Flag Counter

Flag Counter

Monday, May 16, 2022

الإزدواجية والسياسة الخارجية الأمريكية

عندما تقوم الولايات المتحدة بالتدخل في شؤون دولة أخرى فإن ذلك يكون بإسم الحرية, الديمقراطية أو مكافحة الإرهاب. بينما عندما تتدخل أي دولة أخرى خصوصا عندما يتعارض ذلك مع المصالح الأمريكية, يتم إستدعاء مجلس الأمن والأمم المتحدة وفرض عقوبات وربما التدخل عسكريا. إزدواجية وقحة في المعايير تفرضها الولايات المتحدة وفق منطق القوة والبندقية. إن ذلك بدا واضحا جدا في الأزمة الروسية-الأوكرانية حيث تصف الولايات المتحدة التدخل الروسي بأنه غزو بينما في السابق تمَّ تقسيم يوغسلافيا خصوصا كوسوفو تحت إسم حرية الرأي والديمقراطية.

في فيلم وثائقي عن فنزويلا ورئيس السابق هيوغو شافيز تم بثُّه على شاشة البي بي سي حيث إتَّهَمَ أحد أثرياء فنزويلا رئيسها بأنه شيوعي. وعندما سأله المذيع إن كانت الحكومة قد صادرت منازله المتعددة أو حساباته في البنوك, كانت إجابته بالنفي. المذيع تحدث أن تلك النوعية من الاتهامات ليست عبارة إلا عن كليشيه. الولايات المتحدة مهتمة دائما بتشويه سمعة خصوصا السياسيين واتهامهم بتشكيلة متنوعة من الاتهامات تبدأ من الشيوعية ولا تنتهي بالإرهاب. السبب هو أن فنزويلا تحتوي على احتياطيات ضخمة من النفط والولايات المتحدة تعتبر أمريكا اللاتينية حديقتها الخلفية حيث سوف تقاوم كل محاولة تقوم بها دولة أخرى من أجل مد نفوذها إلى تلك المنطقة من العالم.

الحالة الإيرانية هي مثال آخر على الازدواجية في المعايير حيث تلاحق الولايات المتحدة إيران تحت مزاعم محاولتها إمتلاك السلاح النووي بينما في الوقت نفسه ترفض دولة الكيان الصهيوني الكشف عن برنامجها النووي وتحظى بالدعم الأمريكي المطلق. علينا أن نتذكر العراق التي تم حصارها وغزوها تحت ذريعة امتلاك أسلحة الدمار الشامل. ولكن القوات الأمريكية فشلت في إبراز دليل واحد بعد إحتلال العراق على ذلك. سكان منطقة القرم في أوكرانيا إختاروا الإنفصال عن أوكرانيا والإنضمام الى روسيا في إستفتاء شعبي ولكنَّ الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين يرفضون الإعتراف بذلك بينما في الوقت نفسه تم إستفتاء إنفصال كوسوفو والجبل الأسود عن صربيا بدعم أمريكي كامل.

سوريا هي أحد أكثر الأمثلة وضوحا على الإزدواجية الأمريكية حيث تستمر المحاولات الأمريكية من أجل إسقاط نظام الحكم. المخطط الأمريكي يهدف الى تقسيم سوريا عبر تمويل ميليشيات مسلحة وتقديم السلاح والتدريب لها. تركيا وهي حليف للولايات المتحدة وعضو في تحالف الناتو تنتهك القانون الدولي والسيادة السورية حيث تتواجد قواتها في أجزاء من سوريا بدون إتفاق مع الحكومة السورية. كما أنَّ تركيا تقوم على تتريك المناطق التي تحتلها وتقصف بإستخدام سلاح الطيران والمدفعية خصومها الأكراد بدون أي إدانة من الحكومة الأمريكية. مجلس الأمن الدولي والمنظمات التي تتبع الأمم المتحدة تتعامل هي أيضا بازدواجية ولا تدين التصرفات التركية بينما تسارع الى إدانة ماتقوم به روسيا في أوكرانيا.

إن الإزدواجية الأمريكية تلقى تأييدا من المواطن الأمريكي المغيَّبَ بسبب التضليل الذي يمارسه الإعلام الأمريكي وبسبب الأمية السياسية المنتشرة بين المواطنين الأمريكيين. الأمور الذي يهتم لها المواطن الأمريكي يمكن تلخيصها بإنخفاض ثمن الوقود وإمدادات الطاقة, يعني يهتم لمصلحته حتى لو كان الثمن هو مقتل مليون طفل عراقي أو عشرات الآلاف من الليبيين أو تشريد ملايين السوريين. إن مرحلة الوعي والمعارضة الشعبية الواسعة للسياسة الخارجية للحكومة الأمريكية قد إختفت من الوعي الأمريكي حيث كانت أخر مناسبة هي حرب فيتنام.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment