Flag Counter

Flag Counter

Monday, July 15, 2019

أزمة اللاجئين والعولمة

نحن نعيش في عالم متناقض حيث القوي يفرض قوانينه على الضعيف, حيث من السهل على الدول الكبرى أن تتهرَّبَ من إلتزاماتها تجاه دول العالم الثالث في أفريقيا, آسيا وأمريكا اللاتينية والتي هي نتيجة حتمية للتدخل الغربي في شؤون تلك الدول. أزمة اللاجئين التي تعتبر  أكبر موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية هي نتيجة حتمية لتدخل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا في شؤون المنطقة. دول غربية قدمت الدعم لجماعات إسلامية مسلحة في محاولة لإسقاط النظام الحاكم في سوريا. في ليبيا, تدخلت فرنسا على رأس قوات من الناتو وأسقطت نظام معمر القذافي حيث أعدم بعد القبض عليه من مجموعة من المتمردين الذي يعملون تحت إشراف قوات خاصة فرنسية. وقبل ذلك, قامت الولايات المتحدة بغزو العراق وقبضت على الرئيس العراقي الذي تم إعدامه  مما أدى الى بروز تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين, أحد أفرع تنظيم القاعدة بقيادة أبو مصعب الزرقاوي. التدخل الغربي في سوريا كان السبب في بروز تنظيمات مثل داعش وجبهة لنصرة والجيش السوري الحر وجميعها تنظيمات تتبع المذهب الوهابي المتشدِّد.
اللاجئون من دول أفريقية تركوا بلدانهم بسبب الحروب الأهلية والظروف الإقتصادية التي أدت الى إنتشار المجاعة وإنعدام الأمل في المستقبل. ولكن مشاكل القارة الأفريقية التي سببها في الظاهر هو حروب عرقية أو دينية تخفي ورائها التنافس المحموم على ثروات القارة السمراء خصوصا الذهب, النفط, المطاط وثروات زراعية تكفي لإطعام العالم لو تم إستغلالها بالطريقة المثلى. إتفاقيات التجارة الحرة التي أدخلت الإنتاج الزراعي في منظومة العولمة أدت الى أثار سلبية بالنسبة للمزارعين في دول العالم الثالث مثل الهند ودول أفريقية ودول في أمريكا اللاتينية بسبب عدم قدرتهم على المنافسة مع شركات زراعية غربية تتبع أسلوب الإنتاج الصناعي المكثف وتتلقى دعما ماليا من حكوماتها بينما تمنع نفس الإتفاقيات حكومات الدول الإفريقية من تقديم أي نوع من الدعم للمزارعين المحليين. الهند سجَّلت آلاف حالات الإنتحار لمزارعين تعرضوا للإفلاس بعد أن باعتهم شركة مونسانتو(...) بذورا زراعية معدلة جينيا لم تكن ملائمة للزراعة مما أدى الى فشل المواسم الزراعية وتراكم الديون, بينما هاجر مزارعون آخرون وأسرهم الى المدن بحثا عن العمل في مصانع بأجور منخفضة وظروف عمل أقرب الى العبودية.
وسائل إعلام غربية تتحدث عن تنظيم النسل وتحديد عدد المواليد في دول العالم الثالث وتعتبر تزايد عدد السكان هو السبب الرئيسي الذي يعيق التنمية. إن عجز السكان في دول العالم الثالث عن توفير الطعام لأسرهم سببه ثلاثة عوامل رئيسية. العامل الأول هو إرتفاع أسعار المواد الغذائية خصوصا الحبوب مثل القمح والذرة هو التضخم الذي تقوم الولايات المتحدة بتصديره الى العالم عبر طباعة مئات المليارات من الدولارات حيث يعتبر الدولار العملة الإحتياطية العالمية التي يتم من خلالا تحديد أسعار السلع والمواد الأولية خصوصا النفط, الغاز والحبوب. العامل الثاني هو زراعة مساحات شاسعة من الأراضي في الولايات المتحدة وفي دول أمريكا اللاتينية خصوصا المكسيك والبرازيل بهدف إستغلال محاصيل الذرة وقصب السكر في إنتاج الوقود الحيوي(إيثانول-85). العامل الثالث هو زراعة محاصيل فول الصويا والذرة بغرض إطعام الماشية. شركات زراعية غربية تقوم بشراء مساحات شاسعة من الأراضي في دول العالم الثالث مثل جنوب السودان بسعر بخس وتبقي عليها من دون زراعة حتى تحافظ على أسعار مرتفعة للمحاصيل.
الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون إعترف خلال إجتماع للأمم المتحدة عقد بتاريخ 23/أكتوبر/2008 بأنه كان على خطأ فيما يتعلق بعولمة الإنتاج الزراعي ومعاملة المحاصيل على أنها سلع معرَّضة لتقلبات السوق والأسعار. الولايات المتحدة, الإتحاد الأوروبي, البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كان يفرضون شروطا مجحفة على حكومات دول العالم الثالث لتقديم المساعدات منها التخلي عن أي دعم يتم تقديمه للمزارعين المحليين وفتح أسواق الإنتاج الزراعي أمام الشركات الأجنبية التي كان لها مطلق الحرية في تصدير محاصيلها الى الخارج حتى لو أدى ذلك الى نقص كميات الحبوب والمواد الغذائية المخصصة للسوق المحلي. الولايات المتحدة تدفع تعويضات لمزارعين محليين من أجل شراء محاصيلهم وإتلافها للحفاظ على أسعارها مرتفعة. هناك الكثير من الممارسات التي تقوم بها دول مثل الولايات المتحدة ودول أوروبية حيث يلقى بالمحاصيل في البحر ويتم إتلاف الفائض من الغذاء بدلا من التبرع به للدول الإفريقية الفقيرة. حتى المتاجر الكبرى مثل وول مارت تتلف مواد تموينية صالحة للإستهلاك البشري بدلا من التبرع بها لبنوك الطعام والجمعيات الخيرية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment