Flag Counter

Flag Counter

Sunday, February 12, 2017

مفاهيم إقتصادية, التضخم والكساد

يعتبر التضخم بالنسبة للكثير من المختصين وسيلة خفية لسرقة الثروة حيث يبدأ تدريجيا وبصمت ثم يضرب بكل قوة فجأة وبدون سابق إنذار وقد يخرج عن السيطرة ليتحول إلى تضخم مفرط.
ردة الفعل المتأخرة التي تبديها المؤسسات المالية والإقتصادية خصوصا البنوك المركزية تعرف بإسم (Money Illusion) والتي تعني التوهم بأن هناك تحول ملموس من مجرد أوراق نقدية إلى قيمة حقيقية أو مايصطلح بتسميته بالثروة.
مدخرات البنوك, معاشات التقاعد ومستحقات التامين سواء التأمين على الحياة أو ضد الحوادث أو ضد خسارة العمل هي أمثلة على مصطلح(Money Illusion) بينما الثروة الملموسة هي بيد البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية والشركات وفي الأغلب تكون على شكل سبائك ذهبية أو أراضي او مشاريع عقارية ضخمة. ذالك المصطلح ينطبق أيضا على الفترة الممتدة (1960-1980) حيث كان معدل التضخم في الولايات المتحدة 1.24% في بداية الستينيات حتى سنة 1965 وبدأ بالإرتفاع بشكل تدريجي حتى خرج عن السيطرة لمستوى 13.5% سنة 1980 ولم يعود لمستوى 1.9% إلا سنة 1986 وهو لمستواه في الفترة التي سبقت 1965.
هناك أمران مهمان يمكن ملاحظتهما بخصوص التضخم, الأول أن التضخم سوف يأخذا وقتا حتى يثير الإنتباه خصوصا على مستوى عامة الناس. بينما الأمر الثاني هو أن الأوضاع الإقتصادية سوف تأخذ وقتا أطول من الفترة التي رافقت التضخم حتى تعود الأمور إلى نصابها إن نجح المختصون في تعديل مسار دفة السفينة. الفترة الزمنية من بداية حرب فيتنام حتى أصبحت مشكلة التضخم موضع نقاش وجدل هي 9 سنين(1965-1974) بينما لم تعد الأمور إلى نصابها نوعا ما بعد 11 سنة(1975-1986).
بنك الإحتياطي الفيدرالي قام ومنذ سنة 2008 وفي محاولة لإبعاد شبح التضخم بطباعة مايقرب من 3 تريليون من الدولارات في محاولة منه لخلق مستوى تضخم يبلغ 2.5% وتلك كانت محاولة منه لإبعاد شبح الكساد الإقتصادي والتخفيف من قيمة ديون الولايات المتحدة. حاليا فإن وتيرة طباعة الدولارات بما يسمى التسهيل الكمي(QE) وزيادة سعر الفائدة قد بدأ في محاولة لكبح جماح تضخم مفرط بدأ يلوح في الأفق.
لم يختبر الأمريكيون المعنى الحقيقي للكساد الإقتصادي منذ أخرة فترة كساد (1927-1933) حتى سنة(2009-2013) وعلى الرغم من قيام بنك الإحتياطي الفيدرالي بطباعة كميات هائلة من الدولارات فإن أعراض الكساد بقيت ملازمة للإقتصاد الأمريكي حتى يومنا هاذا.
يتميز الكساد الإقتصادي بعدد من الخصائص التي لا تجعله مفضلا خصوصا لدى الحكومات, تلك الخصائص هي:
-         إنخفاض مداخيل الحكومات من الضرائب بسبب زيادة القوة الشرائية للنقود بدون زيادة الأسعار بل على العكس إنخفاضها. الزيادة سببها إنخفاض الأسعار وليس إرتفاع الرواتب وتلك لايمكن فرض الضرائب عليها.
-         الكساد يعني زيادة عبئ خدمة الدين السيادي وقد يصل في حال إستمراره لإعلان عجز الدولة عن الوفاء بإلتزاماتها وبالتالي الإفلاس حيث أنه يخفض من نسبة النمو الإسمي للناتج المحلي الإجمالي بينما في الوقت نفسه يزداد الدين بإزدياد عجز الميزانية ممايضع الولايات المتحدة في نفس الطريق الذي تسير عليه اليونان.
-         الكساد يزيد من قيمة الديون الخاصة مما ينتج عنه إطلاق موجة من عمليات إعلان الإفلاس والعجز عن الوفاء بالإلتزامات المالية للبنوك والمؤسسات المالية التي بدورها سوف تتأثر بما يشبه كارثة 2007\2008.
-         من الممكن التحكم بالتضخم حتى لو كان الثمن إتخاذ إجرائات إستثنائية بينما العكس صحيح بالنسبة للكساد حيث أنه حتى مؤسسة مالية بحجم بنك الإحتياطي الفيدرالي تعلم أنها سوف تعاني صعوبة في إنجاز تلك المهمة.
إن قدرة بنك الإحتياطي على طباعة الدولارات بموجب برناج التسهيل الكمي(QE) ليست بلا حدود وقد تتوقف عن قيم الأصول التي تم شرائها بموجب ذالك البرنامج 5 تريليون دولار كما أن هناك حدودا سياسية يتوجب مراعاتها خصوصا أن هناك دولا تمتلك كمية كبيرة من سندات وزارة الخزانة الأمريكية ولن تنظر بعين الرضا لتلك الخطوة.
القرار الذي قد يتخذه بنك الإحتياطي الفيدرالي في تلك الحالة هو القبول بحالة الكساد ظاهريا مع الإعتماد
على سياسات مالية لإبقاء على الإتجاه الإستهلاكي في محاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه أو أن يظهر الكساد على الرغم من زيادة الكتلة النقدية بموجب برنامج التسهيل الكمي.
وكما أن التحكم بنسبة التضخم يتطلب قرارات إستثنائية فالأمر نفسه ينطبق على الكساد حيث من المتوقع في تلك الحالة صدور أمر رئاسي إستثنائي بموجب القانون الذي يمنح الرئيس الأمريكي حصريا الحق بإتخاذ قرار بتحديد سعر 7000 دولار لأونصة الذهب ومصادرة كافة إحتياطيات الذهب الأجنبية الموجودة داخل أراضي الولايات المتحدة وأغلبها في حوزة بنك الإحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية وتعويض مالكيها دولارات مطبوعة حديثا بموجب السعر الذي يحدده المرسوم الرئاسي.
الهدف هو تغطية كمية الكتلة المالية من الدولارات الموجودة في الأسواق والتمهيد للعوجة إلى معادلة ما تربط الذهب بقيمة الدولار الامريكي. ربما الجزء الثاني من معاهدة بريتون-وودز ولكنها سوف تكون معاهدة من طرف واحد وليست كمعاهدة 1944 والتي تم إتخاذ قرارها على هامش إجتماعات بمشاركة عدد كبير من الدول.
العالم الذي سوف نعيشه وسعر أونصة الذهب فيه 7000 دولار هو نفس العالم الذي سوف يكون سعر أونصة الفضة 100 دولار وسعر برميل النفط 400 دولار.
ولكن لماذا الإستغراب فهي ليست أول مرة سوف تقوم فيها الحكومة الأمريكية بتلك الخطوة ففي عهد الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ولمكافحة موجة الكساد التي حلت على الولايات المتحدة إثر أزمة إنهيار وول ستريت سنة 1929 والتي بلغت ذروتها في سنة 1933 التي تولى فيها رسميا منصبه, فقد قام بإصدار قانون الإستحواذ حيث منع أي مواطن أمريكي, مع إستثناء مع من تتطلب مهنتهم التعامل اليومي بالذهب كأطباء الأسنان ومحلات الصياغة, من الإحتفاظ بما يزيد على ماقيمته 100 دولار من الذهب أو أي شهادات إستثمار في شركات التنقيب عن الذهب وتسليم ماتبقى بحوزته للحكومة الأمريكية مقابل تعويضه 20 دولارا لكل أونصة من الذهب.
السبب الذي كان وراء إصدار قانون الإستحواذ هو أن عدد من العملات تخلت عن معيار التبادل الذهبي بموجب إتفاقية جنوه سنة 1922 وقامت بتعويم عملاتها مما أدى إلى تخفيض قيمتها ومنحها ميزة تنافسية على الولايات المتحدة في مجال الصادرات.
ولمواجهة ذالك فقد قام الرئيس الأمريكي برفع قيمة الأونصة الذهب من 20.67 حسب إتفاقية جنوه إلى 25 ثم إلى 30 ثم 35 دولار في مرحلة لاحقة حين إقرار إتفاقية بريتون-وودز سنة 1944. المشكلة التي واجهت الرئيس الأمريكي أن المواطنين الأمريكيين والشركات الخاصة ومستثمرين كانت تحوز على كميات كبيرة من الذهب وتمتنع عن بيعها لتوقعها إرتفاع أسعار الذهب مستقبلا فكان إصدار قانون الإستحواذ هو الحل حيث مع توفر كمية كبيرة من السيولة في حسابات المواطنين والتخوف من إنخفاض قيمة الدولار, فإنهم كانوا يسعون لإنفاقها وبأسرع وقت ممكن في شراء أصول ثابته كالمنازل أو إستثمارها في مشاريع مختلفة مما يؤدي إلى تنشيط الإقتصاد والتخلص من حالة الكساد.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment