الصراع بين تركيا واليونان يعود تاريخه إلى زمن حصار اليونانيين لمدينة طروادة التي إكتشفت إنقاضها في تركيا. في عصرنا الحالي فإن هناك حساسية بسبب دعم الغرب لليونان حتى في حرب الإستقلال التركية والتي شاركت فيها اليونان إلى جانب قوات الحلفاء خصوصا بريطانيا وبسبب رفض طلب تركيا الإنضمام للإتحاد الأوروبي بينما تم قبول طلب اليونان بدون أن تواجه عقبات كبيرة.
الدولتين عضو في حلف الناتو وعلى الرغم من ذالك فهما تخوضان سباق تسلح ويشكل بحر إيجه خط الصراع الفاصل بينهما كما أن اليونان تقع بين منطقتين مضطربتين هما يوغسلافيا السابقة والشرق الأوسط.
تعد اليونان أكثر دولة في الإتحاد الأوروبي إنفاقا على التسلح مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.6% مقتربة من دول كالصين والولايات المتحدة حيث تحتل اليونان المرتبة 24 على لائحة أكثر الدول في الإنفاق العسكري. بينما دولة كتركيا تنفق 5.6% بينما دول كأرمينيا, مقدونيا والبوسنة يشكل الإنفاق العسكري نسبة لا بأس بها من الناتج المحلي الإجمالي. ليس كل الدول التي لديها إنفاق عسكري مرتفع معادية لليونان ولكن هناك واقع ملخصه الكثير من السلاح في مساحة جغرافية صغيرة ومضطربة.
المحادثات بين اليونان وفرنسا إستمرت سنة 2010 في عهد الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي محادثات بخصوص شراء 6 فرقاطات فرنسية بمبلغ 2.5 مليار يورو. تلك المحادثات بدأت سنة 2008 بزيارة ساركوزي لليونان حيث شملت المحادثات بالإضافة للغواصات على تحديث 20 طائرة ميراج فرنسية تمتلكها القوات الجوية اليونانية. الفرع الدولي لشركة رافال لصناعة الطائرات قام بإفتتاح مكتب له في العاصمة اليونانية سنة 2007 لتلبية الحاجات المتزايدة من قبل سلاح الجو اليوناني.
القوات البحرية والجوية لكل من اليونان وتركيا تستمران في التوسع خصوصا سلاح البحرية بينما في دول أخرى فإنه يتم تقليصها. اليونان تمتلك سلاح بحرية يعادل في حجم قواته وعدد السفن الحربية دول هولندا, الدانيمرك والنرويج مجتمعين. ألمانيا وهي ثالث دولة مصدرة للأسلحة بعد الولايات المتحدة وروسيا تعتمد على زبونين رئيسيين وهما تركيا 14% و اليونان 13% من مبيعات السلاح الألمانية. في سنة 2003 فقد أعلنت اليونان نيتها شراء 170 دبابة ليوبارد من ألمانيا.
ولعله كان من الأفضل لحلف الناتو أن يقوم بمحاولة التخفيف من حدة سباق التسلح بين أعضائه بدلا من تدخل الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في اليونان سنة 2010 لإنقاذ الإقتصاد المتداعي عن طريق منح المزيد من القروض من قبل بنوك فرنسية وألمانية على وجه الخصوص. مليارات ومليارات الدولارات ذهب لشراء الأسلحة والسلع من شركات فرنسية وألمانية على وجه الخصوص وكان لذالك أكبر الأثر في تضخم حجم الدين العام في اليونان.
الموقع الجغرافي لليونان يعد ملائما للتجارة وحركة النقل أكثر منه للصناعة والزراعة حيث رقعة الأراضي الصالحة للأنشطة الزراعية محدودة. ولكن ذالك لايمنع من إشتهار اليونان بمحاصيل معينة كالزيتون مما أدى في المجمل إلى سيطرة مجموعة عائلات على مجمل الثروة في اليونان.
هناك خلل في توزيع الثروة في اليونان وينطبق ذالك على الحياة السياسية حيث أن من يدخلونها هم يمتلكون رأس المال والنفوذ حيث ادى ذالك إلى تقسيم حاد للمجتمع اليوناني إلى يسار أو يمين, وبلغة أخرى عمال أو رأسماليين.
اليونان لم تعد تحتل نفس المكانة الإستراتيجية التي تمتعت بها في المرحلة التي سبقت سقوط حائط برلين وإنهيار الإتحاد السوفياتي حيث تغيرت نظرة الغرب لها بعد سقوط حائط برلين والإنتهاء من الصراع في يوغسلافيا. الحكومات اليونانية المتعاقبة حاولت العودة للإنمضمام لنادي النخبة فقامت بإستدانة عشرات المليارات من الدولارات لشراء الأسلحة من شركات غربية, إقامة الألعاب الأولمبية ومحاولة الإنضمام لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة(اليورو) حتى لو كان ذالك بتقديم بيانات مضللة عن حالة اليونان الإقتصادية ومستوى دينها العام.
السؤال هو متى سوف تنسحب اليونان من الإتحاد الأوروبي أو بالأحرى طردها منه وليس عن حتمية حصول ذالك فهي بحسب رأي الكثيرين مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
نهاية الجزء الرابع
No comments:
Post a Comment