Flag Counter

Flag Counter

Saturday, February 17, 2018

هل تعيش الحضارة الغربية المرحلة النهائية من التدمير الذاتي؟

هناك نقاش حاد حول إقتناء السلاح يدور الأن في الولايات المتحدة إثر حادثة إطلاق نار في إحدى مدارس ولاية فلوريدا الأمريكية ذهب ضحيته 17 طالبا ومدرسا وعشرات الجرحي بعضهم في حالة خطرة. لم يثر إستغرابي ذالك النقاش فهو متكرر بعد كل حادثة إطلاق نار جماعي أو جريمة قتل فطرفا النقاش هما لوبيات شركات تصنيع الأسلحة خصوصا الفردية كالمسدسات وجماعات تقف على الضفة الأخرى تدافع عن حق الأمريكيين في حياة أمنة وتطالب بتقنين إمتلاك السلاح وإصدار التشريعات اللازمة بذالك الخصوص. يذكرني ذالك النقاش بجملة في فيلم (Romeo Must Die) للمطرب ومغني الراب الأمريكي Earl Simmons المعروف بإسم الشهرة DMX:"Guns don’t kill people, people kill people." تصنيف الجريمة في وسائل الإعلام الأمريكية كان جريمة إطلاق نار وقتل جماعي(Homocide) وليس جريمة إرهابية. كما أنه وفي محاولة للفت الأنظار عن الجريمة البشعة فقد تم نشر مزاعم عن علاقة بين المجرم ومنظمة تؤمن بتفوق العرق الأبيض على الرغم من أن أغلب ضحايا ذالك المجرم هم من الطلاب والأساتذة البيض وليس المهاجرين أو من خلفيات عرقية أخرى.
هناك ثلاثة مشكلات تواجه أي حكومة في العالم ولا يمكن إستئصالها مهما كانت الموارد المخصصة لذالك: المخدرات, الدعارة والسلاح. سوف أتفق مع الرأي القائل بإمكانية الحد منها ولكن إستئصالها, الجواب بالنفي. علينا أن نعلم أنه منذ اللحظة التي وجد فيها الإنسان على وجه البسيطة فإنه كان يبحث عن أمرين إثنين: المتعة والحماية. وإن أول سلاح تم إستخدامه في تاريخ البشرية هو الحجر الذي يقال أنه قابيل قتل بواسطته أخاه هابيل فلعنه الله ولعن نسله إلى يوم الدين وأعطاه علامة تكون عليه لعنة لكي لا يقتل بدم أخيه. إن مشكلة السلاح في الولايات المتحدة تحولت إلى صراع يهدد ليس أمن وسلامة المواطنين الأمريكيين بل وجود الولايات المتحدة ومستقبلها كأمة.
هناك عدد من الإشارات التي تدل على إنتشار عدم الثقة بين المواطن وحكومته. ولعل أحد أهم تلك الإشارات هي إتجاه المواطنين لإقتناء السلاح نتيجة عدم ثقتهم بقدرة الحكومة ممثلة بالشرطة والقوات المسلحة على حمايتهم. تلك الظاهرة نجدها على وجه الخصوص في دولة كالولايات المتحدة التي قامت على تحويل قوات الشرطة إلى قوات شبه عسكرية مزودة بأحدث الأسلحة والمصفحات والذخائر بما يثير تسائلات من الأمريكيين عن الدوافع لذالك. كما أنني قرأت ان وزارة الأمن الداخلي الأمريكي قامت بشراء أكثر من 300 مليون طلقة متنوعة, فهل تستعد الوزارة المسؤولة عن حماية امن المواطن الأمريكي والتي تعادل وزارة الداخلية في الوطن العربي لإضطرابات على مستوى يعادل حرب داخلية أو حرب اهلية؟ وعلينا أن لا ننسى أن هناك أخبار تتواتر من أكثر من مصدر عن إفتتاح وكالة فيما الأمريكية(FEMA - Federal Emergency Management Agency) عددا من معسكرات الإعتقال خصوصا في مقرات متاجر البيع بالتجزئة التي تم إغلاقها في الولايات المتحدة في عدة ولايات أمريكية.
إن عدوى عسكرة قوات الشرطة المحلية تحولت إلى ما يشبه الوباء حتى وصلت إلى دول ككندا التي قامت بعض حكوماتها المحلية ببث إعلانات مدفوعة على وسائل الإعلام المحلية في محاولة منها لتجنيد المزيد من العناصر البشرية في صفوفها. قوات الشرطة في تلك الإعلانات تحولت لقوات شبه عسكرية مزودة بأحدث الأسلحة والمعدات في تناقض وتعارض مع الدور المتعلق بمكافحة الإرهاب والذي تختص به وكالة الشرطة الفيدرالية(RCMP). بينما من الممكن أن نعقد مقارنة مع دول كبريطانيا أو السويد التي تجد من النادر أن تقوم شرطتها بحمل السلاح إلا أن تكون وحدات متخصصة في التعامل مع الحالات الخطرة حيث يقتصر دور الشرطي في تلك الحالة بالإبلاغ عن تلك الحالة الطارئة والحفاظ على سلامته الشخصية.
إن الصراعات الداخلية التي تعيشها الدول الغربية خصوصا الولايات المتحدة سوف تؤدي بالنهاية إلى سقوطها. تلك الصراعات مصدرها النقاش حول مسائل كإمتلاك السلاح واللامساواة وإنتشار الفساد وتحيز النظام القضائي. التجاذبات والإستقطابات حول تلك المسائل أدى إلى تمزيق هوية المجتمعات الغربية. ففي الولايات المتحدة أصبح من الواضح إتساع الرتق بما لا يمكن إصلاحه مع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض كالرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية. هناك دول غربية أخرى تعاني من النقاش حول مسألة الهوية القومية والهجرة مما أدى إلى تنامي شعبية التيارات المتطرفة(الشعبوية) التي تؤمن بتفوق العرق الأبيض. ولعلنا نلاحظ ماحصل مؤخرا في دولة كالولايات المتحدة حيث وصلت حدة النقاش حول مسألة الهجرة للكونجرس الأمريكي الذي عجز عن إقرار الميزانية بسبب الإختلاف حول مسألة الهجرة ليس فقط بين الديمقراطيين والجمهوريين بل بين الرئيس الأمريكي ونواب حزبه الجمهوري الذين لا يقفون معه صفا واحد خصوصا في تلك المسألة. في السويد هناك تصاعد للهجمات الموجهة ضد العرب والمسلمين. في الدانيمرك وصلت حكومة يمينية للحكم وتقوم بإصدار القرارات التي تقوم على التضييق على اللاجئين والمهاجرين.
الحضارة الغربية لم يتبقى منها غير هيكلها الخارجي فقد نخرت من الداخل بسبب الفساد والإنحلال الأخلاقي, المخدرات, السلاح, إرتفاع مستوى الجرائم, موجة الهجرة وغير ذالك الكثير وهي أمور تبقى خامدة كالنار تحت الرماد وما تلبث أن تشتعل حين يتجه الوضع الإقتصادي للإنحدار فترتفع مستويات البطالة ولا يجد السياسيون وسيلة لإلهاء مواطنيهم إلا فتح باب النقاش حول مسائل كالهجرة وإمتلاك السلاح. السؤال هو ليس عن إنهيار الحضارة الغربية بل عن توقيت ذالك الإنهيار وعمن سوف يشغل الفراغ الذي سوف تتركه إنهيار المدنية الغربية والحضارة الغربية. هل هناك بدائل؟ العرب على سبيل المثال, هم انفسهم في حالة إنحدار أخلاقي وديني منذ مئات السنين وليس منذ سنين قليلة ولا يمتلكون أي عنصر من عناصر الحضارة فأغلب الدول العربية هي دول غير منتجة. هل هي الفوضى التي يستعد لها الجميع هذه الأيام ويحذرون منها؟ سؤال سوف يبقى برسم الإجابة فسنة 2018 بدأت بداية ساخنة جدا ولا تبشر بالخير خصوصا من الناحية الإقتصادية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment