Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, May 4, 2022

الديمقراطية الأمريكية والسخرية من الرئيس الأمريكي في وسائل الإعلام السعودية

أثارت السخرية من الرئيس الأمريكي جو بايدن في وسائل الإعلام السعودية حالة من الاستغراب والدهشة في وسائل الإعلام الأمريكية التي تفاعلت مع برنامج "رصيف ٢٢" الذي يقدِّمه الإعلامي السعودي خالد الفراج في موسمه الثاني. وقد كان ذلك واضحا في عناوين وسائل إخبارية عالمية مثل موقع السي إن إن عربي وفرانس برس عربي وقنوات أمريكية معروفة بولائها للجمهوريين وترامب مثل فوكس نيوز التي أبدى مذيعها تاكر كارلسون استغرابه من عدم تقديم برامج أمريكية كوميدية مشهورة في الولايات المتحدة مثل برنامج ساترداي نايت لايف مواد تسخر من جو بايدن وحالة الخرف الواضحة التي تبدو عليه في ظهوراته الإعلامية. 

والحقيقة أنَّ السخرية من الرئيس الأمريكي في برامج كوميدية في السعودية هي حالة غير مسبوقة ولا يمكن أن يسمح بها من دون ضوء أخضر ومن أعلى المراجع السياسية السعودية, ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. برنامج ساترداي نايت لايف الأمريكي متخصص في السخرية من رؤساء الولايات المتحدة ولكنه يتجاهل تقريبا الرئيس جو بايدن الذي يتمتع بما يشبه الحصانة من السخرية والنقد في الولايات المتحدة ويمتلك شيك سياسي على بياض حتى يفعل مايريد. 

رئيس الإستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل صرَّح وهو في حالة من الغضب على رد فعل الإعلام الأمريكي من السخرية في برنامج كوميدي سعودي من الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كاميلا هاريس بأنهم(السعودية) ليسوا تلاميذ مدارس وأنه لا يمكن التعامل معهم وفق سياسة العصا والجزرة وأنَّ السعودية تشعر بالخذلان من المواقف الأمريكية ضد المملكة وتصريحات الرئيس الأمريكي بأنه سوف يجعل السعودية دولة منبوذة. 

الموقف الأمريكي على عادته متناقض ويحمل معايير مزدوجة حيث وسائل الإعلام الأمريكية تسخر من العرب ومن السعودية بإستمرار وتنتقد السعودية في البرامج التلفزيونية ومختلف الوسائل الإعلامية مثل الصحف والتصريحات السياسية التي تتعلق خصوصا بملف حقوق الإنسان. ولكن في الوقت نفسه يثير امتعاضها سخرية الآخرين من الرئيس الأمريكي جو بايدن بينما لا يسمح للإعلاميين الأمريكيين القيام بالفعل ذاته.  

العلاقات السعودية-الأمريكية في غاية التوتر بسبب مجموعة من الملفات ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت هي الأزمة الروسية-الأوكرانية حيث رفضت السعودية زيادة إنتاج النفط من أجل تعويض الفاقد من النفط الروسي في الأسواق بسبب العقوبات الأمريكية على روسيا. إنَّ موقف الولايات المتحدة ليس إلا موقف إبتزاز واضح جدا حيث أن تصريحات خبراء ومختصين تشير بوضوح الى أنَّ قيام السعودية بزيادة إنتاج النفط لن يعوِّضَ كميات النفط الروسي الذي سوف يحرم زبائنه منه بسبب العقوبات الأمريكية على روسيا. قطر حليفة الولايات المتحدة وخصم السعودية السياسي سارعت الى التجاوب مع الطلب الأمريكي وزيادة إنتاجها من النفط والغاز والذي سوف يكون مخصصا حصريا للولايات المتحدة.

لا أحد ينكر أن رفض السعودية زيادة أسعار النفط مدفوع بعدة عوامل بعضها له علاقة بالأزمة بين روسيا وأوكرانيا والبعض الآخر عبارة عن دوافع اقتصادية بحتة. المملكة العربية السعودية تضرَّرت مثل غيرها من بلدان العالم من أزمة فيروس كورونا والكساد الإقتصادي الحاد الذي أصابها كما أصاب غيرها من الدول. ولكن مضاعفات أزمة كورونا وحالة الكساد أصابت السعودية أو الدول المصدِّرة للنفط أكثر من غيرها حيث أصبحت ناقلات النفط في بحار العالم لا تجد موانئ تفرِّغ فيه شحناتها بسبب إنخفاض الطلب الى أدنى مستوى له منذ عقود. المملكة العربية السعودية استفادت من ارتفاع أسعار النفط بسبب عمليات الحرب الوقائية التي يقوم بها الجيش الروسي في أوكرانيا حيث وصلت الى مستوى ١٣٠ دولار/برميل قبل أن تستقر على ١٠٨ دولار/برميل في عقود آجلة مدتها ٦ أشهر مما يعني أن هناك توقعات باستمرار الأزمة وارتفاع أسعار النفط خلال الستة أشهر المقبلة.

الديمقراطية الأمريكية هي ديمقراطية المصالح وذلك أفضل وصف يمكن أن توصف به حالة الازدواجية في المعايير التي تتعامل بها الولايات المتحدة حتى مع حلفائها وأصدقائها. المملكة العربية السعودية وفي أكثر من مناسبة سابقة استجابت للسياسة النفطية الأمريكية خلال حرب الإتحاد السوفياتي في أفغانستان و الفترة التي سبقت قيام العراق بغزو الكويت حيث كان الموقف السعودي أحد العوامل الحاسمة في خسارة الإتحاد السوفياتي الحرب الأفغانية وفي غزو القوات العراقية الكويت. ولكن كما يقول المثل الشعبي الشائع "دوام الحال من المحال," والمثل الآخر "لا تجري الرياح دائما بما تشتهي السفن" والرياح السعودية لا تجري كما ترغب السفن الأمريكية.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment