تابعت الردود على المواضيع التي نشرتها حول الرئيس الكوبي السابق المتوفى مؤخرا فيديل كاسترو وذالك تمهيدا لنشر ولأول مرة في العالم العربي سلسلة حلقات تلخص أهم اللحظات النضالية والثورية في حياة ذالك القائد ومن واقع كتاب (حياتي - فيديل كاسترو) للصحفي والكاتب والبروفيسور في الجامعات الفرنسية إغناسيو رامونيت(Ignacio Ramonet).
تنوعت الردود والتي تمحورت بشكل عام حول الإنتماء الشيوعي لفيديل كاسترو والديكتاتورية وكيف انه كان السبب في تحول نسبة كبيرة من بنات كوبا لإمتهان الدعارة حتى أصبحت تعرف بذالك ومقصدا لراغبي المتعة الحرام.
تخيلوا أنه حتى في الأنظمة الغربية التي من المفترض أن نظامها يشمل برلمان وإنتخابات وتدعى ديمقراطية فإن المواطنين الأوروبيين أنفسهم وصلوا لقناعة أن تلك الديمقراطية تخدعهم وأنها عبارة عن نظام تم تصميمه من أجل إستئثار الأقلية او النخبة بالحكم وصنع القرار. ولمن لايعرف فإن العملية الديمقراطية منذ أكثر من ثلاثة ألاف سنة في دول كاليونان لم تكن تتضمن ديمقراطية وإنتخابات وبرلمانات كما هو أصبح شائعا في عصرنا الحالي.
أنا مهتم جدا بالتهمة الثانية لأن الشعوب العربية هي نفسها مهتمة جدا بتلك النوعية من المواضيع خصوصا عند وفاة أي حاكم أو زعيم عربي أو حتى أجنبي حيث تمتلأ الأخبار والمجلات وأغلبها من نوعية الصحف الصفراء بأخبار الزيجات والعشيقات والعلاقات النسائية وكأن المواطنين العرب على رؤوسهم تاج العفة.
هل تذكرون النائب الكويتي الطبطبائي والذي كان يسترخي على شواطئ العراة في المكسيك وأنقذوه من الغرق في أحدها؟ النائب الملتحي كان يسافر إلى هناك بعد أن يقوم بالتحريض على سوريا قيادة وجيشا وشعبا ويرسل الإنتحاريين إلى سوريا بعد أن يعدهم في جنة الأخرة ليسافر هو إلى جنة الأرض في أحد المنتجعات المكسيكية.
هل تذكرون الفضائح الجنسية لكبار رموز الثورة الإسلامية في سوريا التي كان القائمون عليها يصرخون "قائدنا للأبد سيدنا محمد" وذالك أمام الكاميرات قبل أن يتم ضبطهم على سكايبي وفي فضائح أخرى مخجلة ومنهم قائد عصابات الفاروق عبد الرزاق طلاس وغيرهم من قادة التنسيقيات؟
وفي دول أوروبية كثيرة تعتبر الدعارة مرخصة وقانونية ومنها أستراليا حيث هناك بيوت دعارة تحتوي على أخصائيات إجتماعيات وحراس أمن ويتم تحصيل الضرائب. كما أن أشهر الدول التي تعتبر الدعارة قانونية هي هولندا حيث تنتشر عصابات الجريمة المنظمة التي تحمي مصالحها في تلك التجارة التي تدر مليارات الدولارات سنويا وتتاجر بالنساء سواء بالبيع أو الشراء أو المبادلة. كما أنه هناك دول أوروبية أخرى وإن كانت تعتبر الدعارة عملية لا تنظمها الدولة كأستراليا ولكنها في الوقت نفسه فإن تلك الدول لا تجرمها وذالك في أغلب الدول الأوروبية التي تنتشر في خدمة المرافقة وهي تلطيف لكلمة دعارة حيث تنشر المؤسسات والمكاتب التي تمتهن المرافقة إعلانات علنية في الصحف والجرائد ومايعرف بالصفحات الصفراء(Yellow Pages). تخيلوا أنه في دول غربية ديمقراطية يبدي بعض المسؤولين في الهجرة قلقهم على صناعة الترفيه في بلدانهم بسبب نقص راقصات التعري ويتعهدون ببرنامج للهجرة لإستقدامهن ومنحهم الإقامة الدائمة ومن ثم جواز السفر. وفي الدول الأوروبية يقوم من لايملك مالا وهم في اغلبهم من المهاجرين المسلمين الفقراء الذي يعيشون على اموال الرعاية الإجتماعية ويرفضون الإندماج في المجتمع بإغتصاب جماعي لمن يلقيها حظها العاثر بين أيديهم وتبرير ذالك بفتاوي أنها غير محجبة أو لحم مكشوف ورخيص أو بسبب ملابسها المثيرة.
كل تلك الدول هي ديمقراطية تحلل الدعارة وتشرعنها وتحميها بالقانون وتغض النظر عنها في أحسن الحالات وتعتبرها نوع من أنواع الحرية الشخصية حيث قد يكون موضوع الموسم في برلمان هذه الدولة أو تلك هو تعديلات على القوانين التي تنظم عمل بنات الليل.
في الدول العربية حدث ولا حرج ومثال بسيط لمن عاصر تلك الفترة أيام حكم رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري حيث ظهر إعلان عن السياحة في لبنان يبدأ بفتاة تحاول المرور عبر بوابة التفتيش في المطار لتخلع ملابسها قطعة قطعة حتى تظهر بالمايوه البكيني فيتوقف جهاز التفتيش عن إطلاق الإنذار كناية عن عدم حملها أي مواد ممنوعة. تلك النوعية من الإعلانات لن تسمح بها الدول الشيوعية ككوبا التي تحترم نفسها ومواطنيها ولا تتفاخر بشارع كامل يمارس فيه البغاء بشكل علني كشارع مونو في بيروت والذي يعد أحد أهم الإنجازات في ذالك العهد الزاهر, عهد الحريري الأب.
وأما بالنسبة لتاريخ العرب قبل الإسلام بل وبعده حتى عصرنا الحالي فقد فشت فيهم الدعارة التي كانت تتم تحت أكثر من مسمى خصوصا ما ملكت أيمانكم والسبايا والخطف من الشعوب المسيحية وهناك قبائل او أسر في الجاهلية إشتهرت بصاحبات الرايات. وفي عصرنا الحالي تتم ممارسة انواع من الزنا خصوصا زواج المسيار والزواج العرفي وزواج الصيف أو السياحة حيث يتزوج أحدهم من فتاة خلال إجازته الصيفية ليطلقها حين تنتهي أيام إجازته ويتم ذالك بدون علم أهل الفتاة وفي بعض الأحيان بعلمهم وموافقتهم.
الدعارة إنتشرت في الكثير من الدول العربية خصوصا في مدن تحولت لوجهة لطالبي المتعة الحرام وحيث هناك شواطئ مخصصة للعراة في بعضها كما أن بعضها الأخر أصبح وجهة لسياحة المثليين جنسيا وكثيرا ماتعلن السلطات المختصة القبض على أجانب متورطين في تلك النوعية من القضايا ولكن سرعان مايتم الإفراج عنهم بعد ممارسة الضغط من قبل حكوماتهم في تناقض فاضح مع معاييرها التي تحرم وتجرم دعارة الأطفال ولكنها تسرع لنجدة مواطنيها وإعادتهم إلى بلدانهم بدون ان تتم محاسبتهم فيها. كل تلك الدول العربية التي تنتشر فيها الدعارة تحكمها إما حكومات تغلب عليها أحزاب الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين أو أنظمة تزعم تطبيق الشريعة الإسلامية وفي كثير من الحالات يتم تشريع الدعارة خصوصا دعارة الأطفال بعقود زواج يتم شرعنتها وفق وجهة نظر يزعم بعضهم أنها إسلامية حيث تتحول الفتاة والتي قد لا تتجاوز عمر 12 عاما إلى مجرد سلعة تباع وتشترى.
الشيوعية والإشتراكية حاربت الدعارة والقمار ومحلات الديسكو والمراقص بإعتبارها أمورا غير مرغوبة ولها أثار إجتماعية مدمرة فكانت الدول الإشتراكية والتي تطبق النظام الشيوعي تتمتع بأقل نسبة جريمة منظمة مقارنة بالدول التي تطبق النظام الرأسمالي وتنخفض فيها الجرائم المتعلقة بتعاطي المخدرات وتقل فيها محلات السهر والمراقص الليلية ويسود نظام إجتماعي صارم يحرم المثلية الجنسية ويعاقب عليها بالقانون. الأنظمة الرأسمالية والتي قامت بالتحول من الإشتراكية إلى إقتصاد السوق إنتشرت فيها كل أنواع الدعارة والجرائم المتعلقة بالمخدرات وإزدادت نسبة المدمنين على الكحول والأطفال اللقطاء.
أنا تعمدت في هاذا الموضوع أن لا أذكر معلومات قد تسبب حساسية لبعضهم على الرغم من أنها أصبحت من حكم المعلوم بالضرورة ولا ينكرها إلا جاهل. كما أنني حاولت أن أتناول الموضوع من زاوية علمية محايدة حيث أوضحت كمية التناقض في الشخصية العربية عند حكمها على المسائل المعروضة امامها خصوصا التاريخية. وفي النهاية من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment