إنَّ أكثر مايثير إستغرابي هو دعوات أصحاب الرؤوس الحامية في الدول العربية الى حرب اليهود في فلسطين المحتلة وطردهم منها أو القائهم في البحر بدون أن يعدوا العدَّة كما أمرهم الله تعالى في القرآن الكريم. الصراع العربي-الإسرائيلي هو صراع وجود لا صراع حدود وليس شجار قبضايات الحارة مع جيرانهم في الحارة المجاورة وليس عنتريات أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب أو مظاهرات غوغائية لاتسمن ولا تغني من جوع. رئيسة وزراء الكيان الصهيوني غولدا مائير تحدثت كيف أنها لم تنم ليلة حريق المسجد الأقصى ١٩٦٩/٨/٢١ وأنها توقعت زحف العرب على إسرائيل من كل مكان وأنهم أمة نائمة وأن اليهود يستطيعون أن يفعلوا مايريدون. الأمة العربية بالفعل أمة نائمة لأنها لم تنتفض من أجل حريق المسجد الأقصى ولكنها انتفضت من أجل موزع مخدرات في مصر يدعى خالد سعيد لاحقته الشرطة وتوفي اختناقا بعدما ابتلع لفافة حشيش أو بائع متجول أحرق نفسه بعد أن صادرت الشرطة بضاعته بسبب مخالفته القانون.
مصر هي أكبر بلد عربي وهي من بلدان المواجهة المباشر مع العدو الإسرائيلي وقوة مصر في صالح الأمة العربية وقضية فلسطين وأي ضعف يصيب مصر سوف يؤدي الى إضعاف الأمة العربية. صلاح الدين الأيوبي لم يتمكن من تحرير القدس والمسجد الأقصى إلا بعد أن نجح في توحيد مصر والشام جناحي الأمة العربية المسلمة رغم أنه لم يكن عربيا ولكنه من أكراد العراق. حاليا فإن الشام ضعيفة بعد أن ابتليت بما يسمى الربيع العربي ومصر محاصرة من كل ناحية ينتظر خصومها الانقضاض عليها في أول فرصة تسنح لهم. وقد صدمت عندما شاهدت فيديو لأحد الخبراء الاقتصاديين في مصر دكتور صلاح جودة المتوفى رحمه الله سنة ٢٠١٥ أن مصر تستورد الأستك(اللاصق) وأقلام الرصاص. كما أنه من المعروف أن مصر تستورد أيضا كميات كبيرة من القمح كل سنة بالإضافة الى أن اتفاقية المعونة الأمريكية مع مصر تتضمن في أحد بنودها منحة القمح السنوية. ملخص الكلام الذي تحدث به دكتور صلاح جودة وغيره من الخبراء أن أمن مصر الصناعي والغذائي في خطر.
السودان أحد أكبر الدول العربية في المساحة ولقبه سلة غذاء الوطن العربي حيث أنه وبلا مبالغة فإن السودان قادر على زراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الدول العربية من الخليج الى المحيط ومن البحر الى النهر دون أن تزرع تلك الدول حبة قمح واحدة. الدول العربية وقفت متفرجة على السودان يتم تقسيمه الى شمال وجنوب ثم الدور القادم على إنفصال دارفور ومن ثم منطقة النوبة ومن يعتقد أن تقسيم السودان يقتصر على شماله وجنوبه فإنه مخطئ. الإسلاميون هم سبب الانقسام في السودانن وأي بلد ترغب الولايات المتحدة في تقسيمه فإنها تدعم الإسلاميين من أجل الوصول الى السلطة والحكم وتصبح المسألة مجرد وقت. هناك جولات من الحرب الأهلية في السودان وكما ذكرت فإن مشاكل السودان لن تنتهي بانفصال الجنوب. الجولة الحالية من الحرب الأهلية بدأت بمظاهرات ربيع سوداني على طراز الربيع العربي وحرب أهلية حيث طرفي الصراع هما الجيش و ميليشيات الدعم السريع التي يقودها تاجر جمال قفز الى رتبة جنرال العسكرية يدعى محمد حمدان دقلو(حميدتي) الذي ينتمي الى قبيلة الرزيقات أحد أقوى قبائل إقليم دارفور وتتواجد أيضا في إقليم كردفان.
الجزائر أحد الدول العربية الغنية بثروات طبيعية خصوصا النفط والغاز بالإضافة الى ثروات زراعية بسبب موقعها على البحر الأبيض المتوسط ومناخها المعتدل الذي يناسب محاصيل زراعية مثل الزيتون. ولكن على الرغم من كل ذلك فإن شباب الجزائر يخاطر بركوب قوارب الموت(الحراقات) من أجل السفر الى أوروبا حيث يتوفى منهم غرقا كل سنة مئات الأشخاص ويلفظ البحر جثث بعضهم بينما يبتلع أخرين لا يظهرون أبدا. البطالة والفساد ينخران في الجزائر كما ينخر المرض في الجسم والحرب الأهلية الجزائرية أو العشرية السوداء(١٩٩١-٢٠٠٢) والتي كان سببها تمسك الإسلاميين بالسلطة والحكم تحت مسمى أنهم فازوا في انتخابات قام الجيش بإلغائها لاحقا. هل من الممكن ملاحظة وجه المقارنة والعامل المشترك بين مصر, السودان, الجزائر؟ وصول الإسلاميين الى السلطة كان السبب في انقسامات مجتمعية حادة وفي بعض الأحيان حروب أهلية.
سوريا جناح الأمة العربية الثاني بعد مصر وأمل الأمة في تحرير فلسطين كانت خلال الفترة التي سبقت سنة ٢٠١١ بدون ديون خارجية وقطاع صحي وتعليمي متقدم واكتفاء ذاتي زراعي خصوصا من القمح ومن مشتقات الطاقة مثل النفط والغاز وعلاقات خارجية ممتازة ودور إقليمي ودولي غاية في الأهمية. الإسلاميون(الإخوان المسلمون) في سوريا استغلوا بعض المشاكل التي من الممكن أن تعاني منها أي دولة حتى أمريكا وأوروبا وأشعلوا بدعم من الولايات المتحدة وتركيا ودول أوروبية مثل فرنسا أحد أكبر عمليات التدخل والغزو الخارجي منذ إنزال النورماندي ١٩٤٤ في الحرب العالمية الثانية. إن مصطلح الحرب الأهلية الذي تروج له وسائل إعلام على إختلاف توجهاتها مثل الجزيرة والميادين وحتى روسيا اليوم غير مناسب وغير صحيح في وصف الحالة السورية المستمرة منذ ٢٠١٠/١٠ الى يومنا هذا سنة ٢٠٢٤. السبب هو أن مشاركة مقاتلين محليين في التمرد ضد القوات الحكومية كان محدودا للغاية وأن غالبية المقاتلين هم من الأجانب من أكثر من مائة دولة.
الحالة العربية ميؤوس منها والإصلاح مستحيل وأستغرب سبب الدعوات الى حرب حاسمة مع دولة الكيان الصهيوني أو تلميع دور تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان وترقيته من رئيس دولة الى خليفة المسلمين رغم أن تركيا حليف رئيسي للكيان الصهيوني وعضو مهم في تحالف الناتو. العرب فاشلون في أن يصنعوا ملابسهم و يزرعوا غذائهم والمصانع الوحيدة التي تعمل لديهم هي مصانع الكلام. الولايات المتحدة عندما ترغب في أن تضغط على أي بلد عربي فإنها سوف تقطع عنه صادرات المواد الغذائية خصوصا القمح أو ان ترسل عليهم العواصف والأعاصير كما تتلاعب بالطقس من خلال مشروع هارب ونشر مواد الكيمتريل في طبقات الجو. الصمود في وجه المؤامرات الغربية ولا أقول هنا تحقيق الإنتصار لأن ذلك مستحيل على المدى البعيد له شروط محددة و واضحة ولا يتوفر منها في أي بلد عربي للأسف الحد الأدنى. إن تلك الشروط تشمل عملية إصلاح شاملة للنظام التعليمي تؤدي في النهاية الى إلغاء جميع المدارس والجامعات الخاصة وتأميمها وتحقيق الاكتفاء الزراعي من المحاصيل الحيوية خصوصا القمح وبداية نهضة صناعية حقيقية تبدأ من صناعة أقلام الرصاص والملابس ومواد البناء خصوصا الحديد والصلب والأسمدة الزراعية ومن ثم صناعة الأسلحة والذخائر. المعتقلات والسجون وصناعة الأمن هي المجالات الوحيدة التي نجحت فيها وبلا استثناء جميع الدول العربية التي قد تسجن مواطنا عشرة سنين بسبب تغريدة على موقع تويتر أو تعليق على موقع فيسبوك.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment