Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, December 3, 2024

العالم بدون الإسلام, سلام أو حرب

الحوار بين الأديان فكرة فاشلة لأن أتباع الأديان المختلفة يخوضون النقاش كأنه مباراة ملاكمة عليهم أن يفوزوا بها بالضربة القاضية. غراهام فولر كاتب أمريكي قام بتأليف كتاب "العالم بدون الإسلام" يناقش فيه فكرة بسيطة يرددها الكثيرون أن العالم سوف يكون أفضل بدون الإسلام أو أن البشرية سوف تعيش في سلام بدون الإسلام. إن مؤيدي نظرية أن البشرية سوف تكون أفضل حالا بدون الإسلام لديهم وجهة نظر بأن الإسلام سبب الحروب والأزمات التي يعاني منها العالم وتلك وجهة نظر خاطئة سوف نناقشها في هذا الموضوع ومواضيع أخرى عندما تسنح الفرصة إن شاء الله.


المسيحية قبل بداية ظهور الإسلام في جزيرة العرب كانت تعاني من صراعات دموية مع الوثنيين وغيرهم من أديان ومذاهب أخرى. كما كانت هناك صراعات داخلية بين المسيحيين أنفسهم حتى بعد صلب وقيامة المسيح مباشرة والأناجيل تحدثنا عن ذلك. بولس(الرسول) الذي كان يهوديا غاية في التعصب مهمته ملاحقة أتباع المسيح والقبض عليهم ولكنه لاحقا أعلن إيمانه واختلف حول مسائل في العقيدة مع الحواريين ومنهم يعقوب الذي تصفه الأناجيل بأنه شقيق(أخ) المسيح. المسيحية في جذورها موضوع للنقاش لأن يسوع المسيح كان يهوديا ولم يأمر بتأسيس الديانة المسيحية وأتباعه الأوائل من الحواريين وتلاميذهم كانوا من اليهود المحافظين على الناموس الشريعة.


الانشقاقات كانت تعصف بالكنيسة منذ البداية ولعل أشهرها فتنة مرقيون في القرن الميلادي الثاني والإنشقاق الكنسي الذي قام به مارتن لوثر في القرن السادس عشر. الأزمات والحروب المسيحية-المسيحية كانت نتيجة مباشرة للانشقاقات خصوصا حرب الثلاثين عاما. محاكم التفتيش الكنسية عذبت بأبشع الطرق وقتلت مئات الألوف من المسلمين واليهود والمسيحيين الهراطقة المخالفين. الحروب الصليبية لم تكن موجهة حصريا ضد المسلمين لكن ضد المسيحيين الهراطقة من الأرثودكس, الكاثار والبروتستانت. الإمبراطور قسطنطين الأول عقد مجمع نيقية سنة ٣٢٥م وقد كان وثنيا ولم يقبل المسيحية إلا على فراش الموت وقيل أنه تم تعميده وهو شبه فاقد الوعي.


الشرق الأوسط بدون الإسلام كان سوف يكون خاضعا للمسيحية الأرثودكسية والتي تعتبر على خلاف الى يومنا هذا مع الكنائس الغربية الكاثوليكية والبروتستانتية على حد سواء. هناك كنائس مسيحية أخرى متهمة من الكاثوليك والبروتستانت بأنهم هراطقة مثل الأدفنتست, المورمن وشهود يهوه. الطوائف المسيحية المختلفة ليس لديهم نسخة موحدة للكتاب المقدس. الكاثوليك لديهم نسختهم التي تختلف عن البروتستانت والتي تختلف بدورها تختلف عن المورمون. كما أنه هناك كنائس تحاول التنصل من العهد القديم وتوزع على أتباعها العهد الجديد حصريا. هناك طبعات مختلفة من الكتاب المقدس وحتى ضمن إطار طائفة معينة يتعرض الكتاب المقدس الى تعديلات مثل حذف بعض الإصحاحات من النسخ السابقة أو تعديل في أسلوب أو لهجة الكتابة.


الأديان ليس سلام او عنف إنما يعتمد ذلك على الأشخاص والظروف والبيئة المحيطة عوامل أساسية. القوة هي أساس الأديان وهناك فرق بين القوة والعنف حتى لا نخلط بين المصطلحات. إن عدد الأتباع سوف يزداد بازدياد قوة الدين أو المذهب وانتشاره لأن ذلك سوف يؤدي الى زيادة موارده المالية وبالتالي زيادة القدرة على دعم توسع ديموغرافي أكبر. القضية هي أن القوي يأكل الضعيف وليس سلام أو عنف. هناك أيضا تاريخ من الصراع الدموي بين المسلمين أنفسهم لعل أشهر فصوله السنة-الشيعة. كما أنه هناك صراعات داخلية بين مذاهب السنة أو الشيعة. صلاح الدين الأيوبي قام بإلغاء الخلافة الفاطمية الشيعية وفرض بالقوة مذهب السنة على مصر. ولكن الشاه إسماعيل الصفوي قام بتحويل إيران الى المذهب الشيعي بالقوة وكان دمويا للغاية في ذلك.


إن المسلمين الذي يصفون الإسلام بانه دين سلام وأنه انتشر سلميا بدون عنف يكذبون والمسيحيين الذي يصفون المسيحية بأنها دين سلام أيضا يكذبون.  هناك مراحل تاريخية مختلفة فرضتها ظروف سياسية, جغرافية واقتصادية مختلفة حيث تبادل الأدوار بين الإسلام والعنف في تعامل أتباع الأديان مع تلك المراحل وظروفها المختلفة. الحالة المطلقة حول الأديان التي لا تقبل النقاش بأنها سلام مطلق أو عنف مطلق هي حالة خاطئة والتعصب ليس مقصورا على الإسلام, اليهودية أو المسيحية. البوذيون المتعصبون في بورما(مينمار) يقتلون المسيحيين من قومية الكارين والمسلمين الروهينغا على حداء سواء. الهندوس المتعصبون يخوضون الصراع في الهند مع المسلمين ومع السيخ. رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي اغتالها حارسها الشخصي وكان من السيخ المتعصبين إنتقاما من مذبحة قام بها الجيش الهندي ضد متمردين من السيخ في حادثة المعبد الذهبي. الهند يعيش فيها مئات الأديان والمذاهب التي تتقاتل وتتصارع مثل الصراع بين الهندوس والتاميل والإسلام ليس له علاقة من قريب أو بعيد بتلك الصراعات. الهند أكبر دولة ديمقراطية ورغم ذلك هناك صراعات وحروب وأزمات دموية بين أتباع المذاهب والأديان المختلفة حيث لا علاقة للإسلام والمسلمين من قريب أو من بعيد بتلك الصراعات. حرب الثلاثين عاما, حرب المائة عام, الحرب الأهلية الإنجليزية, الثورة الفرنسية, الحرب العالمية الأولى, الحرب العالمية الثانية, الحرب الكورية, حرب فيتنام وغيرها هي صراعات بين أتباع المذاهب والأديان منها داخلية أو ضد مذاهب وأديان اخرى ولا علاقة للإسلام والمسلمين بها.


مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية


النهاية

No comments:

Post a Comment