Flag Counter

Flag Counter

Friday, September 30, 2022

القائد المغولي جنكيز خان, عبقرية سياسية وعسكرية وإقتصادية

لقد كان مؤسس إمبراطورية المغول جنكيز خان أمِّيا لا يعرف القرائة أو الكتابة ولكنه إمبراطورية المغول في نهاية فترة حكمه بلغت من الإتساع ضعف ما بلغته أي إمبراطوية أخرى. ذلك المغولي البدوي الأمِّي كان يسيطر على 30 دولة بمساحة تقارب 28 مليون كم/مربع على الرغم من أن تعداد السكان الذين كانوا تحت حكمه في منغوليا لم يزد عن مليون شخص وأن التفوق العددي كان لصالح خصوم المغول في المعارك التي خاضوها. وقد وصلت الجيوش المغولية في عهد جنكيز خان الى أوروبا في أوكرانيا وروسيا ومنطقة القوقاز.لقد ساهمت عبقرية جنكيز خان العسكرية في تحقيق تلك النجاحات خلال فترة زمنية قصيرة بعمر الإمبراطوريات. على سبيل المثال, كانت الإمبراطورية التي أسسها جنكيز خان خلال خمسة وعشرين سنة تبلغ ضعفي حجم الإمبراطورية الرومانية التي إستغرقت 400 سنة. 

قام جنكيز خان بتقسيم جيشه الى تقسيمات عسكرية صارمة حيث أصغر مجموعة في الجيش تتألف من 10 جنود تليها مجموعة من 100 جندي يليهم مجموعة من 1000 وأكبر مجموعة في الجيش تبلغ 10000 جندي وكل مجموعة لها قائد. كانت هناك كتيبة خاصة في الجيش المغولي تبلغ عشرة آلاف جندي يقودها جنكيز خان بنفسه وتتألف من أولاد القادة في الجيش وملوك أعلنوا الطاعة وصالحوا جنكيز خان وذلك حتى يضمن ولائهم. كل قائد مجموعة مقاتلين تبلغ 1000 و 10000 مقاتل عليه أن يرسل أحد أولاده وأحد أفضل أصدقاء أولاده للخدمة في تلك الكتيبة. وقد ضمن جنكيز خان بذلك الولاء المطلق لقادته بالإضافة الى أن القادة ضمنوا نفوذهم في البلاط الملكي.

كان جنكيز خان حريصا على حياة جنوده حيث قبل عبوره صحراء جوبي الشاسعة من أجل غزو مملكة الجورشن(Jurched) فيما يعرف اليوم بإسم منشوريا, قام بإرسال فرق استطلاع عسكرية مسحت المنطقة مسحا كاملا من الناحية العسكرية واللوجستية: الواحات, المراعي, مصادر المياه وقوات العدو. لقد بلغ تعداد الجيش المغولي خلال حملة غزو مملكة الجورشن 65 ألف جندي على الخيل مقابل عدد مماثل من الخيالة و 85 ألف من المشاة في معسكر خصومهم. وقد ساعد على سرعة تقدم الجيش المغولي وتغلبهم على خصومهم أمران اثنان, الأول هو أن الجيش المغولي كان من الخيالة, والأمر الثاني أنه لم تكن لدى جيوش المغول قوافل إمداد ترافق الجيش بإستثناء أعداد إضافية من الخيول لأهميتها في حروب المغول. 

وقد ذكر ماركو بولو في كتابه أن الجيش المغولي كان يمكنه أن يقطع مسافة خلال عشرة أيام بدون أن يقيم معسكرا أو يشعل نارا وأنهم خلال تلك الفترة كانوا يشربون دماء الأحصنة والحليب المجفف حيث كان كل مقاتل يحمل معه عشرة أرطال من الحليب المجفف ,يضيف رطلا واحدا الى قربة الماء الجلدية التي يحملها وتلك كانت وجبته الرئيسية. الحمية الغذائية للجندي المغولي كانت تعتمد على منتجات اللحوم والألبان بالإضافة الى البيئة القاسية مما أدى إلى تفوق الجندي المغولي من ناحية القوة الجسدية والقدرة على التحمل مقارنة مع خصومه في ممكلة الجورشن.

قوات جنكيز خان لم تكن معتادة على حروب المدن المحصنة حيث لم يكونا خلال تلك الفترة يمتلكون المعرفة العسكرية من أجل صنع آلات الحصار. ولكن جنكيز خان إتبع تكتيكات جرَّدت خصومه من نقاط قوتهم. على سبيل المثال, كانت قواته تقوم بغارات متتالية في المناطق الريفية حول المدن في مملكة الجورشن ثم تنسحب وتعود مرة أخرى بعد أن يطمئن السكان الى مغادرة القوات المغولية مما أدى إلى استنزافهم عسكريا ونفسيا. كما أتَّبعَ سياسة فرق تسد حيث حرَّض الشعوب التي تعيش تحت حكم الجورشن مثل الصينيين والخيتان على التمرد وأن جنكيز خان هو الوحيد القادر على حمايتهم وإلا فإن عقوبة عدم التعاون هي إحراق مدنهم وقراهم وإبادة السكان عن بكرة أبيهم. أحد الخطوات الهامة التي قام بها هي تأسيس مملكة حكم ذاتي في شعب الخيتان بقيادة أحد أمراء أسرة (yelü), الأسرة الملكية السابقة التي تمكن الجورشن من هزيمتها قبل 100 سنة تقريبا. لقد كسب بتلك الخطوة تأييد عدد كبير من شعب الخيتان وخصوصا الطبقة الأرستقراطية التي كانت تعرف مداخل ومخارج المدن ونقاط الضعف والقوة فيها.

إن حكمة وذكاء جنكيز خان قد أدت الى تعويض نقاط ضعف قواته مثل التفوق العددي الذي كان لصالح خصومه. أحد الأساليب هي تسخير سكان القرى المحيطة بالمدن في خدمة الجيش المغولي حيث كان على كل جندي مغولي أن يجمع عشرة عمال ويشرف عليهم من أجل القيام بأعمال مختلفة مثل العناية بقطعان الماشية والخيول, تزويد الجيش بالمياه وردم الخنادق حول القلاع والمدن. ولو توفي أحد أولئك العمال, كان على الجندي أن يجد قرويا أخر لتسخيره في الخدمة. وتلك السياسة كانت تختلف اختلافا جذريا عن السياسة التقليدية التي كانت تقتضي نهب القرى, قتل السكان وإغتصاب النساء. 

وقد كانت القوات المغولية في مناسبات متعددة, تقوم بمهاجمة القرى الغير محصنة وتحرقها وتجبر السكان على الفرار باتجاه المدن مما سوف يؤدي الى ازدحام الطرق وصعوبة حركة قوافل الإمداد,  نقص في مخزون الغذاء في المدن التي يفر إليها السكان وبالتالي اضطرابات سوف تؤدي الى تضعضع الجبهة الداخلية. خلال حملة المغول في مملكة الجورشن, تم تهجير مليون شخص من قراهم باتجاه المدن خصوصا العاصمة. في أحد المدن التي امتلأت باللاجئين وعانت من نقص حاد في المواد الغذائية, قتلت قوات الجورشن 30 ألف مدني في سبيل قمع التمرد. كما كانت تستخدم المدنيين دروعا بشرية تتقدم القوات المغولية حيث كانت هناك لا مبالاة تجاه عدد الضحايا من خصومهم.

**تنويه**

ذكر موقع مجلة الجريدة على الإنترنت (https://www.aljarida.com/ext/articles/print/1461894033480079400/) أن جنكيز خان قام بغزو مملكة الخطا بعد أن أرسل له ملك مملكة الخطا الجديد واي وانج مبعوثين من أجل مبايعته بالسمع والطاعة كما كان الحال مع والده الملك السابق. وأن جنكيز خان رفض طلب واي وانج واهان المبعوثين. والحقيقة أن تلك الحادثة وقعت سنة 1210 التي توافق سنة الحصان وفي السنة الرابعة من توحيد قبائل المغول بقيادة جنكيز خان. وقد كانت مع مملكة الجورشن التي قام جنكيز خان بإهانة رسل إمبراطورها الجديد والبصق على الأرض. وبعد أن قام بعبور صحراء جوبي, غزا مملكة الجورشن وضمها إلى إمبراطوريته.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية









No comments:

Post a Comment