Flag Counter

Flag Counter

Saturday, October 6, 2018

الإدارة الأمريكية وسيناريوهات التغيير في قطر والسعودية

منذ بداية أحداث ما يسمى الربيع العربي, وقفت موقفا معارضا لتلك التحركات المريبة والتي تتخفى وراء شعارات الحرية وحقوق الإنسان بينما هي على أرض الواقع تتبنى مفهوم الفوضى الخلاقة(Creative Chaos) وهو المفهوم الذي أخرجه لحيز الوجود وزيرة الخارجية الأمريكية خلال فترة حكم الرئيس جورج بوش الإبن, كونداليزا رايس. موقفي من تلك الأحداث واضح فلست أمارس دبلوماسية النفاق والمواقف المزدوجة كما يفعل بعض السياسيين وأذناب الحكومات من المطبلين ورجال الدين ممن كانوا يؤيدون المظاهرات في سوريا ويعتبرونها في تونس ومصر غوغائيات وشغب. وأما إن تنادى البعض للقيام بتلك التحركات في بلدانهم, فتخرج الفتاوي بأن من يقف وراء تلك التحركات مفسدون في الأرض وذالك يعني إطلاق يد الحكومات في تطبيق قائمة من العقوبات قد تصل للإعدام في الساحات العامة ردعا لكل من تسول له نفسه العبث بالأمن ومعارضة الحكومة.
دولة قطر هي أحد الدول التي دعمت وبقوة تحركات الربيع العربي وذالك بعدة طرق: إعلاميا من خلال قناة الجزيرة وصحيفة القدس العربي ووسائل إعلامية اخرى, شبكة دعم المالي لتوفير الإمدادت اللوجيستية لتنظيمات أصولية على رأسها تنظيم  الإخوان المسلمين وتفرعاته على إختلاف مسمياتها وتسخير المنابر في المساجد للدعاية والتحريض على أنظمة عربية خصوصا من خلال خطب الشيخ يوسف القرضاوي الذي حرض الولايات المتحدة على إستخدام القوة في سوريا وطلب منها أن تقف وقفة لله وطمأنها على أمن دولة الكيان الصهيوني. الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما سخر من النظام القطري ووصفه بأنه نظام يدعى الديمقراطية ويروج للإصلاح في بلدان أخرى من خلال قناة الجزيرة ولكنه داخليا لا يطبق أي أجندات إصلاحية.
المملكة العربية السعودية لم تكن بأفضل حالا من جارتها القطرية على الرغم من التلاسن الإعلامي بين الدولتين حيث تتهم كل دولة الأخرى بدعم الإرهاب وتطالب الإدارة الأمريكية بالتصرف حيال ذالك. وأجد أنه من الصعب التصديق كيف
تساهلت وتسامحت جهات رسمية سعودية مع الخطب الدينية المتشددة لرجال دين ومن على منابر المساجد حيث يتم إعتبارهم كموظفين حكوميين وفي برامج فضائيات يتم تمويلها بشكل رئيسي وبطرق مختلفة من خلال رجال أعمال سعوديين التي تحرض على انظمة عربية بعينها وعلى إشعال حروب طائفية في المنطقة. الحكومة السعودية إعتراها الغضب  مؤخرا بسبب ما إعتبرته تدخل كندا في شؤونها الداخلية بسبب إدانة الحكومة الكندية لإعتقال نشطاء سياسيين سعوديين ومطالبتها الحكومة السعودية بإطلاق سراحهم فورا. ولكن في الوقت نفسه, فإن الحكومة السعودية تتدخل بشؤون الدول الأخرى حيث طالب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الرئيس السوري بالتنحي وإلا فالعمل
العسكري, كما أنه يشاع وعلى نطاق واسع أن المملكة العربية السعودية قد تدخلت في تونس ومصر بما عرف بالثورة المضادة خوفا من إمتداد تحركات الربيع العربي إلى السعودية ومطالبتها بإسقاط النظام.
إن المملكة العربية السعودية وقطر ليست ببعيدة عن المخططات الأمريكية لإعادة رسم خريطة المنطقة بموجب مايعرف بإتفاقية يايكس بيكو(2) ومخططات برنارد هنري لويس,  فقد يتم ضم قطر للبحرين وتقسيم المملكة إلى ثلاثة أجزاء مع ضم قسم من الأراضي السعودي لليمن. إن إسقاط نظام الحكم في الدولتين بعد إنتفاء الحاجة الأمريكية لهما وتنفيذ المخططات الأمريكية في المنطقة ليس بالمهمة المستحيلة على الولايات المتحدة المعروفة بتاريخها الطويل بالتخلص من الحلفاء حتى لو كانوا مخلصين لها. دولة قطر تحولت لولاية أمريكية بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث تحتضن أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة وحيث تنطلق الطائرات التي تقصف العراق في الوقت نفسه الذي تبكي قناة الجزيرة ومذيعيها العراقيين ضحايا القصف الأمريكي. الحكومة الأمريكية تستطيع وبدون أي عناء يذكر بتغيير نظام الحكم في قطر وقد قامت بذالك فعلا حيث تنحى حاكم قطر السابق حمد بن خليفة بن حمد أل ثاني  وتولى مكانه إبنه تميم, الأب حمد بن خليفة في السابق قد إنقلب على أبيه خليفة بن حمد أل ثاني وبأوامر أمريكية سنة 1995 في إطار صفقة لها علاقة بتأسيس قناة الجزيرة وبداية تنفيذ مخططات أمريكا لتغيير المنطقة وإعادة تقسيمها.
أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية فإن السيناريوهات التي أعدتها الإدارة الأمريكية لتغيير نظام الحكم متعددة فالولايات المتحدة تمتلك مجموعة من الأدوات للقيام بذالك. أول تلك الأدوات هو الإحتلال العسكري المباشر للمنشئات الحيوية كحقول ومصافي النفط وهو سيناريو تم إقتراحه من قبل وزير الخارجية الأمريكي هينري كيسنجر خلال فترة الحظر النفطي إثر حرب رمضان1973. ثاني تلك الأدوات هو قانون جاستا الذي تم إقراره بالفعل خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما ويمكن إستخدامه لخنق السعودية إقتصاديا عبر إصدار أحكام من المحاكم الأمريكية بدفع تعويضات خيالية لضحايا هجمات 11\سيبتمبر ومصادرة الأرصدة والأصول والممتلكات السعودية في الولايات المتحدة وفرض عقوبات على مسؤولين سعوديين. الأداة الثالثة هي تحريك مظاهرات وإضرابات في السعودية والترويج لها من خلال وسائل إعلام أمريكية وإستخدام سيناريوهات القناصة الأشباح التي تم إستخدامها في تونس, مصر, ليبيا, سوريا وإتهام قوات الأمن السعودية بإستخدام القوة المفرطة لقمع متظاهرين سلميين وإستخدام منظمات وهيئات حقوق الإنسان الدولية للضغط على الحكومة السعودية. السيناريو الرابع هو إشعال صراع سني\شيعي في السعودية وهو أمر لن يكون بصعب الحدوث بسبب الظلم الواقع على الأقلية الشيعية في المملكة حيث يتم تكفيرهم من خلال رجال دين يتبعون المؤسسات الدينية الرسمية ومن خلال القنوات الإعلامية والمواقع على الشبكة العنكبوتية حيث هناك شعور عام بالعداء للشيعة في السعودية وبالتالي إشعال تلك النوعية من الصراعات لن يكون بالمهمة المستحيلة. السيناريو الخامس يعتمد سياسة النفس الطويل ويتلخص بفصل للسلطات في السعودية بإستحداث منصب رئيس الوزراء وتسليمه صلاحيات موسعة مع الإبقاء على منصب الملك كمنصب فخري للإشراف على الشؤون الدينية وإعتبار المنطقة الشرقية حيث الأقلية الشيعية وقسم كبير من أبار النفط كمنطقة إقتصادية خاصة يكون لها رئيس مجلس إدارة يصدر قراراته بدون الرجوع للحكومة المركزية التي تعتبر سيطرتها في تلك الحالة سيطرة إسمية. الأداة السادسة سوف تكون التلاعب بأسعار النفط وهو أداة إقتصادية أخرى يمكن إستخدامها ضد المملكة, فمن الممكن أن تعلن الإدارة الأمريكية قرارها ببيع جزء من الإحتياطي الإستراتيجي أو زيادة كميات النفط الأمريكي المعروضة في الأسواق أو طرح عدد كبير من عقود المستقبليات(Futures Contracts) للبيع في الأسواق العالمية بما يؤدي إلى هبوط حاد في أسعار النفط والتأثير على المملكة من الناحية الإقتصادية.
إن تصرفات الحكومة السعودية والسياسات الداخلية التي تتبعها ومن خلال إصدار قوائم بأحكام الإعدام ضد معارضيها وبدون أي محاكمات علنية تتوفر فيها أدنى شروط النزاهة والشفافية فإنما تجعل إحتمالية تطبيق أحد تلك السيناريوهات أمرا ممكن الحدوث. النظام القضائي في السعودية قديم قدم تأسيس المملكة على يد عبد العزيز أل سعود ولم يتم تحديثه ليواكب تطورات العصر ولا المكانة العالمية التي من المفترض أن السعودية تشغلها فهي تشارك في إجتماعات قمة العشرين وتعتبر أكبر منتج للنفط في العالم, المحاكم السعودية تصدر أحكام بالتفريق بين زوجين بناء على عدم تكافئ النسب وذالك أمر ليس له مرجعية في نصوص القرأن الذي تروج الحكومة السعودية أن مصدر القانون وتشريعات الحكم لديها. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هز عصا تويتر الغليظة الخاصة به وعبر عن عدم رضاه عن إرتفاع أسعار النفط حيث تتهيئ الأسعار لتجاوز حاجز 80 دولارا للبرميل مما يعني إحتمال إستعداد الإدارة الأمريكية لتطبيق أحد السيناريوهات للتلاعب بأسعار النفط بما يضر بإقتصاد المملكة ويدفع الحكومة السعودية لفرض المزيد من الضرائب وزيادة الأسعار مما سوف يؤدي مع مرور الوقت إلى إحتجاجات شعبية واسعة. المملكة العربية السعودية هي أكبر منتج للنفط في العالم ولكن يقال أن الولايات المتحدة تجاوزتها مع خلال التوسع في إنتاج النفط الصخري وأنها لم تعد تعتمد على واردات النفط من الشرق الأوسط, السعودية على وجه الخصوص, مما خلصها من أي تبعات سياسية لأي تصرف تجاه المملكة أو أي سيناريو تقرر الإدارة الأمريكية أنه قد حان الوقت لتطبيقه.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment