Flag Counter

Flag Counter

Sunday, February 19, 2017

عمليات محاكاة الحروب الإقتصادية, الإستعداد لما هو قادم

إن جميع الأطراف تستعد لما هو قادم ولكن ليس جميع الإستعدادت هي من طرف الحكومة الأمريكية أو يتم تحت إشرافها. في شهر سيبتمبر\2012 مملكة البحرين إستضافت مؤتمرا تم توجه الدعوات الحصرية فيه لعدد من معاهد الأبحاث, الصحفيين, مسؤولين أوروبيين وخبراء في الأسواق المالية والعمليات التجارية. هدف المؤتمر الذي إستمر لفترة ثلاثة أيام هو بحث سيناريو إنهيار الدولار الأمريكي وإحتمال صعود عملات كاليوان الصيني أو الروبل الروسي كبديل على الرغم من أن ذالك أمر مستبعد في الوقت الحالي.
بتاريخ أكتوبر\12\2012 فإن الإتحاد الفيدرالي للعلماء الأمريكيين قام بتبني عملية محاكاة لحرب غير تقليدية بين إيران وإسرائيل تشمل إستخدام أدوات مالية مختلفة ودراسة تأثير الحروب التقليدية في حال حصولها على الوضع الإقتصادي للبلدين. وبتاريخ أكتوبر\25\2012 فإن شركة بوينج قد قامت بعملية محاكاة لحرب إقتصادية في بريتون-وودز في ولاية نيوهامسفير في نفس الفندق الذي عقد فيه المؤتمر الأشهر سنة 1944.
قيادة منطقة المحيط الباسيفيكي في القوات المسلحة الأمريكية إنتهت بتاريخ 30\أكتوبر\2012 من عملية تجربة عبارة عن محاكاة لحرب إقتصادية إستمرت سنة كاملة وشارك فيها بنوك رئيسية وكبريات معاهد الأبحاث والتفكير.
حتى أن الجيش السويسري قد دخل في عملية محاكاة الحروب الإقتصادية تحت مسمى دوبلكس باربارا(Duplex Barbara) والتي إنطلقت في شهر أوغسطس\2013 بعملية غزو إفتراضية من قبل ميليشيات فرنسية ورجال عصابات لإستعادة أموال فرنسية تمت مصادرتها من قبل بنوك سويسرية.
في سنة 2013 فقد تم الإستيلاء على أحد حسابات تويتر التي تعود لأحد المعاونين الصحفيين في البيت الأبيض ونشر خبر كاذب عن تعرض مقر الرئاسة الأمريكية لهجوم إرهابي. النتيجة العاجلة لذالك الخبر هو هبوط مؤشر داو-جونز 140 نقطة وخسارة 136 مليار دولار من الثروات قبل تعافي المؤشر وتبيان عدم مصداقية الخبر. الهدف من تلك النوعية من الهجمات هو ليس تعطيل الأسواق المالية بل محاكاة عمليات بيع من قبل مؤسسات مالية أمريكية عريقة لأهداف إحتيالية.
وفي كثير من الأحيان فإن الفاعل يبقى مجهولا أو تحوم الشكوك حول الأسباب الحقيقية حيث أنه سنة 2012 تعرضت مؤسسة (Knight Capital services) لعطل في برنامج الكمبيوتر الخاص بها والذي يتحكم بعمليات شراء الأسهم مما أدى إلى مراكمتها ماقيمته 7 مليارات دولار من الأصول الغير مرغوبة مما كلفها خسارة 400 مليون دولار تقريبا لتتخلص منها. بحسب بعض المصادر فإن الفاعل عن غير قصد قد نسي نسخ أحد أوامر البرنامج إلى أحد سيرفرات الشركة مما أدى إلى تلك الفوضى. وفي شهر أوغسطس من نفس السنة فقد تعرضت بورصة ناسداك قد توقفت عن التداول لمدة ثلاثة ساعات ولم يتم تقديم أي مبررات أو إيضاح أسباب العطل.
المشكلة التي يشتكي منها عدد لا يستهان به من الخبراء الإقتصاديين في الولايات المتحدة هو نوع من اللامبالاة من قبل وزارة الخزانة وبنك الإحتياطي الفيدرالي بخصوص قدرة الخصم على إحداث ضرر لايستهان به في البنية التحتية للإقتصاد الأمريكي سوف يستغرق إصلاحها وقتا طويلا مما يمنح الخصم فرصة لا تعوض للإستفادة في تعزيز موقعه الإستراتيجي مقارنة بالولايات المنحدة بأحد بقاع العالم المتنازع عليها. الأسباب التي يسوقها المسؤولون الحكوميون هي أن تلك النوعية من الهجمات الإقتصادية سوف تؤدي إلى خسارة كبيرة للطرف الأخر. إن تلك النقطة للأسف يرفض عدد كبير من المسؤولين إستيعابها وهي أن تلك النوعية من الهجمات لا تستهدف تحقيق مكاسب إقتصادية بالمعنى الشائع بل إحداث أضرار إقتصادية للخصم وإضعافه للتفوق عليه خصوصا من الناحية العسكرية.
التعافي من تلك النوعية من الهجمات قد تأخذ عقودا فتخيلوا أن عدد كبيرا من الدول المتضررة من أزمة 2007\2008 لم تتعافي إلى الأن ولو جزئيا من تلك الأزمة ولايوجد بحوزتها أي إحتياطيات لمواجهة الأزمة المقبلة التي قد تتسبب بإفلاس عدد من الدول بالمعنى الحرفي للكلمة.
السيناريو الأكثر إحتمالية من وجهة نظر البعض هو هجمات إقتصادية خبيثة متبادلة بين الولايات المتحدة والصين بهدف إحداث أكبر ضرر إقتصادي ممكن مما قد يؤدي في النهاية إلى إضطرابات إقتصادية. الصدام العسكري المباشر مسألة سوف تكون مكلفة خصوصا للولايات المتحدة في الوقت الذي من الممكن للصين أن تمتص الضرر وتعيد بناء نفسها بصورة أسرع. الصين من ناحيتها تقوم بتحويل ثروتها من العملات الورقية إلى سبائك ذهبية إستعدادا لما هو قادم حيث تقوم بالإضافة إلى بلدان أخرى كروسيا بتكديس الذهب وبكميات كبيرة.
خسارة الصين في حال قيام أي حرب إقتصادية بينها وبين الولايات المتحدة سوف تكون مؤقتة ويتم تعويضها لاحقا بينما مكاسبها على أرض الواقع بخصوص تايوان وبحر الصين الشرقي فإنها سوف تشكل مكاسب دائمة وخطوة للامام بالنسبة للصين.
مشكلة المسؤولين في الولايات المتحدة إعتمادهم على نماذج ومعادلات لقياس حالة الأسواق المالية في الوضع الطبيعي والعادي ولكن كما هو معلوم فمتى إنتشرت حالة من الذعر بسبب حدث ما فإن موجة التدافع للبيع يمكن تشبيهها بإنهيار ثلجي بدأ بندفة حتى ينتهي بكارثة تجرف في طريقها كل شيئ.
إن الأزمات الإقتصادية التي كادت أن تودي بالأسواق المالية إلى الهاوية لم تبدأ بأزمة 2007\2008 وإن كانت تلك الأزمة أسوأها حتى تاريخه. في تاريخ سيبتمبر\1998 كادت أسواق المال والبورصة أن تنهار لولا حزمة إنقاذ بمبلغ 4 مليارات دولار لصندوق (Long Term Capital) . وفي سنة 2008 فإن وول ستريت كان على وشك الإنهيار الكامل وإعلان كبار البنوك والمؤسسات المالية إفلاسها لولا إقرار الكونجرس الأمريكي لحزمة إنقاذ بمبلغ مبدئية أطلق عليها إسم (TARP) وبلغت 700 مليار دولار أمريكي.
سيناريوهات الحروب الإقتصادية ليست دائما هجمات متبادلة يبدأ أحد الطرفين بشكل عمدي بل قد يكون سببها مشكلة برمجية او حتى بعض الأشخاص الغاضبين كما حصل مع  (Knight Capital services) وخلال إنهيار سنة 2010 حيث تعرضت أسواق المال في وول ستريت إلى خسائر بلغت تريليون دولار بسبب أحد صناديق التحوط ومايعرف بإسم (High Frequency Trader - HFT) حيث أدى بيع صندوق التحوط لمجموعة كبيرة من الأسهم دفعة واحدة مع إستنفاذ خياراته بخصوص مشترين محتملين إلى سلسلة عمليات بيع كان المستفيد منها مكاتب (HFT) والتي كان لها مصلحة في المزيد من تدهور الأسواق المالية لجني الأرباح.
الإنهيار القادم سوف تكون عواقبه وخيمة لأنه يشاع على نطاق واسع أنه سوف يتفوق على كل الإنهيارات التي سبقته من حيث حجم الخسائر وسوف يكون مصحوبا بقلاقل وأزمات إجتماعية وإضطرابات ومظاهرات. كما أن بنك الإحتياطي الفيدرالي قد إستنفذ خياراته سنة 2007\2008 بطباعة أكثر من 3 تريليون دولار لشراء أسهم وسندات وأصول تعتبر مسمومة أثقلت دفاتر حساباته وجعلته في وضع أشبه بالإفلاس وبالتالي لن يكون في وضع يمكنه من التدخل كما حصل في الأزمات السابقة.
الحل يكمن في السماح بتفكيك البنوك التي من المفترض أنها أكبر من أن تفشل(Too Big To Fail), إعادة العمل بقانون جلاس-ستيجال والذي تم إلغائه في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون, السماح بإنشاء بورصات محلية في كل ولاية وإعادة الدور للذهب في المعاملات المالية والنظام المالي.
حلول بسيطة ولكن يتم تجاهلها ممن ليس لهم مصلحة في إعادة العمل بأي من تلك المقترحات التي سوف تقيد طريقة عملهم وتجعلهم عاجزين عن جني الأرباح كما في السابق وحتى المضاربة على زبائنهم أنفسهم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment