counter

Flag Counter

Friday, September 30, 2022

وجهة نظر عن هولاكو, إبن العلقمي و غزو بغداد

هناك الكثير من الجدال التاريخي المتعلق بالحملات العسكرية للجيوش المغولية في المنطقة العربية وفي دول إسلامية مثل المملكة الخوارزمية. إن ذلك الجدال يعتمد في الغالب على مصادر إسلامية لم ولن تكون محايدة لأنها أولا, لم تعاصر الحدث, وثانيا, هناك شكوك حول حياديتها. من الصعب أن تطلب من أي مؤرخ مسلم أن يكون حياديا في وصفه أسباب غزو المغول للعالم الإسلامي والفظائع التي تم ارتكابها والتي برأي الشخصي, شابتها الكثير من الشكوك والأمور التي لو قيست بميزان العقل والمنطق, سوف تكشف الجانب المجهول للرواية.

ليس هناك أدنى شك حول دموية المغول ووحشيتهم وأنهم قتلوا عشرات الملايين من البشر وأنهم أبادوا مدنا كاملة عن بكرة أبيها وقاموا بمسحها من الخارطة. الهدف من غزوات المغول كان بالدرجة الأولى الحصول على الغنائم والسيطرة على الطرق التجارية. بعض الغزوات التي قام بها المغول, كانت بهدف التوسع وضم المزيد من الأراضي مثل غزو الصين والذي بدأ به جنكيز خان وأكمله حفيده قبلاي خان والغزوات التي قام بها جنكيز خان بهدف توحيد القبائل المغولية تحت رايته وتأمين المناطق المحيطة به. كما كانت بعض الغزوات بهدف الثأر من خصوم سابقين خصوصا قبيلة الميركيد(Merkid) التي قامت بخطف زوجة جنكيز خان بورتيه(Borte) ردا على قيام والد جنكيز خان بخطف هويلون(Hoelun) وهي والدة جنكيز خان حيث كانت عادة خطف النساء منتشرة بين قبائل المغول حتى سنَّ جنكيز خان القوانين التي حرَّمت تلك العادة.

المغول لم يكونوا يتطلعون الى تواجد دائم خارج منغوليا وآسيا بشكل عام. الأمر المهم والأساسي بالنسبة إليهم كان ضمان أمن طرق التجارة واستمرار تدفق البضائع وإعلان الولاء والطاعة للمغول ودفع الجزية. أي مدينة تقبل بالعهود والمواثيق التي يعرضها المغول وتدفع الجزية, تصبح تحت حماية المغول ولا يتم المساس بها. بينما أي مدينة تخالف العهد مع المغول أو يدخلها الجيش المغولي بالقوة, سوف يقوم المغول بقتل جميع المحاربين وسبي النساء والأطفال وربما حرق المدينة عن بكرة أبيها ولم يكن يستثنى إلا الحرفيون وأصحاب الصنائع. مثال هو غزو المغول مملكة خوارزم والتي قام سلطانها  بقتل بعض الرُّسل التي أرسلهم اليه جنكيز خان وتشويه البعض الأخر وإرسال رسالة شديدة اللهجة الى جنكيز خان. المثال الآخر الذي يثير الجدل هو قيام المغول بغزو بغداد ونهبها وحرق مكتباتها وقتل أكثر من مليون من سكانها.

والحقيقة أن قضية غزو المغول عاصمة الخلافة العباسية وإسقاطها ودور وزير الخليفة المستعصم المسمى إبن العلقمي هي قضية أثير حولها الكثير من الجدل وكتب عنها عدد من المؤرخين المسلمين الذي اتفق عدد منهم على دور ابن العلقمي في سقوط بغداد وخيانته. ولكن من السهل إستبعاد الحيادية من تلك الآراء لأن إبن العلقمي شيعي وقد كان الخلاف السني/الشيعي يلقي بظلاله على أي تدوين أي حدث تاريخي خلال تلك الفترة. نقلا عن كتاب التاريخ السري للمغول أن والدة هولاكو كانت تنتمي الى الطائفة النسطورية المسيحية وان زوجتين من زوجاته كانتا تنتميان الى الديانة المسيحية وأنه تواصل مع المسيحيين في بغداد وأثار خوفهم بأنهم أقلية وأنهم تراسلوا معه وزودوه بمعلومات عن تحصينات المدينة ونقاط الضعف فيها وعن أحوال السكان مما سهَّلَ مهمة هولاكو في إقتحامها. كما أن قسما لا يستهان به من قوات هولاكو كانت من الممالك المسيحية مثل أرمينيا وجورجيا والتي كانت أكثرها طاعة له والتي دخلت بغداد وقتلت كل مسلما تجده في طريقها ونبشت قبور العباسيين و دنستها.

إنه من الواضح أن الرواية عن إبن العلقمي وخيانته جدلية وتثار حولها الشكوك من ناحيتين: الحيادية والمصداقية التاريخية. ولو كان الأمر كذلك, لتم ذكرها في كتاب التاريخ السري للمغول حيث لا يوجد سبب من أجل إخفاء تلك المعلومة فقد كان المغول يكرهون الخونة وإن عاونوهم على إحتلال أوطانهم ويشهِّرون بهم وفي كثير من الأحيان يكون مصيرهم القتل. وهناك الكثير من المبالغات في المرويات الإسلامية حول غزو المغول بغداد والتي يمكن تلخيصها في نقطتين مهمتين: الأولى هي أن عدد سكان بغداد لم يكن مليون نسمة بل أقل من ذلك ولكنه زيادة أعدادهم كانت بسبب النازحين التي فرَّت من جحافل المغول وحاولت أن تجد لنفسها الأمان خلف أسوار المدينة. النقطة الثانية هي أن جيش هولاكو لم يبلغ مليون مقاتل. أكثر التقديرات تفاؤلا ذكرت أنه عدد جيش المغول في غزو بغداد وإسقاط الخلافة العباسية هو 200 الف - 300 الف مقاتل من المغول وحلفائهم من الممالك في آسيا والممالك المسيحية في أوروبا مثل أرمينيا وجورجيا. وليس من المنطقي أن يجرِّد المغول مليون جندي الى بغداد ويتركوا باقي أراضي إمبراطوريتهم الشاسعة بدون حماية وذلك رغم أن أعداد قبائل المغول التي نجح جنكيز خان في توحيدها لم تزد عن مليون نسمة وأن أكبر عدد قوات من المغول حصريا لم تزد عن 100 الف - 150 الف وتلك كانت تقديرات متفائلة.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية





No comments:

Post a Comment