Flag Counter

Flag Counter

Monday, April 10, 2023

لمحة تاريخية عن الحرب الباردة

كانت الحرب العالمية الثانية دموية وكارثية بكل المقاييس والمعايير حيث سقط ضحيتها ٧٠ مليون قتيل وكانت نسبة الضحايا المدنيين تزيد عن ٦٠% من إجمالي عدد القتلى. كما أنَّ الحرب العالمية الثانية شهدت مستوى غير مسبوق من الوحشية حيث تم قصف وتدمير مدن مثل دردسن في ألمانيا والعاصمة اليابانية طوكيو وإستخدام القنابل الذرية في مدن هيروشيما وناغازاكي. الإتحاد السوفياتي كان أكبر الخاسرين في الحرب رغم أنَّ الجيش الأحمر تمكن من هزيمة قوات ألمانيا النازية ودخول العاصمة برلين إلا أنَّ عدد الضحايا من مدنيين وعسكريين كان يزيد عن ٢٠ مليون قتيل, الثلث(١/٣) من أراضي الإتحاد السوفياتي أصبح غير صالح للحياة بسبب تدمير القوات الألمانية البنية التحتية أثناء انسحابها, ثلثي(٢/٣) من البنية الصناعية تم تدميرها بالإضافة الى إنتشار الأمراض والأوبئة ونقص المحاصيل والمواد الغذائية.

الولايات المتحدة على العكس تماما, خرجت هي الرابح الأكبر من الحرب, قوة سياسية, عسكرية واقتصادية عالمية تمتلك أسلحة الدمار الشامل نجحت في فرض الدولار الأمريكي عملة احتياط عالمية ومنحت أوروبا قبلة الحياة من خلال تمويل خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا التي بلغت قيمتها ١٣ مليار دولار. الولايات المتحدة كانت تمتلك ثلثي(٣/٢) ذهب العالم وثلاثة أرباع رؤوس الأموال التي يتم استثمارها ومسؤولة إنتاج ٥٠% من السلع والخدمات في العالم. الحرب كانت تعني في الولايات المتحدة الازدهار الاقتصادي حيث كانت الحرب العالمية الثانية هي السبب في إنتعاش الإقتصاد ونهاية أزمة وول ستريت والكساد العظيم(١٩٢٩-١٩٣٣). السياسيون الأمريكيون كانوا يخشون من العودة الى فترة الكساد التي كانت سائدة قبل الحرب حيث أصبح الاقتصاد الأمريكي مدمنا للحروب, إقتصاد الحرب و صناعات عسكرية.

كانت هناك وجهتا نظر رئيسيتان تتصارعان حول دور الولايات المتحدة العالمي خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. وجهة النظر الأولى كان يعتبر عنها هنري لوس(Henry Luce) وهي الهيمنة والسيطرة وأن القرن العشرين يجب أن يكون قرنا أمريكيا بامتياز, بينما وجهة النظر الثانية كانت يمثلها وزير التجارة هنري والاس(Henry Wallace) وهي إنسانية تميل الى تحقيق الرخاء والازدهار للبشرية والابتعاد عن الحروب والصراعات والنزاعات. ولكن ربما كانت هناك وجهة نظر متشائمة يؤمن بها عدد من المحللين والصحفيين والسياسيين الأمريكيين وهي أن ظهور الأسلحة الذرية وإستخدامها في هيروشيما وناغازاكي ربما يعني نهاية البشرية وأن إمتلاك خصوم الولايات المتحدة وأعدائها تلك الأسلحة وربما إستخدامها هي مجرَّدُ مسألة وقت.

الولايات المتحدة كانت تطمح الى الهيمنة العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى ولكنها لم تصرح بذلك في العلن. إتفاقية سايكس-بيكو التي قسَّمت أراضي الإمبراطورية العثمانية بين فرنسا وبريطانيا والتي وقَّع عليها وزير الخارجية الفرنسي جورج بيكو و وزير الخارجية البريطاني مارك سايكس سنة ١٩١٦ ولكن من رسم خطوطها وحدودها وفرضها على الإمبراطورييتين الإستعمارييتين هو الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون ومستشاره العقيد إدوارد هاوس والذي تحدث في يومياته أن الرئيس ويلسون استدعاه الى البيت الأبيض وأنهم قاموا بذلك العمل خلال ساعتين. الحرب العالمية الأولى أدت الى ظهور الولايات المتحدة قوة عسكرية واقتصادية مؤثرة ولكن الحرب العالمية الثانية فرضتها قوة عظمى في العلن وأمام العالم بأكمله.

الولايات المتحدة كانت في حاجة من استمرار ازدهار اقتصادها وهيمنتها على العالم الى عدو حيث وجد السياسيون الأمريكيون بتحريض من بريطانيا ورئيس وزرائها ونستون تشرشل ضالتهم في الإتحاد السوفياتي. السياسة الأمريكية خلال الفترة التي أعقبت الحرب تعمَّدت تجاهل الإتحاد السوفياتي سياسيا وإقتصاديا وبدأت في التصرف نحوه بعدائية. إستخدام القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي كان رسالة مبطنة موجهة الى ستالين شخصيا. وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيرنز هدَّدَ وزير خارجية الإتحاد السوفياتي فاياشسلاف مولوتوف بإستخدام السلاح الذري ضد الإتحاد السوفياتي والنتيجة هي أوامر أصدرها ستالين بامتلاك القنبلة النووية في أسرع وقت ممكن ومهما كلف ذلك من ثمن.

المثير للاستغراب في السياسة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية جيمس بيرنز الذي كان من المفترض أنه يروج للسلام والعلاقات المزدهرة مع الإتحاد السوفيتي, على العكس تماما, كان من مؤيدي سياسة استخدام القوة النووية في النزاعات, بينما وزير الحرب هنري ستمسون كان من معارضي إستفزاز الإتحاد السوفيتي وتهديده بإستخدام الأسلحة النووية لأن ذلك سوف يدفعه الى محاولة الحصول على قنبلته النووية الخاصة به في أسرع وقت ممكن وتلك كانت هي بداية الحرب الباردة والتي قسَّمت العالم الى قسمين: الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية فيما يسمى حلف شمال الأطلسي(الناتو) ودول أخرى في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط في جهة, وفي الجهة الأخرى الإتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية ضمن إطار حلف وارسو ودول أخرى في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا يمارس الإتحاد السوفيتي عليها نفوذا مباشرا أو غير مباشر.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment