غزة, وماذا بعد

أعلنت الهدنة في قطاع غزة وتوقفت الحرب أو هكذا تحاول التصريحات الرسمية أن تقنع الرأي العام. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نجح في إجبار جميع الأطراف على توقيع إتفاق مازالت أغلب بنوده بعيدة عن كاميرات وأقلام الصحفيين ولكن السؤال هو, ماذا بعد؟

دولة الكيان الصهيوني اللقيط تتصرف بعقلية قطاع الطرق والعصابات المافيوية حيث يلعب سلاح الجو دور ألة قتل متنقلة و يقصف أهدافا مدنية ومدنيين, مدارس ومستشفيات حتى خيام النازحين يقصفها بصواريخ تكلف مئات الآلاف من الدولارات للصاروخ الواحد. القصف الجوي, المدفعي وعمليات نسف مربعات سكنية كاملة مازالت مستمرا وإن كان بوتيرة أقل. مستشفيات قطاع غزة مازالت تستقبل جثث الشهداء من النساء, الأطفال وكبار السن ضحايا القصف الإسرائيلي. ومؤخرا وفق بنود الإتفاق, بدأت شاحنات المساعدات في دخول قطاع غزة وذلك ما يحتاجه الغزيون خصوصا مع إقتراب فصل الشتاء. المنظمات الإنسانية, الهلال والصليب الأحمر أعلنت أن كمية شاحنات المساعدات التي تدخل الى قطاع غزة مازالت غير كافية.

ولكن مرة أخرى, وماذا بعد؟ إن أكثر من ٨٠% من المنازل والمنشئات في قطاع غزة قد تدمر كليا أو جزئيا بما في ذلك جميع المؤسسات الرسمية والخدمية, الدوائر الحكومية, المحاكم ومراكز الشرطة والسجون التي كانت أول ما بدأ سلاح الطيران الحربي الإسرائيلي بقصفه. كما أن البنية التحتية مسحت تماما من على وجه الأرض, لم يبقى هناك بنية تحتية في قطاع غزة, محطات كهرباء, تنقية مياه وصرف صحي أصبحت أثرا بعد عين. أهالي قطاع غزة يسكنون في الردم وبين الركام بدون أي خدمات, مياه أو كهرباء. كنت أشاهد أحد التقارير عن مكب نفايات تحول الى مقر سكن عدد من الأسر النازحة في قطاع غزة.

ولكن توقيع إتفاق ترامب في قطاع غزة لا يعني نهاية المأساة. الكنيست الإسرائيلي وفي تحدي واضح للولايات المتحدة وافق في قراءة أولية على ضم أراضي يهودا والسامرة(الضفة الغربية) الى الكيان الصهيوني. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن صراحة معارضته لذلك الإجراء وأنه يهدد إتفاق التهدئة في قطاع غزة. كما قام وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو بزيارة فلسطين المحتلة بهدف جعل الموقف الأمريكي أكثر وضوحا للقيادة الإسرائيلية وأنهم سوف يفقدون الدعم الأمريكي لو استمروا في ذلك.

قطعان المستوطنين المسلحين الضالة في الضفة الغربية تهاجم المزارعين الفلسطينيين وتحاول منعهم من العمل في موسم قطاف الزيتون حيث نفذوا أكثر من ١١٧ إعتداء بحماية جيش الاحتلال الصهيوني الذي نفذ أكثر من ٢٠ إعتداء مباشر على المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية. بناء المستوطنات الغير شرعية وغير قانونية على أراضي الضفة الغربية مستمر وقضم مزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية مستمر أيضا. بنيامين نتنياهو هو رئيس الوزراء الأكثر تطرفا وإجراما مقارنة مع رؤساء وزراء آخرين بما فيهم آرييل شارون.

هناك الكثير والكثير من العمل في قطاع غزة وحتى الضفة الغربية التي يعمل بنيامين نتنياهو على تحويلها الى غزة أخرى من خلال تجريف الأراضي الزراعية, هدم المنازل وتدمير البنية التحتية. الهدف هو تثبيت وقف إطلاق النار والبدء في إعادة الإعمار وتزويد أهالي القطاع بالاحتياجات الأساسية قبل بدء فصل الشتاء. ولكن هناك مشكلة أو عقبة رئيسية لعل الأمريكي والدول التي ضمنت إتفاق التهدئة ترفض التصريح بها أو أنهم لا يعلمون, نتنياهو وحماس لا يرغبون في إستمرار التهدئة وليس من مصلحتهم استمرار التهدئة. إن كلا الطرفين لا يهتمان لمصلحة المدنيين مع افتراض أن هناك مدنيين في الجانب الإسرائيلي. هناك قطعان مستوطنين مسلحين والخدمة العسكرية إجبارية ثلاثة سنين للرجال والنساء.

عملية السابع من أكتوبر حماقة من حماس التي كانت ترغب أو تعتقد أن تحرك وضعا جامدا وتعيد القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد بعد أن كاد أن يطويها النسيان أو يطوي حركة حماس. العملية حققت مصالح دول وأشخاص مثل بنيامين نتنياهو الذي كان يواجه المحاكمة والسجن. العدو الإسرائيلي نجح بسبب عملية السابع من أكتوبر في تصفية قيادات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقيادات حزب الله في لبنان بما فيهم حسن نصر الله ونائبه هاشم صفي الدين. حركات الإسلام السياسي السني أو الشيعي, السلام هو إعلان عن نهايتها لأن ذلك يعني كساد بضاعتهم التي يحاولون ترويجها بين أتباعهم, الجنة والحور العين وانهار الخمر والعسل. الجانب الإسرائيلي ليس بأفضل حالا لأنه يعيش على الحرب وبدونها فإن نهايته ليست سوى مسألة وقت. الصهيونية حركة علمانية الحادية تستخدم اليهود واليهودية و الأساطير التوراتية ستار وغطاء لأهداف سياسية. بنيامين نتنياهو الذي يستخدم نبوئات إشعياء التوراتية في تصريحاته لا يعرف ما هي التوراة ولا أحد يعلم متى أخر مرة قرأ فيها أو فتح صفحة من صفحات العهد القديم أو الكتاب المقدس. السلام قاتل لكل من طرفي الصراع ويعني نهايته وكلاهما يعلم ذلك ومتيقن منه.

تمنياتي للجميع بالشفاء والعافية

عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة

الوطن او الموت

النهاية