Flag Counter

Flag Counter

Friday, April 2, 2021

عن الإنسانية في دول الغرب وإدمان المساعدات في أفريقيا

هناك عدد قليل من الدول الإفريقية التي نجحت في النجاة من فخ المساعدات والقروض القاتل. ولكن الطريق لم يكن دائما ممهدا بل كانت هناك صعاب وعقبات خصوصا أن القوى الإستعمارية الغربية لم تمنح دول إفريقيا استقلالها إلا بعد أن ضمنت مصالحها الإقتصادية خصوصا فرنسا. إن بعض الدول الإفريقية مثل رواندا عانت من حروب أهلية دموية مثل رواندا حيث تم تسريب بعض الوثائق مؤخرا التي تثبت أن فرنسا المتحالفة مع الهوتو في رواندا قد تغاضت عن جرائم الإبادة الجماعية ضد التوتسي ولكن بدون أن تتورط وهي صيغة كلامية في محاولة لإنقاذ ماء الوجه. فرنسا تورطت مباشرة في رواندا وإفريقيا الوسطى ومالي ودول إفريقية أخرى. وقد ذكر الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أن إزدهار فرنسا يعود الى ما نهبته من إفريقيا على مدى قرون. دولة بوتسوانا كانت دولة فقيرة غارقة في الجهل وبدون بنية تحتية وبنسبة أمية مرتفعة حين استقلت عن الإحتلال البريطاني حيث 70% من أراضيها يعتبر صحراء. ولكن بفضل سياسة إقتصادية حكيمة وشفافية في مكافحة الفساد تعتبر من أعلى دول إفريقيا في الدخل الإجمالي للفرد الذي يبلغ متوسط 15 ألف دولار سنويا وهو من أعلى المعدلات في القارة السمراء.

إن مشاكل القارة الأفريقية الاقتصادية يناقشها أشخاص مثل نجم الروك بونو والمصرفي جيفري ساكس وليس أكاديميون ومواطنون من القارة الأفريقية التي تعاني من الحروب الأهلية، الفقر، المجاعة، الأمراض والفساد من بين عدد من المشاكل التي تعاني منها القارة السمراء وتمثل تحديا من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام.  إن أحد التحديات التي تواجهها القارة السمراء هو الإدمان على المساعدات والهبات من دول غربية ومن منظمات غير حكومية ومتبرعين. خلال الفترة من 1960-2010، تلقت دول القارة الأفريقية تريليون دولار على شكل هبات ومساعدات وقروض بفوائد مخفَّضة. وخلال الفترة 1970-2010، بلغت قيمة المساعدات المخصصة للتطوير والتنمية التي تلقتها دول القارة السمراء 300 مليار دولار. وقد بلغ النمو في الدول الأفريقية التي تلقت أكبر نسبة من المساعدات خلال الثلاثين سنة السابقة(1980-2010) نسبة (-0,2%). الفترة التي شهدت أكبر تدفق للمساعدات (1970-1998)، ازدادت نسبة الفقر من 11% الى 66%. إن عقد مقارنة بين عدد من الدول مثل كوريا الجنوبية ودول في القارة الإفريقية حيث رفضت الأولى بداية سنة 1960 المساعدات الدولية بينما قبلتها دول إفريقية والنتيجة كانت معروفة, معدل دخل الفرد في دول إفريقية كان قبل 30 سنة أعلى من معدل دخل الفرد في دول مثل الصين. بينما هناك دول إفريقية مثل بوتسوانا رفضت المساعدات الدولية وتفوقت على جيرانها في معدل الناتج الإجمالي المحلي ودخل الفرد.

الفساد هو أحد أكبر المشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية حيث يتم سرقة أموال المساعدات بانتظام وإيداعها في حسابات في بنوك خارجية. رئيس زائير السابق موبوتو سيسيكو اختلس خلال فترة حكمه التي دامت أكثر من 30 عاما مبلغ 5 مليارات دولار من المساعدات المقدمة الى بلاده وهي مبالغ كافية لتسديد جميع ديون زائير الخارجية. كما أنه بعد اجتماع دولي مع الدول المانحة حيث طالب بتخفيض في فوائد القروض على بلاده، أرسل ابنته في طائرة خاصة من أجل إقامة حفل زفافها الباذخ في دولة ساحل العاج. من بين 10 مليارات دولار تم تقديمها سنة 2003 الى دول القارة الأفريقية، ابتلع الفساد المستشري 5 مليارات تم تحويلها الى حسابات خارجية. نيجيريا وهي دولة أفريقية غنية بثروات طبيعية منها النفط تعتبر بؤرة فساد وحيث تعيث عصابات بوكو حرام فسادا وتشن غارات على القوات الحكومية وتختطف المواطنين. المؤسسات المالية الدولية تعلم عن وقائع الفساد في إفريقيا ولكن لا تحرك ساكنا وليست هناك أي محاولة جادة من من حكومات دول إفريقية في سبيل إستعادة الأموال المنهوبة المودعة في حسابات خارجية. وحتى عندما تجري مثل تلك المحاولات, تواجه الحكومات تعنت البنوك والمؤسسات الدولية المتأمرة مع حكام سابقين حيث تختفي تلك الأموال في شبكة من المصارف وحسابات الأوفشور والجنات الضريبية أو يتم ابتلاعها من حكومات غربية بذريعة مكافحة الفساد كما حصل مع عشرات المليارات من الأموال الليبية المودعة في الخارج التي تبخرت ولم يعثر لها على أثر.

ولكن مشكلة دول القارة الإفريقية لا يمكن اختصارها ببضعة كلمات أو توجيه الإتهامات المعدة مسبقا أو الحديث عن صور نمطية ينشرها إعلام الدول الغربية عن دول ينخرها الفساد ومرض الإيدز والملاريا وضعف البنية التحتية ومعدل وفيات المواليد المرتفع. الدول الأوروبية متورطة عبر تصدير لقاحات وأدوية فاسدة أو اتفاقيات تجارة حرة غير عادلة أو تورط الشركات الغربية في تدبير الانقلابات العسكرية والتدخل في شؤون الدول الإفريقية حفاظا على مصالحها وعلى سياسة الاستغلال ونهب الثروات. لايمكن استبعاد فرنسا ودول غربية أخرى التي استغلت ومازالت مستمرة في استغلال دول أفريقية منذ عقود من المسؤولية عن مشاكل القارة الإفريقية والتغاضي عن تجارة السلاح التي يتم تمويلها خصوصا من أموال الألماس والنفط والثروات الطبيعية في مناطق تسيطر عليها عصابات مسلحة وخارجين عن القانون ومتمردون. هناك شبكة مالية واسعة يديرها مواطنون غربيون تتعاطى كل أنواع الفساد والتجارة الغير الشرعية مثل تهريب السلاح الى الدول الأفريقية مقابل الألماس و امتيازات التنقيب بمعرفة المنظمات والهيئات الدولية وحكومات دول غربية.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment